ولد يوسف السباعي بحارة الروم بحي الدرب الأحمر بالقاهرة أحد أحياء القاهرة القديمة والتي لازالت موجودة حتى الآن، ذلك الحى الشعبي الذي يحكى بداخل كل بيت منه حكاية مصرية من حكاوى البيوت المصرية البسيطة في ذلك الوقت والذي أثرت على كتابات وتكوين يوسف السباعي الفكري والأدبي، حيث أنه كان من الطبقة المتوسطة البسيطة. ولد يوسف محمد محمد عبدالوهاب السباعي في 10 يونيو 1917، لوالده الأديب المعروف محمد السباعي الذي كان من رواد النهضة الأدبية الحديثة في مصر. بدأ حب القراءة يتغلغل لدى يوسف مثل والده وهو في سن صغيرة، وكان ذلك سيرًا على درب والده، الذي كان تواقًا للقراءة والكتابة، فظهرت موهبته الأدبية في مرحلة مبكرة من حياته، وكان يقول: "لا تضق هما بأمس وغد.. أمس ولى، وغد لم يولد.. ويلتي إن ضاع يومي من يدي". تبت يدا ابي لهب وتب تأثر السباعي في بداية حياته بالبيئة التي نشأ فيها بجانب مواهبه الطبيعية، وبدأ بعد ذلك في محاولة الكتابة، فكانت في شكل مقتطفات شعرية وزجلية وقصصية، وظل يكتب تلك المقتطفات إلى أن نشرت أول قصة له في مجلة "المجلة"، و"المجلة الجديدة"، وكان وقتها طالبا في المدرسة الثانوية عام 1933، والتي كانت بعنوان "تبت يدى أبى لهب وتب"، واستمر بعدها في مواصلة حياته الدراسية، حتى أن تخرج من الكلية الحربية عام 1937 ضابطا بسلاح الفرسان، وعاد للكلية الحربية عام 1942 مدرسا لمادة التاريخ العسكري، وتولي العديد من المناصب منها تعيينه في عام 1952 مديرا للمتحف الحربي. الادب بين الواقعية والرومانسية ارتبط دوره بفترة النهضة الثقافية في مصر في الستينات من القرن العشرين، وكانت أعماله الأعلى توزيعا فضلا عن تحويلها مباشرة إلى أفلام يصفها نقاد بأنها أكثر أهمية من الروايات نفسها. وان أخذ كثير من النقاد الإشارة إلى أعماله باعتبارها نهاية لمرحلة الرومانسية في الأدب وأنها تداعب فقط احتياجات مرحلة عمرية لفئة من القراء صغار السن. جبرتى العصر أطلق عليه نجيب محفوظ لقب "جبرتي العصر"، لأنه سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة منذ قيامها حتى بشائر النصر في حرب أكتوبر المجيدة عبر أعماله: رد قلبى - جفت الدموع - ليل له آخر - أقوى من الزمن - العمر لحظة وفي كتاب صدر ببيروت بعنوان "الفكر والفن في أدب يوسف السباعي"، وهو مجموعة مقالات نقدية بأقلام أجيال مختلفة على رأسهم طه حسين وقد أشرف الكاتب غالي شكري على تقديم هذا الكتاب وإعداده وأعلن أن أدب يوسف السباعي في مجمله ظاهرة اجتماعية فمن هنا تنبع الأهمية القصوى في إصدار هذه النماذج بين دفتي كتاب حول أدب يوسف السباعي. الباسم الساخر اما توفيق الحكيم فيصف أسلوب السباعي بأنه سهل عذب باسم ساخر ويحدد محور كتبه بقوله أنه "يتناول بالرمز والسخرية بعض عيوب المجتمع المصري"، كذلك يعرض الدكتور محمد مندور لرواية "السقا مات" فيعلن أن يوسف السباعي أديب من أدباء الحياة بل من أدباء السوق التي تعج بالحياة والأحياء وتزدحم بالأشخاص والمهن. وقال مرسي سعد الدين في مقدمة كتاب «يوسف السباعي فارس الرومانسية» إنه لم يكن مجرد كاتب رومانسي بل كانت له رؤية سياسية واجتماعية في رصده لأحداث مصر. بينما قالت لوتس عبد الكريم مؤلفة الكتاب الذي صدر مؤخرا بالقاهرة إن دوره في الثقافة المصرية لا يقل عن دوره ككاتب، وأشارت إلى وصف الناقد