عبر المؤرخ لسان الدين الخطيب عن إعجابه الكبير بكتاب "الشاهنامة" أو "كتاب الملوك" الذي كتبه الشاعر الفارسي أبو القاسم منصور الفردوسي، حيث وصف الخطيب الكتاب ب"قرآن الفرس"؛ نظرا لمكانته لدى القوميين الإيرانيين، ولكونه صور الملاحم العظيمة لأمجاد بلاد فارس منذ نشأتها وحتى سقوطها بيد العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي. الشاهنامة أو "كتاب الملوك" كتبه الفردوسي وأخذ من عمره ما يزيد على 35 سنة لإكمال تأليفه، ويقال أنه انتهى من تأليفه في مثل هذا اليوم من شهر مارس، وكان أساسا قد كتبه لتقديمه إلى أمراء بني سامان في خراسان، والكتاب يحوي قصصًا وحكايات وملاحم مكتوبة شعرا، ويزيد عمره عن أكثر من ألف عام. وعن معاناته في الكتاب يقول الفردوسي معبرا عن قوميته واعتزازه بوطنه: "لقد كنت أموت خلال هذه السنوات الثلاثين، ولكن كان عليَّ إحياء العجم واللغة الفارسية، لذلك واصلت الحياة لأن واجبي نشر بذور هذه اللغة وحكاياتها" كانت لهذا الكتاب حكاية طريفة ومأسوية في آن واحد، فقد أهدى الفردوسي كتابه للسلطان محمود الغزنوي الذي وعده بدينار ذهب عن كل بيت كتبه، لكن السلطان لم يستحسن الكتاب نظرا لأنه يمجد أعداءه السامنيين، ويستهل الكتاب بمدحهم، بالإضافة إلى الدسائس التي تعرض له الكاتب فقد منحه السلطان على مضض 20 ألف درهم فضة، وهو ثمن بخس لما بذله الرجل من جهد في الكتاب، وعندما وصلت الأموال للكاتب سخر منها ووزعها بطريقة مهينة في الخمارة، ثم ألف أبياتا يهجو فيها السلطان الغزنوي قائلا فيها: "إن السماء لن تنسى الانتقام، فانكمش أيها الطاغية من عباراتي النارية، وارتعش من غضب الشاعر". يقال أن الفردوسي فر هاربًا من بطش السلطان محمود الذي استاء بدوره من الهجاء واعتبر ذلك تشهيرا بعرضه على أفواه الناس، وقرر أن يتراجع عن العقاب ليمحو ما قد يعلق بتاريخه نتيجة سخطه هذا، لكن الشاعر مات مطرودا وشريدا وفقيرا في حين كان يستطيع كتابه الساحر والبديع أن يحقق له كل أحلام الثراء والمكانة العالية، ويقال أن السلطان بعث بمبلغ طائل من دنانير الذهب الخالصة إلى الفردوسي، لكن حامل الهدية عندما دخل المدينة كانت جثة الفردوسي تخرج متجهة ناحية المقابر مما شكل مأساة كبيرة للكاتب والسلطان معا.