تحل اليوم الأربعاء ذكرى وفاة رائد القصة القصيرة الكاتب والقاص "يحيى حقي"، أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته الكثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية كما تتلمذ على يديه الكاتب الكبير إبراهيم أصلان وكان من أبرز تلاميذه. وُلد يحيى محمد حقي في 17 يناير 1905، ونشأ بحي السيدة زينب، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وشب في مناخ مشبع بالأدب والثقافة، وكان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة. قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، عن يحيى حقي: "كان رجل شديد الدهاء وخفيف الظل"، ومدين له بأنه من نشر أول دراسة نقدية لي والتى كانت عن صلاح عبدالصبور في مجلة "المجلة" حين كان رئيس تحريرها، وبعد هذه الدراسة واطلاعه عليها نصحني بأن أسير في هذا الطريق وأخذت بنصيحته". كان حقي،، صاحب أطروحات نقدية عميقة دون تعقيد، ومستنيرة بلا شطط، وساخرة وصريحة دون أن تدمى أو تجرح، بجانب القدرة على تحليل العمل نقديًا من داخله لتصير أعماله النقدية "أنشودة البساطة"، وهو عنوان الكتاب الذي حوى مقالاته النقدية عن القصة القصيرة في ستينيات القرن العشرين؛ كذلك له كتاب نقدي هام هو "فجر القصة المصرية"، وهو بمثابة تأصيل مبكر للأسس الفنية للنقد الأدبي لفن القصة. في كتابه "هموم ثقافية" تصدى لقضايا مهمة ومتجددة حتى إنها ما زالت تطرح حتى اليوم مثل تعريف الثقافة والمثقف ودوره في المجتمع ودور اللغة كوعاء للفكر ومعنى كلمتي الأدب والأديب وعلاقة الحاضر بالماضي واشكاليات الترجمة فيما أكد أن حلمه الكبير يتمثل في محو الأمية بمصر، فهو ابن الطبقة الوسطى. ومن أشهر أعمال "يحيى حقي": مجموعته القصصية "دماء وطين"، و"قنديل أم هاشم"، و"يا ليل يا عين"، و"أم العواجز"، و"خليةا على الله"، و"عطر الأحباب"، و"تعالى معي إلى الكونسير"، و"كناسة الدكان". وتُرجمت بعض قصص حقي إلى الفرنسية، فترجم "شارل فيال" قصة "قنديل أم هاشم"، وترجم "سيد عطية أبو النجا" قصة "البوسطجي"، وقدمت تلك القصة الأخيرة في السينما وفازت بعدد كبير من الجوائز. نال "يحيى حقي" أكثر من جائزة في حياته الأدبية، من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، كما منحته الحكومة الفرنسية وسام فارس من الطبقة الأولى عام 1983، كما نال العديد من الجوائز في أوروبا وفي البلدان العربية، منحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراة الفخرية؛ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة عشرة؛ جائزة الملك فيصل العالمية فرع الأدب العربي. وتوفي "يحيى حقي" في 9 ديسمبر 1992 عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد رحلة معاناة مع المرض.