المصري الراحل الدكتور محمد مندور له بأنه «لا يقبع في برج عاجي بل ينزل إلى السوق ويضرب في الأزقة والدروب. ويعد ظاهرة في الحياة الثقافية المصرية رغم تجنب النقاد التعرض لأعماله فيما عدا مؤرخي الأدب، ويكاد ذكره الآن يقتصر على أفلام أخذت عن أعماله ومن بينها "إني راحلة" و"رد قلبي" و"بين الأطلال" و"نحن لا نزرع الشوك" و"أرض النفاق" و"السقا مات"، كما أنتج التليفزيون المصري مسلسلا عن حياته عنوانه "فارس الرومانسية". زوجته "مخضوضة" هانم هي دولت طه السباعي، ابنة عم يوسف وزوجته، أو هي عايدة في النصف الأول من رواية "إني راحلة"، تزوجا بعد قصة حب طويلة بدأت منذ طفولتهما، وكان يطلق عليها يوسف "مخضوضة هانم" نظرًا لخوفها الشديد عليه لدرجة أنها كانت تهرع إليه إذا وجدته واقفًا في شرفة المنزل وتمسك بملابسه خوفًا من سقوطه!! شيء آخر سببًا لهذه التسمية هو أنها كانت ترفض تمامًا سفره بالطائرة، وفي إحدى المرات سافر بدون أن يخبرها وعلمت بالخبر من الجرائد بعد عودته، فانفجرت بالبكاء متسائلة: ماذا لو سقطت الطائرة؟!. وفي إهداء إليها بإحدى كتبه يقول لها السباعي: "إلى احب من أوفي وأوفي من أحب". حوار مع الموت "بيني وبين الموت خطوة سأخطوها إليه أو سيخطوها إليّ، فما أظن جسدي الواهن بقادر على أن يخطو إليه..أيها الموت العزيز اقترب.. فقد طالت إليك لهفتي وطال إليك اشتياقي".. حاور يوسف السباعي الموت مرات عديدة في أعماله الأدبية، حيث كانت فكرة الموت المفاجئ تشكل محورًا أساسيًا في أعماله، وقد قامت روايتيه "نائب عزرائيل" و"البحث عن جسد"، على محاورة ملك الموت وتخيله. السباعي ونادي القصة لعب السباعي دورا مؤثرا في الحياة الأدبية منذ عام 1951م، وبمبادرة منه عام 1975، تم تأسيس اتحاد الكتاب المصريين، الذي ضم في حينها كبار الكتاب في مصر مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم، كما كان وراء إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وشارك بمجهوداته مع المؤلفين والصحفيين الكبار مثل إحسان عبد القدوس لتأسيس نادي القصة، ومؤسسة رجال الأدب، ونقابة الكتاب العرب. الرسالة الجديدة يروي نجيب محفوظ: "بعد أن انتهيت من كتابة "الثلاثية" ذهبت بها إلى سعيد السحار وكانت رواية واحدة عنوانها "بين القصرين"، فنظر إليها السحار وقال ما هذا؟ قلت: رواية جديدة، أمسك بالرواية وقلب صفحاتها وقال: إيه ده، دي ضخمة جدًا كيف أطبعها، هذا مستحيل. وفى نادي القصة رويت ما حدث ليوسف السباعي، الذي طلب منى الرواية لقراءتها، وكانت نسخة وحيدة مخطوطة واتصل بي وقال: سنصدر مجلة أدبية جديدة، وبالفعل صدرت مجلة "الرسالة الجديدة" وترأس تحريرها السباعي، ونشرت في العدد الأول بتاريخ أول أبريل 1954 الحلقة الأولى من روايتي "بين القصرين" حتى العدد 25 الصادر بتاريخ أول أبريل 1956. روائع يوسف السباعي وصلت حصيلة إنتاج يوسف الأدبي إلى اثنتين وعشرين مجموعة قصصية، وستة عشر رواية، وأربع مسرحيات، وثماني مجموعات من المقالات في النقد والاجتماع، وكتاب في "أدب الرحلات" بخلاف مقالاته التي كتبها في الصحف والمجلات. من مؤلفاته: نائب عزرائيل، يا أمة ضحكت، أرض النفاق، إني راحلة، أم رتيبة، السقا مات، بين أبو الرئيس وجنينة ناميش، الشيخ زعرب وآخرون، فديتك يا ليلي، البحث عن جسد، بين الأطلال، رد قلبي، طريق