سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المجانية الكاملة في التعليم.. حلم المصريين تحققه الثورة.. جمال عبدالناصر: أريد لأطفالي وأطفال العالم العربي تعليمَا متحضرَا.. و"الإصلاح الزراعي" حكاية إنصاف الفلاح المصري
إننى أريد لأطفالى ولأطفال العالم العربى الفرص التى تتاح لأطفال العالم المتحضر في أوروبا مثلا؛ إنهم يريدون الطعام والتعليم، وفوق كل هذا احترام الذات، وذلك هو سبب الثورة"، هكذا لخص جمال عبد الناصر سياسته ورؤيته للتعليم، في حديث لجريدة التايمز النيوزيلاندية في 16 نوفمبر 1958. ومنذ بداية ثورة 23 يوليو المجيدة، اهتم زعيمها جمال عبدالناصر بإرساء قواعد التعليم الحديث في مصر، ورأى أنه حق لكل مواطن، وواجب على الدولة توفره للمواطنين. لذلك رأت الثورة أن تلغى عن وزارة التربية والتعليم اسم "المعارف" ليكون اسمها الجديد تعبيرًا عما تفهمه الثورة من هذه الوزارة، لذا تم تغيير اسمها إلى "التربية والتعليم". وبحسب الدكتورة هدى عبدالناصر ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فإن الأهداف العامة للسياسة التعليمية تبلورت في العيد الثالث للثورة في 22 يوليو 1955، حيث أعلن عبدالناصر عن توفير فرص متساوية لجميع أبناء الشعب لكى يأخذوا قسطًا متساويًا من التعليم الابتدائى المجاني، ووضع لذلك برنامجًا لإعداد نحو 4 آلاف مدرسة و40 ألف معلم ومعلمة وذلك في نحو 8 أعوام. كما تم في نفس الوقت وضع برنامج لإرسال المبعوثين في بعثات صيفية وأخرى طويلة في كل أنحاء العالم. وفى عام 1956 صدر الدستور وتم الاستفتاء عليه في 22 يونيو، ونصت المادة 48 على أن التعليم حر في حدود القانون والنظام العام والآداب، وقد وردت بالنص من قبل في دستور 1923. أما الجديد هنا فهو ما نصت عليه المادة 49 من الدستور، حيث جعلت التعليم حقًا للمصريين جميعا تكفله الدولة؛ بإنشاء مختلف أنواع المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتوسع فيها تدريجيا. وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدنى والعقلى والخلقي. كما نظمت المادة 50 من الدستور، إشراف الدولة على التعليم العام وتنظيم القانون شئونه، وهو في المراحل المختلفة بمدارس الدولة بالمجان في الحدود التى ينظمها القانون. كما نصت المادة 51 على أن التعليم في مرحلته الأولى إجبارى وبالمجان في مدارس الدولة. زيادة في أعداد المدارس في حديث مع مجلة بليتز الهندية، في 17 أبريل 1959، قال جمال عبدالناصر: "إننا ننشئ ثلاث مدارس جديدة كل يومين، والحق أن ما حققناه في ميدان التعليم مدهش وجدير بالدراسة، وأنا وزملائى نتابع موكب التطور العالمي، خصوصًا في البلاد التى تتشابه ظروفها مع ظروفنا؛ كالهند والصين مثلًا، ثم نقوم بدراسة مقارنة لمختلف المشكلات والحلول الموثوق بها". وما يؤكد دقة كلام عبدالناصر، هى الدراسة التى قام بها أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنيا الدكتور صابر الدكروري، التى رصدت مصروفات الدراسة الجامعية في مصر عام 1940، حيث كانت 20 جنيهًا للآداب و45 جنيهًا للطب والتجارة 25 جنيهًا في العام الواحد؛ بينما كان متوسط دخل الأسرة المتوسطة ما يقرب من 490 قرشًا للإعاشة، وبما يؤكد به أن التعليم الثانوى والجامعى كان مقصورًا على القادرين وحدهم. وأكد الدكرورى في دراسته الصادرة في 2019، أن عدد طلاب التعليم الابتدائى وصل عددهم في عام 1965 إلى نحو 3 ملايين و417 ألف تلميذ، مقابل مليون و392 ألفًا عام 1952. وأشار إلى أنه رغم زيادة أعداد الطلبة بالتعليم الثانوى العام، حيث وصل عدد المقيدين به عام 1969 نحو 292 ألفًا و109 طالبًا مقابل 109 آلاف و711 طالبًا عام 1953؛ إلا أن نسبة القبول بالثانوى العام تناقصت، حيث كانت في عام 1953 نحو 84.5٪ تناقصت إلى 54.8٪ عام 1969. ولفت الدكرورى في دراسته إلى زيادة نسبة القبول بالتعليم الثانوى الفنى من 15.5٪ عام 1952 إلى 45.2٪ عام 1969، ويرجع ذلك إلى اتجاه الدولة للتصنيع وزيادته، وبالتالى احتاجت البلاد إلى الأيدى العاملة المدربة المتعلمة. ووصل عدد طلاب الثانوى الفنى بأنواعه المختلفة عام 1969 نحو 197 ألف طالب مقابل 15.5 ألف طالب عام 1953، بحسب الدكروري، مضيفًا أن أعداد الطلبة بالجامعات والمعاهد العليا، ارتفعت حيث وصل عدد الطلاب بالتعليم العالى إلى نحو 122 ألفًا و883 طالبًا عام 1969 مقابل 35 ألف طالبٍ عام 1952 والمعاهد العليا بلغت 34 ألف طالبٍ.