بعودة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى بلاده الليلة الماضية، باتت الجزائر تنتظر حسم ستة ملفات ظلت معلقة طوال شهرين قضاها الرئيس تبون في رحلته العلاجية بألمانيا للعلاج من الإصابة بفيروس كورونا. فالرئيس تبون الذي عاد أمس سالما إلى الجزائر، سافر قبل 3 أيام من الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تبناها ووعد بها في برنامجه الانتخابي، حيث وكل السيدة قرينته بالتصويت بدلا منه في الاستفتاء، الذي أظهر تأييدا شعبيا كبيرا للتعديلات الدستورية التي وافق عليها الشعب بنسبة 66.8%. ورغم تلك الموافقة الشعبية إلا أن التعديلات الدستورية لم تدخل حيز التنفيذ، بسبب عدم توقيع الرئيس تبون عليها لكونه في رحلة علاجية، لذلك يعد التوقيع على المرسوم الرئاسي الخاص بالتعديلات الدستورية من أوائل الملفات العالقة التي تنتظر الرئيس تبون. وكان محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر قد صرح قبل يومين بأنه لا يوجد موعد قانوني لتصديق الرئيس تبون على التعديلات، حيث يمكن أن يوقع عليها في أي وقت. ويعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية تحقيق لمطلب جديد للحراك الشعبي الذي شهدته البلاد العام الماضي، وأجبر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في أبريل 2019 بعد 20 عاما قضاها في حكم البلاد. كما يعد الاستفتاء تنفيذا لأول بند في الحملة الانتخابية للرئيس عبد المجيد تبون الذي تعهد بتعديل الدستور فور وصوله للحكم، وهو ما نفذه بالفعل. وشكل الرئيس تبون عقب توليه الرئاسة لجنة من الخبراء القانونيين تضم 17 عضوا برئاسة الخبير القانوني الدكتور أحمد لعرابة عكفت على مدار أكثر من شهرين على دراسة وإعداد التعديلات الدستورية المقترحة، وبالفعل سلم لعرابة مشروع التعديلات الدستورية للرئيس تبون في مارس الماضي، تمهيدا لطرحها للنقاش المجتمعي العام، إلا أن انتشار وباء فيروس كورونا أجل تلك الخطوة حتى شهر يونيو الماضي. وتتضمن التعديلات الدستورية المقترحة، استحداث عدد من النصوص والمواد غير المسبوقة في التاريخ السياسي الجزائري منها توسيع صلاحيات رئيس الحكومة على حساب صلاحيات الرئيس بدلا من اعتماد منصب الوزير الأول كمنسق شكلي للفريق الوزاري، وإمكانية مشاركة الجيش الجزائري في مهام خارج الحدود لحفظ السلام تحت مظلة الأممالمتحدة أو الاتحاد الافريقي، شريطة موافقة البرلمان. كما نصت التعديلات الدستورية المقترحة على قصر الرئاسة على مدتين فقط، وكذلك عضوية البرلمان، مع إلغاء حق الرئيس في التشريع بأوامر خلال العطل البرلمانية، واستحدثت تأسيس محكمة دستورية تحل محل المجلس الدستوري مع منحها حق الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية، وتكريس اختصاصها بالنظر في مختلف الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية بعد إخطار الجهات المختصة. ويعد توقيع قانون المالية 2021 (الموازنة العامة للدولة) ثاني الملفات المعلقة التي تنتظر الرئيس تبون، بعد أن البرلمان بغرفتيه، مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، مشروع القانون، وبات ينتظر توقيع الرئيس عليه ليدخل حيز التنفيذ. ويتوقع قانون المالية لسنة 2021 نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي بنسبة 4 بالمائة بعد تراجعه بنسبة 6ر4 بالمائة حسب تقديرات اغلاق سنة 2020، وبخصوص النمو خارج المحروقات، فانه يتوقع ان يبلغ نسبة 4ر2 بالمائة في عام 2021، كما يتوقع أن ترتفع النفقات الإجمالية للميزانية المتوقعة من 7.372,7 مليار دينار في قانون المالية التكميلي ل 2020 إلى 3ر8113 مليار دينار (10 بالمئة) في 2021، كما يتوقع أن يرتفع عجز الميزانية خلال 2021 الى 57ر13 بالمئة من الناتج الداخلي الخام مقابل 4ر10 بالمئة في قانون المالية التكميلي ل2020. ويعد تعديل قانون الانتخابات هو ثالث الملفات العالقة التي تنتظر الرئيس الجزائري، حيث شكل الرئيس تبون في سبتمبر الماضي لجنة قانونية برئاسة الخبير القانوني أحمد لعرابة لتعديل القانون المتعلق بالنظام الانتخابي، وخلال رحلته العلاجية وجه الرئيس تبون كلمة للشعب الجزائري في 13 ديسمبر الجاري، كلف فيها أعضاء اللجنة بالانتهاء من إعداد مشروع القانون الجديد خلال 10 – 15 يوما لاستكمال الإصلاحات التي بدأت بتعديل الدستور. أما رابع الملفات التي تنتظر عودة الرئيس تبون لحسمها هي الانتخابات التشريعية والمحلية المبكرة التي أعلن اعتزامه إجراؤها عقب تعديل الدستور وقانون الانتخابات. في مقابلة مع وسائل إعلام محلية في 20 سبتمبر الماضي، قال تبون إن "تشكيل اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الانتخابات يهدف إلى تسريع وتيرة الإصلاحات السياسية"، معربا عن أمله أن يتم تنظيم انتخابات برلمانية قبل نهاية العام الجاري، إلا أن إصابته بالكورونا وسفره للعلاج أجل تنفيذ ذلك. أما خامس الملفات التي تنتظر الرئيس تبون فقد يكون إجراء تعديل وزاري على حكومة عبد العزيز جراد، التي طالت عددا من وزرائها انتقادات شعبية، بالإضافة إلى أن تعديل الدستور وتعديل قانون الانتخابات قد يعطي الرئيس تبون مبررا لإجراء تعديل على الحكومة. وشكل جراد الحكومة في يناير الماضي، وأجرى الرئيس تبون تعديلا وزاريا عليها في يونيو الماضي. وتعد أزمة فيروس كورونا، هي الملف السادس التي على الرئيس تبون حسمه، حيث كلف تبون رئيس حكومته عبد العزيز جراد بالاجتماع مع اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا لشراء اللقاح والبدء في عملية التطعيم خلال شهر يناير المقبل. ورغم اجتماع جراد باللجنة إلا أنه لم يتم الاستقرار بعد على المصل الذي ستشتريه الدولة الجزائرية، وسط مفاوضات مختلفة مع الدول المنتجة للقاح، حيث أجرى جراد خلال اليومين الماضيين اتصالين هاتفيين مع كل من رئيسي وزراء الصين لي كيكيانغ وروسيا ميخائيل ميشوستين، دون الإعلان عن التوصل لاتفاق لشراء أي لقاح حتى الآن.