لا يقف اسم يوسف السباعي في التاريخ فقط باعتباره أديبًا كبيرًا، أو واحدا ممن أثروا الحياة الثقافية والأدبية في مصر، عبر مُساهمته في إنشاء العديد من الكيانات الأدبية المصرية والعربية والأفريقية، بل أيضًا باعتباره الضابط السابق والسياسي البارز في نظام الرئيس الراحل أنور السادات، والذي ساهم في تعزيز علاقات التعاون بين مصر والدول الآسيوية، وكذلك كان واحدًا ممن تولوا رئاسة أكبر كيانات الصحافة المصرية، إلى أن تم اغتياله على يد فلسطينيين اعتراضًا على عملية السلام. كان يوسف أكبر إخوته لأب عمل كاتبًا ومترجمًا عاش متعمقًا في الآداب العربية والفلسفات الأوروبية الحديثة، وكان يرسل ابنه الصبي يوسف المولود في 17 يونيو عام 1917 بأصول المقالات إلى المطابع ليتم جمعها، أو صفها، ثم يذهب الصبي يوسف ليعود بها ليتم تصحيحها وبعدها الطباعة، ليحفظ الفتى أشعار عمر الخيام التي ترجمها والده من الإنجليزية. عانى يوسف رقيق الحال من تنقلات السكن الكثيرة، فتنقل بين عدة مدارس ويضطر إلى أن يمشي من أقاصي شبرا إلى العتبة على قدميه، وكان وهو لا يزال طالبًا بالثانوية يحب الرسم، وبدأ يعد مجلة يكتبها ويرسمها، وتحولت إلى مجلة للمدرسة بعد أن أعجبت بها الإدارة، وأصبحت تصدر باسم "مجلة مدرسة شبرا الثانوية" ونشر بها أول قصة يكتبها بعنوان "فوق الأنواء"، وكان عمره 17 عامًا - ولإعجابه بها أعاد نشرها فيما بعد في مجموعته القصصية "أطياف"- وكانت قصته الثانية "يدا أبي لهب وتب" قد نشرتها "مجلتي" عام 1935 والتي جمعت أسماء كبيرة في عالم الكتابة منها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين؛ فيما بعد صار السباعي الضابط الصغير في الجيش يكتب قصة كل أسبوع في "مجلة مسامرات الجيب"، وكانت المجلة انتشر لوحة فنية كل أسبوع ويكتب لها يوسف السباعي قصة هذه اللوحة. حصل يوسف على البكالوريا من القسم العلمي من مدرسة شبرا الثانوية عام 1935 دون مثله الأعلى، فلم يكن قد بلغ ال14 حتى اختطف الموت أباه، وظل عامًا كاملًا في حالة نفسية مضطربة يتوقع أن يعود أبوه بين لحظة وأخرى؛ لكنه التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1937، وفي عام 1940 بدأ بالتدريس لطلبة سلاح الفرسان بالكلية، وأصبح مدرسًا للتاريخ العسكري بعدها ب3 سنوات، واختير مديرًا للمتحف الحربي عام 1949، وكان قد حصل على رتبة العميد. بعد قيام ثورة يوليو، عُيّن السباعي سكرتيرًا عامًا للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1956، وفي العام التالي أصبح سكرتيرًا عامًا لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، وحصل على دبلوم معهد الصحافة من جامعة فؤاد الأول، ثُم تم تعيينه عضوًا بمجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف، ورئيسًا لمجلس إدارة دار الهلال، ورأس تحرير مجلة آخر ساعة، وتولى عام 1973 وزارة الثقافة، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى وفاته، وعام 1976 أصبح رئيسًا لاتحاد الإذاعة التليفزيون، ورئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ورئيسًا لدار التحرير، وفي عام 1977 اختير نقيبًا للصحفيين. قدم السباعي 22 مجموعة قصصية، وأصدر عشرات الروايات كان آخرها "العمر لحظة"، وكان الكاتب الكبير توفيق الحكيم قد أطلق عليه لقب "رائد الأمن الثقافي"، بسبب الدور الذي قام به في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية الذي كان صاحب اقتراح إنشائه إحسان عبدالقدوس الذي طلب من أن يحصل على موافقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خشية اعتراضه إذا تقدم إحسان بالاقتراح بسبب بعض الخلافات بينهما في ذلك الوقت، وبالفعل قدّم السباعي الاقتراح للرئيس الذي وافق على أن يكون السباعي السكرتير العام، ولا مانع أن يكون إحسان عضوًا في مجلس الإدارة، ليصدر القرار الجمهوري بإنشاء المجلس عام 1956 وأن يعين توفيق الحكيم عضوا متفرغًا للمجلس والسباعي سكرتيرًا عامًا، وتكرر الوضع نفسه عند إنشاء نادي القصة، وعند إنشاء جمعية الأدباء تولى أيضًا رئاستها؛ وفي مناصبه المختلفة عمل على إنشاء عدد من المجلات منها "الأدباء العرب، والرسالة الجدية، وزهور، والثقافة، والقصة، ولوتس، ومختارات القصة الآسيوية الأفريقية، ومختارات الشعر الآسيوي الأفريقي"، كما أصدر مجلة لكتاب آسيا وأفريقيا. في صباح يوم 18 فبراير عام 1978 تم اغتيال السباعي في العاصمة القبرصية لارنكا عن عمر ناهز ال60 عامًا أثناء قراءته إحدى المجلات بعد حضوره مؤتمرًا آسيويًا أفريقيًا بإحدى الفنادق هناك، ونفّذ الاغتيال رجلان احتجزا بعد اغتياله نحو 30 من أعضاء الوفود المشاركين في مؤتمر التضامن كرهائن في كافتيريا الفندق، مهددين باستخدام القنابل اليدوية في قتل الرهائن ما لم تستجب السلطات القبرصية لطلبهما بنقلهما جوا إلى خارج البلاد، واستجابت السلطات القبرصية لطلب القاتلين وتقرر إقلاعهما على طائرة من مطار لارنكا، ما أدى إلى قيام وحدة عسكرية مصرية خاصة بالهبوط في المطار للقبض على القاتلين دون إعلام السلطات القبرصية، ودارت معركة بين القوة المصرية والجيش القبرصي، أدت إلى مقتل عدة أفراد من القوة المصرية وجرح العديد من الطرفين، في عملية أثرت على العلاقات المصرية- القبرصية وأدت بمصر لقطع علاقاتها مع قبرص.