تتلاعب تركيا وحليفتها إيران بملف المياه ليشكلا معًا أداة ضغط على العراق، غير معنيين بما يخلفه بناء سدودهما على نهرى دجلة والفرات من عطش للعراقيين، وتصحر للأراضى الزراعية، تتناقص معه السلة الغذائية لبلاد الرافدين. وفى محاولة رسمية لمواجهة ذلك، قررت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقى في 13 سبتمبر 2020 تشكيل وفد برئاسة وزير الموارد المائية، مهدى الحمدانى، للتفاوض على ملف المياه مع تركياوإيران؛ لمنع حدوث جفاف بالبلاد، وتصحر الأراضى الزراعية، وإيقاف فرص بناء سدود جديدة. أشار وزير الموارد المائية العراقى، مهدى الحمدانى في تصريحات له منتصف يوليو 2020، إلى أن مقدار المياه المتدفقة من أنقرة، انخفضت بمعدل 50٪ جراء السدود. وبدأت أزمة المياه العراقية تتصاعد منذ عام 2018؛ جراء إصابة الآلاف من مواطنى البصرة بحالات تسمم نتيجة تلوث مياه الأنهار، ما عزز الانتقادات الداخلية ضد نظامى أنقرةوطهران غير المكترثين بحق البشر والشعوب في البقاء، على اعتبار أن الماء هى مصدر الحياة. وفى 10 يوليو 2020، أفاد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية بالعراق، عونى ذياب بأن الوزير يحاول عبر لقاءات مع السفير التركى إعادة التفاوض بشأن ملف المياه، ويصاحب ذلك محاولات موازية مع طهران، إذ تمثل المياه المتدفقة من تركيا ما يقارب ال90٪ من مياه نهر الفرات في حين تمثل المياه الواردة من إيران 17٪ من ثروة نهر دجلة. وتسعى بغداد لتحديد حصتها من المياه بما يضمن حقوق شعبها، بينما تماطل أنقرة في حسم الملف، فبحسب ذياب تسعى أنقرة لإطالة مدة التفاوض حتى تنتهى من إكمال جميع مشروعاتها بما يضر مصلحة العراق، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات ذات الصلة التى أجريت العام الماضى 2019 لم تسفر عن أى اتفاقيات ضامنة لحقوق بغداد. تمتلك تركيا عدة سدود على نهر الفرات منها «سد أتاتورك» في منطقة «أورفة» وبدأ تشغيله في مطلع التسعينيات من القرن الماضى، وسد «كيبان» الذى يعمل منذ عام 1974 بسعة تخزينية تتعدى ال30 مليار متر مكعب، أما سدود نهر دجلة فكان آخرها سد اليسو المشيد على المنطقة الحدودية لمناطق «ماردين» و«شرناق» وافتتح في 2018، ويعتبر من أكبر السدود، وواحد من ضمن المشروعات المائية بالأناضول التى تتخوف بغداد من انتهائها بما يقضى على حصتها المائية. ومن جهتها تطل إيران على روافد نهر دجلة، وتتحكم بها عبر عدد من السدود يتسبب في انخفاض الحصة الزراعية لبغداد، إذ شيدت طهران سدودًا على نهر «الوند» و«كارون» إلى جانب مشروعات مائية أثرت على مجرى المياه في نهر «سيروان» و«الكرخة». يقول الباحث العراقى المختص بالشئون العسكرية هشام العلي: إن تركياوإيران يتعاملان مع منابع مياه الأنهار على أنها ملكية خاصة لهما، ومن ثم يشيدان السدود على نهرى «دجلة» و«الفرات»؛ ما يؤثر على كمية المياه المتدفقة إلى العراق، إلى جانب تغيير مجارى الأنهار، وبرأيه تسعى أنقرة للاستحواذ على كميات المياه بأكملها في ظل تردى الأوضاع الداخلية. ويشير الباحث إلى أن مساعى كل من أنقرةوطهران هددت الرقعة الزراعية للعراق، وقلصت من نسبة المحاصيل الزراعية؛ ما أسهم في تحويل البلاد لسوق تجارى للثمار التركية، ما ينعش اقتصادها، ويهدد الأمن الغذائى لبلاد الرافدين.