العودة، نادية، جفت الدموع، ليل له آخر، أقوى من الزمن، نحن لا نزرع الشوك، لست وحدك، ابتسامة على شفتيه، العمر لحظة، أطياف، أثنتا عشرة امرأة، خبايا الصدور، اثنا عشر رجلًا، في موكب الهوى، من العالم المجهول، هذه النفوس، مبكى العشاق. في قائمة نهائية أصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق عام 2002، عن أفضل 105 رواية عربية، تضمنت القائمة رواية السقا مات ليوسف السباعي. مناصب السباعي 1959 تولى منصب سكرتير عام المحكمة العليا للفنون والسكرتير العام لمؤتمر الوحدة الآفروأسيوية، وانتخب سكرتيرا عامًا لمؤتمر شعوب آسيا وأفريقيا اللاتينية عام 1966، وفي نفس العام عين عضوا متفرغا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وزير. أعمال أدبية أسندت إليه اشرف على العديد من المجلات مثل، الأدباء العرب، والرسالة الجديدة، والقصة، وفي عام 1965 تولي منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، ورئيس مجلس إدارة دار الهلال عام 1971، كان وراء انشاء المجلس الأعلى للفنون والأدب "المجلس الأعلى للثقافة حاليًا"، انتخب رئيسا فخريا لجمعية كتاب ونقاد السينما، عينه الرئيس أنور السادات في مارس 1973 وزيرا للثقافة، عضوا مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ونقيب للصحفيين عام 1976. جوائز واوسمة فاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب ورفض استلام الجائزة لأنه كان وزيرا للثقافة في ذلك الحين، ومنح وسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، كما حصل على جائزة لينين للسلام عام 1970، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من جمهورية مصر العربية، 1976، وفاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي ( رد قلبي ) و( جميلة الجزائرية ). وأحسن حوار لفيلم ( رد قلبي ) وأحسن سيناريو لفيلم ( الليلة الأخيرة ). عرضت له السينما المصرية أكثر من قصة أشهرها فيلم " رد قلبي " و" الليلة الأخيرة " و" أرض النفاق " و" بين الأطلال " و" إني راحلة "، وله مسرحية نشرت باسم " أم رتيبة ". اغتيال السباعي اغتيل في قبرص في 18 فبراير 1978 بسبب تأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع إسرائيل منذ أن سافر إلى القدس سنة 1977. حين كان يحضر مؤتمرًا اسيويًا افريقيًا هناك. وقام بقتله رجلين فلسطينيين في عملية أثرت على العلاقات المصرية - القبرصية وأدت بمصر لقطع علاقاتها مع قبرص وذلك بعد قيام وحدة عسكرية مصرية خاصة بالهبوط في مطار لارنكا القبرصي للقبض على القاتلين دون إعلام السلطات القبرصية، حيث احتجز القاتلان بعد اغتياله نحو ثلاثين من أعضاء الوفود المشاركين في مؤتمر التضامن كرهائن واحتجزوهم في كافتيريا الفندق مهددين باستخدام القنابل اليدوية في قتل الرهائن ما لم تستجب السلطات القبرصية لطلبهما بنقلهما جوا إلى خارج البلاد، واستجابت السلطات القبرصية لطلب القاتلين وتقرر إقلاعهما على طائرة قبرصية من طراز (DC8) للسفر خارج قبرص من مطار لارنكا، ودارت معركة بين القوة الخاصة المصرية والجيش القبرصي، أدت إلى مقتل عدة أفراد من القوة المصرية وجرح العديد من الطرفين. واتهمت لاحقا منظمة أبو نضال بالجريمة، كما ترددت وقتها أنباء تفيد بأن أفرادًا من منظمة التحرير الفلسطينية قد قاتلوا إلى جوار القوات القبرصية.