الاستسلام مرفوض.. شعار رفعته سارة محمد، فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة بمحافظة بورسعيد، رافضة إطلاق لقب "معاقة" عليها ومتمسكة بالأمل في الحياة وتحقيق حلمها لتصبح أول عارضة أزياء من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدينة الساحلية، متحدية التنمر ودعوات الاستسلام للواقع. التقت "البوابة نيوز" ب"سارة" أثناء استعدادها لعرض أحد فساتين الزفاف لرصد المعاناة التي تواجهها متحدية إعاقتها وكرسي متحرك رفضت أن يعيقها عن تحقيق حلمها، وبنبرة ثقة وفخر بنفسها قالت:"لدي 25 عامًا، ولقد ولدت بضمور في النخاع الشوكي حيث إنه لا يوجد لدي الفقرتين 13 و14 المسئولتين عن الحركة والمثانة البولية، مما أدى إلى عدم قدرتي على المشي ومعاناتي من التبول لا إراديا، وأجريت عدة عمليات أعاقتني عن دخول المدرسة، وعندما أنهيت العمليات الجراحية وكبرت، قررت ألا استسلم لإعاقتي وأن يكون لي كيان خاص، فحصلت على شهادة محو الامية وواصلت تعليمي وحاليًا أنا بالصف الثالث الإعدادي". وتابعت حديثتها: خلال الفترة الماضية التحقت بالعمل بأحد مصانع المنطقة الصناعية ببورسعيد وكنت أحصل على 900 جنيه فقط شهريًا، وبعد 6 أشهر من العمل بالمصنع استدعوني وجعلوني أوقع على عدة أوراق كنت أظن في باديء الأمر أنها لتجديد العقد لكنني فوجئت بإعطائهم لي ورقة باستقالتي، وعندما أخبرتهم أنني لا أريد الاستقالة فأخبروني بانتهاء مدتي وأنني لا ألزمهم فأخذت أوراقي وذهبت للمنزل، ولكني لم أستسلم ولم أسمح لليأس من التملك مني، فجاءت لي فكرة أن أكون عارضة أزياء كنوع من الطاقة الإيجابية التي تشعرني أنني أقوم بشيء مفيد وجديد، فضلًا عن أنني سأكون أول فتاة لذوي الاحتياجات الخاصة تقوم بها، وسوف تسعد العديد من الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة وتعطي لهم نوع من الأمل لتحقيق أحلامهم، ورغم أنني كنت أخشى التنمر وردود الفعل السلبية إلا أنني قبلت التحدي وتوكلت على الله، وقمت بنشر الفكرة على فيس بوك، فاستجابت لي سيدة صاحبة أتيليه شهير ببورسعيد، فلقد كانت أول من استجابت ودعمت فكرتي ووفرت لي الفستان، وقمنا بعمل أول (سيشن) تصوير، وبعد نشره هناك من استجاب وشجعني وهناك من تنمر على وهناك من أحاطني بتعليقاته السلبية، ولكنني لم ألتفت للسلبيات وأخذت بالايجابيات وأكملت وسأكمل طريقي وتعليمي فأنا مصرة على ذلك بالرغم من تعبي الشديد". واختتمت حديثها قائلة:" أنا لا أيأس، فأنا لست معاقة، فالإعاقة إعاقة القلب وإعاقة العقل وليست إعاقة الحركة، أنا مبسوطة بإعاقتي وهي فخر بي وأستطيع أن أقوم بأي شيء فلا يوجد أي شيء مستحيل، فالامر ليس مجرد فستان ولكن رسالة لذوي الاحتياجات بأنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل، وأنا أناشد والدي الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يتبني حلمي، فأنا أثق فيه وفي رعايته لذوي الاحتياجات الخاصة وإيمانه بقدراتهم وحقوقهم". وبحماسة شديدة تحدثت "ابتسام كامل"، والدة