وزير قطاع الأعمال العام يستقبل وزير التنمية الدولية النرويجي لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي    حضور دبلوماسي وشعبي كبير في عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم بمسجد الشرطة    قطر تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى    دبلوماسي روسي: كييف ستستخدم صواريخ توماهوك لمهاجمة أهداف مدنية    تصفيات كأس العالم - كيروش يقود عمان لفرض التعادل أمام قطر بافتتاح الملحق الآسيوي    تصفيات كأس العالم - شيكو بانزا يشارك كبديل في تعادل أنجولا أمام إسواتيني    السوبر الإفريقي - يوريشيتش يحدد موعد الإعداد لنهضة بركان    السيطرة على حريق اندلع داخل مخزن قطع غيار سيارات فى السلام.. صور    فوز «العنانى» التاريخى    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية دعاة الفلاح لجلسة 24 ديسمبر    الإسماعيلى يعلن عدم اكتمال النصاب القانوني لعمومية سحب الثقة    مايان السيد تخطف الأنظار بإطلالاتها.. صور    السفير نبيل فهمي ضيف صالون ماسبيرو الثقافي السبت    خالد سليم وعبد الباسط حمودة يجتمعان فى دويتو ليلة مِ اللى هيا    مؤسسة العربى تحتفل بالعيد القومى للجيزة وتشارك الزفاف الجماعى للمحافظة    نائب وزير الصحة: إدراج الإسكندرية بمنظومة التأمين الصحي الشامل    السيسي للمصريين: ربنا نجانا في 2011    "التحالف الدولي" يعيد تموضع قواته في سوريا لمواجهة بقايا "داعش"    إصابة جديدة تضرب دفاع ريال مدريد قبل الكلاسيكو    في احتفالات انتصارات أكتوبر.. وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة حلوان بعد تطويره    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    سعر الحديد مساء اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    الداخلية تعلن قائمة الممنوعين من السفر لحج القرعة لعام 2026    مدير صندوق مكافحة الإدمان يستقبل المدير التنفيذي للوكالة الأوروبية للمخدرات    رونالدو يحقق إنجازًا جديدًا ويخطف الأنظار بتكريم عالمي    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    شيرين عبد الوهاب.. صوت العاطفة وتحدي الصعاب في عيد الميلاد    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر بمدينة العاشر من رمضان    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    وزير الصحة: إنهاء 20 مشروع بتكلفة 11.7 مليار جنيه خلال 2025    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    بعثة رجال يد الأهلي تغادر إلى المغرب للمشاركة ببطولة إفريقيا    الصحة: تنفيذ 348 مشروعًا لتطوير المستشفيات ب 27 محافظة    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    للمرة الثانية.. إسرائيل تهاجم أسطول الحرية المتجه إلى غزة بالمياه الدولية وتحتجز سفنه    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنبا إرميا يكتب: "السلام في عيد الميلاد"
نشر في البوابة يوم 04 - 01 - 2020

عيد "الميلاد المجيد" هو أحد الأعياد السيدية الكبرى، ومن أهم الأعياد التي يحتفل بها المسيحيون فهو تذكار ميلاد "السيد المسيح" من العذراء مريم، فالميلاد حدث فريد معجزيّ فائق لم يتكرر، ولن يتكرر، على مر التاريخ والأزمان: إذ أن "السيدة العذراء" ولدت طفلاً دون رجل. وعندما ندرس النبوات نجد أن الأنبياء أشاروا إلى ميلاد السيد المسيح، فيذكر أشعياء النبي: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبنًا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام". كما أشار إلى ولادته من عذراء: "هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»."؛ وحين تساءلت "السيدة العذراء": "كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟"، أجابها الملاك المبشر: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا 0لْقُدُّوسُ 0لْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى 0بْنَ 0للهِ.". وأيضًا حدد "ميخا النبي" مكان السيد المسيح عنما تنبأ قائلًا: "أما أنت يا بيت لحم افراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطًا على إسرائيل. ومخارجه منذ القديم. منذ أيام الأزل.".
