تزخر الثقافة الشعبية المصرية بالعديد من العناصر والموروثات الثقافية التى استطاعت الجماعة الشعبية تنقلها من جيل لجيل، والتى تتمثل في العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية، التى تعبر عن التركيبة الثقافية للشعب المصرى، والتى ظلت راسخة في الوجدان الشعبى على مر العصور، وخلال شهر رمضان المبارك، سنحاول تقديم لمحة للقارئ عن أهم العناصر الثقافية التى تميز بها الإنسان المصرى عبر العصور، ولا نزال نستخدم بعضها حتى الآن. «يا ملح دارنا.. عمر ديارنا.. يا ملح دارنا..كبر عيالنا..كتر عيالنا». يُعد الاحتفال بالمولود الجديد من الطقوس الشعبية، والتى يتم ممارستها في العديد من المناسبات مثل الأعياد وحفلات الزفاف والخطوبة والحصاد، والتى تعبر عن عادات ومعتقدات الجماعة الشعبية. إذا يُعد السبوع من العادات التى توارثها الشعب المصرى منذ قدماء المصريين، والتى خلدتها جدارن المعابد، إذ إننا نجد جدارية فرعونية تصور الاحتفال بالمولود بعد مرور 7 أيام على ولادته، والتى فيها تقف سبع من إلهات الأمومة «حتحور» تمسكن الدف وآلات موسيقية، ويقيم أباؤه حفلا يحضره كل الأقارب والمعارف. وتقوم جدة المولود بإحضار طبق أو صينية بها ماء مالح، ثم تقوم بوضع فيه 7 أنواع من الحبوب «السبع حبات»، كما يوضع في الصينية إبريق من الفخار إذا كان المولود ذكر، أما إذا كان المولود أنثى فيتم وضع «قلة". وأهم ما يميز احتفالية السبوع في مصر ان الجميع يستطيع الاحتفال بالمولود الجديد مهما كانت حالته المادية، وتبدأ طقوس السبوع بوضع المولود في ما يمسى ل «الغربال» والذى تطورت أشكاله مع مرور الزمن، إلا أنه مازال يستخدم بشكله التقليدي، وسط الطبقات الدُنيا. وعن سر السبع حبات والتى يتم وضعها في صينية المولود، والتى تتكون من سبع حبوب مختلفة ومنها القمح والعدس والحلبة والأرز والفول والحمص والذرة، فعتقد المصريون بأنها تجلب الحظ الوفير للمولود، كما أنها تمنع الحسد، كما ترمز السبع حبات والتى يتم القائها على المدعوين إلى الخير والنماء، وأنه عندما نقوم برش الأرز أو الفول على المتواجدين في السبوع، ويحصلون على هذه الحبوب تكون مصدرًا للتفاؤل والسعادة والخير. أما عن يوم الاحتفال والذى يبدأ بوضع الطفل في الغربال ويتم حمله والسير به في أرجاء البيت، مع ترديد الأغانى التراثية المتعلقة بالسبوع، مع رش الملح لإبعاد الحسد عن المولود، ويسير كل شخص حاملًا شمعة من باب التفاؤل بالنور كرمز للحياة، وبعد الانتهاء يتم توزيع «علب السبوع» على الكبار والصغار، والتى تعد من أهم مكوناتها الفشار، الحمص، الملبس، الفول السوداني، وتطورت أشكال «علب السبوع» مع مرور الزمن، فبعد أن كانت تملأ الأكياس البلاستيكية بالفشار والسودانى والملبس، أصبحت في علب فاخرة وتحتوى على لعبة، أو هدية، ويتوقف شكل «علب السبوع» على مستوى الأسرة، فكما زاد المستوى المادى للأسرة زادت المبالغة في تكاليف علب السبوع. ومهما بلغ المستوى المادى للأسرة إلا أنه لا يخلو من الغناء ودق الهون بجوار أذن المولود، وغالبًا ما تقوم بعملية الدق في الهون النحاسى في الجدة أو إحدى السيدات الكبيرات والتى تردد عبارات بها وصايا للمولود وهى تدق هذا الهون، مثل «اسمع كلام أمك، اسمع كلام أبوك» كما تضاء الشموع فوق رأس المولود، ومن ثم تخطو الأم فوق مولودها سبع مرات، على دقات الهون، ويتم تلاوه بعض المقولات مع كل خطوة « الأوله بسم الله، والتانيه باسم الله، والتالته باسم الله، والرابعه بسم الله، والخامسة باسم الله، والسادسة باسم الله، والسابعة يا بركة محمد بن عبد الله»، ثم ترش في أركان البيت السبع الحبوب التى يتم خلطها بالملح، وفى نهاية الاحتفالية تقوم الجده بتفريغ طشت حمام السبوع وترش ما فيه خارج عتبة الدار وذلك لجلب الخير والسعاده ودرء الحسد لأهل المكان.