سارة، قائلة:"فخورة بابنتي البطلة، فلقد أخذت رأيي في أن تصبح عارضة أزياء من منطلق إيمانها أن الإعاقة ليست إعاقة الجسد، وتريد أن تكون مشهورة وتعتمد على نفسها وأن يدعمها المؤمنين بحلمها وحقها، فوقفت بجانبها وشجعتها وقمت بدعمها، وهي تتمنى أن ينظر إليها الأب الذي تعشقه بشدة رئيس الجمهورية، كابنة من أبنائها ضمن اهتمامه المستمر بذوي الاحتياجات الخاصة، فالمعاق يحلم بأن يكون له ذاته ومستقبله"، مطالبة ابنتها بألا تحزن ولا تلتفت لأي أحد ينتقدها. وأكدت نرمين محمد، أخت سارة، أن اختها الكبيرة "سارة" كان حلم حياتها أن تصبح عارضة أزياء، وأنها شجعتها على الفكرة وتحقيق حلمها بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي ليعرفها الناس وبالفعل كان هناك ردود فعل إيجابية وتجاهلت بقوتها وعزيمتها التعليقات السلبية، معربة عن ثقتها في الله تعالى وأختها أنها ستحقق حلمها وتصل له بدعم الناس والإعلام، ومتمنية أن تصبح أفضل "موديل" في العالم العربي وكأول عارضة أزياء من ذوي الاحتياجات الخاصة فهي تملك فريق عمل من المتطوعين المؤمنين بحلمها، وإرادتها نحو تحقيقه، وحول ذلك تقول، صاحبة "أتيليه" لفساتين السيدات: "تواصلت مع سارة التي كانت متخوفة من تلك الخطوة وتخشى من تعرض الفستان للقطع فطمأنتها وأخبرتها أن المحل محلها وأنها تتحمل المسئولية، وبالفعل عندما حضرت وأرتدت الفستان كان عليها جميل جدا وسعادتها بالغة، ونشرنا صورها على فيس بوك، فإرادتها القوية جعلتني أؤمن أنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل، خاصة مع تمسكها بالاستمرار رغم تنمر البعض وتعليقات الأخرين السلبية"، مضيفة:"سارة تتمنى أن يصل صوتها للرئيس عبد الفتاح السيسي، من منطلق حبنا الشديد جميعًا له، فهي فتاة لديها أمل وإصرار وشخصية جميلة، فلقد أعطتني دافع عجيب في أن أقف بجانبها". ياسمين أحمد، ميكب أرتيست، تحدثت عن مشاركتها في تحقيقة حلم أول عارضة أزياء من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة على أنها فور مشاهدتها للفكرة وحلم "سارة" المنشور على صفحة مدام "شيماء"، تواصلت معهم على الفور، وأخبرتهم أنهت تتشرف بالتطوع لعمل الميكب، ومساعدتها في تحقيق حلمها، مثلما كان حلم حياتها أن تصبح "ميكب أرتيست" عالمية يومًا ما وبدأت بالفعل الطريق نحو تحقيق حلمها لاسعاد كل فتاة تريد أن تفرح وتظهر بشكل يفرحها ويرضيها، مضيفة:" لذلك قررت مساعدتها والوقوف بجانبها لايماني بحلمها، وأتمني أن يدعمها الجميع وتصبح أشهر عارضة أزياء في بورسعيد والعالم العربي، فالإعاقة ليست إعاقة الجسد ولكن علاقة القلب". مادي حسني، مصور، قال:"تعرفت على سارة عن طريق صاحبة الأتيليه التي أخبرتي عن قصة سارة وحلمها، فلم أتردد وقررت التعامل معها، وكان قلبها طيب جدا وطموحة بشدة، وكانت أسعد لحظات حياتي وأنا أقوم بتصويرها ورد فعلها على الصور كان جميلا، ولم أشعر بأي ملل وأنا أقوم بتصويرها، وأتمنى لها أن تكون أحسن موديل وأن يكون لها مكانة كبيرة تستحقها في المستقبل".