وقد أشار "القرآن" إلى ذٰلك الميلاد: ﴿إِذْ قَالَتِ 0لْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ 0للهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ 0سْمُهُ 0لْمَسِيحُ عِيسَى 0بْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي 0لدُّنْيَا وَ0لآخِرَةِ وَمِنَ 0لْمُقَرَّبِينَ﴾.
أما عن موعد الميلاد فقد اختلف بين الغرب والشرق؛ إذ موعده غربًا في الخامس والعشرين من ديسمبر، على حين تحتفل به "الكنيسة القبطية" في الشرق في التاسع والعشرين من كيهك الذي يوافق السابع من يناير. وقد تحدد يوم احتفال المَسيحيِّين بعيد الميلاد عام 325م في مجمع مسكونيّ (عالميّ) بمدينة "نيقية" اجتمع به أساقفة العالم بأسره موافقًا "التاسع والعشرين من كيهك" حسب التقويم القبطي، و"السابع من يناير" حسب التقويم الميلاديّ.
الميلاد تحقيق للوعد
خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، ووضعه في "جنة عدن" ليحيا في سعادة في وجوده مع الله إذ يقول:"... ولذاتي مع بني آدم."؛ ثم قدم الله للإنسان الوصية فتعداها فسرى فيه حكم الموت وهٰكذا خرج الإنسان من محضر الله، مطرودًا من الجنة، فاقدًا خلود الحياة الحقة وفقد كل من أبوينا "آدم" و"حواء" سلامهما الذي تمتعا به، وأُغلقت الجنة أمامهما. إلا أن الله لم يترك الإنسان في يأسه فقدم له وعدًا بأن "نسل المرأة يسحق الحية"، وظلت البشرية في انتظار تحقيق ذلك الوعد إلى أن تحقق وكتب "القديس بولس الرسول": "ولٰكن لما جاء مِلء الزمان، أرسل اللهُ ابنَه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس ..."؛ ومن ذٰلك الوعد حتى تحقيقه والله يُعد البشرية للميلاد العجيب عن طريق الأنبياء، والرموز والإشارات فجاء الميلاد تحقيقًا لوعد الله للبشرية.
رسائل الميلاد
يقدم الميلاد رسائله على مر الزمان وهي رسالة السلام، والمحبة، والتواضع؛ ولكنني أتحدث اليوم عن "السلام" أعظم احتياجات العالم اليوم.
السلام
مع خروج الإنسان من الجنة افتقد السلام، كما ذكرنا، وازدادت وطأة الخوف وشراسته وتصاعد عدم الإحساس بالأمان، بعد أن امتدت يد الإنسان لتقتُل شقيقه حسدًا وكراهيةً!! وهٰكذا سرت مشاعر الخوف والقلق في البشرية، وتاهت معالم السلام في حياة الإنسان، إلى أن أعلنت الملائكة استعادته في الميلاد. فتعد أنشودة الملائكة إلى الرعاة: "«المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة»." هي تلك الرسالة الخالدة عبر الأزمان، التي تقدم "السلام" الذي جاء "السيد المسيح" من أجل تقديمه للبشرية؛ فالميلاد استعادة للسلام الذي فُقد بين الله والإنسان. ففي "الميلاد"، وُلد المخلِّص الذي أعلنت الملائكة أن اسمه "يسوع" أي "مخلص"؛ كما قيل للرعاة:"... فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داوُد مخلِّصٌ هو المسيح الرب."؛ فصار الميلاد تلك البشارة المفرحة بقرب انكسار الحاجز بين الله والإنسان؛ واستطاع الإنسان أن يجد السلام مع الله، ونفسه والآخرين.
السلام احتياج البشرية
إن العالم يئن اليوم تحت وطأة الاضطرابات والتشويش وفقدان الهُدوء والأمان والسلام، وفقدان السلام في حياة الإنسان يُعد من أهم المشكلات التي تعترض مسيرة تلك الحياة. إن الإنسان الذي فقد سلامه، تجده يخطو نحو المستقبل بتردد وارتياب، كما أن قدرته على العمل تتأثر بشدة لشعوره الدائم بأن هناك شيئًا ما في الحياة يدفعه إلى الخوف والجزع والتراجع.
