من رحم الطبيعة القاسية، خرجت موهبة عادل محمود سيد، فنان في النحت على خشب النخيل، من وسط رمال الصحراء والطقس الجاف خرجت موهبته، فجعل الطبيعة مدرسته ليبدع ويصبح سفيرًا لتراث الوادى الجديد. ويقول عادل محمود سيد، إنه ارتبط بالوادى الجديد منذ طفولته، وأنه يسكن على ربوة عالية ما يجعل مشهد النخيل من أعلى بديعا ومصدرا لإلهام أى فنان، حيث تجسدت معالم جمال الواحة في هذه المشاهد التى تتراص فيها أشجار النخيل على الحدود بين أحضان الجبال، وهناك مشاهد متعددة من أشجار النخيل تجسد جمال وروعة الواحة. وأضاف، أن فن النحت على النخيل هو فن مبتكر، ولكن له جذور تاريخية في الواحة، ومصدر الإلهام لهذا الفن هو النجار البلدى الواحاتى، والذى كان يصنع من جذوع النخيل » مقاسم الأرز»، وهى مضرب أرز محلى، و» زمارة البئر»، وهو خشب مجوف لمرور مياه البئر أو العيون الجوفية خلاله. ولفت إلى أن محافظة الوادى الجديد، تمتلك نحو 2 مليون نخلة على مستوى مراكزها الإدارية الخمسة، بما يمثل الغالبية العظمى من الغطاء النباتى للمحافظة، ويشكل النخيل المصدر الرئيسى لدخل المزارع ابن الواحات، بينما هناك آخرون ينظرون للنخيل من حيث الجمال ومصدر إلهام، إلا ان آخرين ينظرون إلى مخلفات النخيل التى تستخدم في العديد من الصناعات والفنون. وعن بداية موهبته مع النحت على خشب النخيل، قال «عادل": «موهبتى بدأت مبكرًا في سن صغيرة، حيث بدأت بالرسم على الورق، ثم طورت نفسى من خلال تجسيد أشكال فنية بواسطة الطين الصلصال، واحتفظ بها لنفسى، ثم تطورت معى الموهبة للرسم على الخشب الصناعى، ثم النحت على خشب النخيل، وتلك المراحل كانت مليئة بالتجارب وسط النجاح والفشل». وأكد «عادل» أن غتقانه فن النحت خشب النخيل، ارتبطت بالبيئة التى يعيش فيها، فاستغل مخلفات النخيل في صناعة الفن، وأنه حول مخلفات النخيل التى لا سبيل للخلاص منها إلا بحرقها، وصنع منها مجسمات فنية رائعة. ولفت إلى أن خطوات النحت تبدأ مع تجهيز جذوع النخيل القديم، بحيث يجرى تقطيعها لقطع صغيرة تتراوح من 20 – 150 سم، وحسب رؤية الفنان الذى ينحت الجذع نفسه، ويجرى استخدام أدوات بسيطة في هذا الفن وهما » الازميل»، » الشاكوش»، ويجرى بعد ذلك نحت الجذع حسب رؤية كل فنان وتتراوح مدة نحت الجذع حتى مرحلته الأخيرة من 3 – 10 أيام. وتابع: إن مصادر إلهامه في أعماله تأتى من الثقافة الشعبية للواحات، حيث ينحت جذع نخيل على شكل المنزل الواحاتى القديم المبنى من الطوب اللبن وغيرها من الموروثات في البيئة التى يعيشون فيها. وقال: «إن الفن هو في مرحلة البدايات، ونسعى جاهدين من خلال أبناء الواحة في الداخلة والخارجة لنشر هذا الفن لسهولته، ونظرا لوفرة المواد الخام له وهى أشجار النخيل، وعلى الرغم من حداثة الفن إلا أن هناك فنانين من الواحات أنشأوا مدارس لتعليم الفن، من أشهرهم الفنان مصطفى عبد الجواد من الداخلة، والذى أقام مدرسة لتعليم هذا الفن». وتابع «عادل»، إن بدايته مع عرض فنه في المعارض كانت في الإسكندرية أثناء أدائه فترة الخدمة العسكرية، ثم احترف تقديم معروضاته في المعارض بعد ذلك ليكون سفيرا لثقافة بلده، مؤكدًا أنه يشارك في المعارض منذ 5 سنوات، ويتمنى أن تجد فكرته مكانها فهى تستغل مخلفات البيئة، وفى نفس الوقت يتم تشكيلها بالعقلية المصرية المميزة لتخرج بشكل فنى يبهر الجميع. ويتمنى «عادل» إقامة الورش التعليمية لإخراج جيل جديد يقود موهبة النحت على جذوع النخل ليحافظ على تراث أبناء الوادى الجديد، وأنه من خلال منتجاته الفنية يحاول توضح ثقافة وأشكال أهله من أبناء الوادى الجديد الذى يتميز بطبيعته الصحراوية فيجب أن تكون المنازل على ربوة عالية تحميها من العوامل الطبيعية كالرياح والأمطار، وكذلك من الأعداء، ويوضح الترابط بين المنازل على الرغم من الصحراء الواسعة إلى أن المنازل تتجمع في مكان واحد ومتلاصقة لتكون كأسرة واحدة. وقال إنه يتمنى أن ينتشر فن نحت جذوع النخيل، مثل حرف الخوض والسجاد والكليم، وأن تتولى الجهات المسئولة رعاية الفن والفنانين العاملين في مجال نحت جذع النخيل، إضافة إلى إقامة مركز لعرض منتجات جذع النخيل وتصديرها للخارج ليكون سفيرا لنا وخير دعاية للواحات وجمالها.