فالميلاد هو دعوة للحياة في سلام ومن يعرف قوة السلام الحقيقيّ في أعماقه ويعيشها، فإنه يسعى لنشره بينه وبين الآخرين؛ وهٰكذا ينتشر بين الجميع. وقد جاء السيد المسيح ليقدِّم للإنسان السلام؛ وكانت رسالته ممتلئة بالسلام والمحبة نحو الجميع؛ فقال السيد المسيح له المجد في موعظته على الجبل:"طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعَون.". فإن كان الله هو واهب السلام وصانعه على الأرض، فكل من يسلك في هٰذا الطريق يسير على النهج الذي يقدِّمه الله، وهو ما يَزيد من مسؤولية رسالته نحو الجميع.
وصُنع السلام هو صفة من صفات الإنسان الذي يكون قلبه ممتلئًا بالمحبة نحو الجميع، وأيضًا يعيش حياته في حياة الصلاح والوداعة؛ فتمتلئ حياة مثل هؤلاء البشر بالسلام الداخليّ الذي يُشع في حياتهم ليضيء ويملأ حياة من يمر بهم في رحلة العمر، فينتشر السلام في الأرض. وعلى النقيض من ذٰلك، فإن الأشرار لا يحصلون على السلام في حياتهم جراء أعمالهم الشريرة، فيكونون في اضطراب دائم ويملؤون الكَون من حولهم صخبًا وأنينًا مثلما حدث مع "قايين" حين قتل أخاه، ثم قال له الله: "ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض."، وعاش القاتل هائمًا على وجهه فاقدًا السلام جميع أيام حياته.
يتحقق السلام حين يرفض البشر كل ضغينة يمكن أن تكون في أعماقهم، ويزرعون الحب في قلوبهم بعضهم نحو البعض، مدركين أن رسالتهم في الحياة هي البناء والتعمير. أمّا الكراهية والحسد فلا يجلُِبان سوى الموت وفقدان السلام. أيضًا يتحقق السلام بين البشر حينما يسعى كل إنسان في محاولة جادة أمينة لفَهم الآخرين، مدركًا أن البشر جميعًا ما هم إلا أعضاء عائلة إنسانية واحدة. وبينما الإنسان يحاول إسعاد الآخرين، يتذوق هو نفسه معنى السعادة والسلام.
أما ما يَُعيق السلام في حياة البشر فهو تباعد كل إنسان عن أخيه الإنسان واستقاء المعرفة من خلال أعين الآخرين وتفسيراتهم الشخصية للمواقف، في حين يكون من الأفضل والأدق أن يعرف كل إنسان الآخر من خلال الحوار، والمعايشة والتواصل الحقيقيَّين؛ بقلب وفكر منفتحين يحملان الإنسانية المشتركة التي خلقنا عليها. وعلينا أن نتذكر أن سلام الإنسان مع الآخرين يأتي نتاجًا لمحبته لله التي تدعوه إلى صنع الخير مع جميع البشر، وزرع المحبة في أعماقه تجاه الآخرين. نعم، إن السلام يحتاج إلى عمل وتعب وجَهد إذ يوجد من يزرعون الشوك لقتل السلام. علينا أن ننزِع الشوك ونستمر في زرع المحبة في كل مكان.
في إحدى صفحات التاريخ المضيئة وبالتحديد في شتاء 1914م، أثناء لهيب الحرب العالمية الأولى، وفي ليلة "عيد الميلاد المجيد" على أرض "بلغاريا"؛ تسلل السلام بين الجنود البريطانيين والألمان ليوقف الحرب بينهما وتعرف النفوس التي أرهقتها وطأة الحرب معنى السلام. فلتكُن رسالتنا في هٰذا العيد عام 2020م هي رسالة سلام إلى الجميع: "اتْبَعوا السلام مع الجميع ...". كل عام وجميعكم بخير وسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.