أكدت الدكتورة ماجدة عمارة، أستاذة الفلسفة الإسلامية واليونانية، أنها تتابع بشكل مستمر قراءات الشباب وما يبحثون عنه، فالقراءة تشكل وعي الإنسان وفقا لمضمونها قائلة: «كنت أقرأ الحكايات لأطفالى بصوتى قبل نومهم، ففتح الصوت بكلماته أفق خيالهم، وشبوا على حب القراءة التى كانت من أقوى عوامل نمو وعيهم وإنضاج شخصياتهم، واليوم أتابع قراءات الشباب مثلما كان أبنائي، فرحة بتنامى شغفهم بها، ورغم ما يوجه إليهم من اتهامات بإضاعة الوقت الذى يمضونه فى متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لعلها تكون هى إحدى المحفزات على حب المعرفة، الذى يمكن أن يحدوهم نحو القراءة والبحث عن كل جديد». «سحر الغموض» بهذا وصفت «ماجدة» أنواع الروايات التى تجتذب فئة كبيرة جدا من الشباب، مبررة ذلك أنه وصف من لسان الشباب أنفسهم «فهم يجدون أمامهم عند الباعة كتيبات صغيرة مكتوبة بلغة عامية يسهل عليهم فهمها، هذه الكتيبات تحدثهم عن ذلك المجهول الذى يمكنهم اختراقه وكشف أسراره، عوالم الشياطين وجثث الموتى التى يمكنهم إحياؤها، وهم أذكياء ولا تنقصهم مهارة البحث، فيسارعون إلى الشبكة العنكبوتية بحثا عن المزيد، فتأخذهم فى مسارات متعددة سعيا وراء سحر ذلك الغامض المجهول لديهم». قالت الباحثة والمتخصصة فى الفلسفة في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز": إنها أدارت عدة حوارات مع بعض الشباب الذين يقرأون هذا النوع من الروايات بهدف معرفة المزيد عنهم والاقتراب من عالمهم، «وأيضا لأتعرف إلى الموضوعات التى يملأون وعيهم بها، هذا الوعى الذى أراه على درجة عالية من النماء والنضج رغم حداثة سنهم، فهم شباب يافعون، أذكياء، حالمون، لديهم شغف بتخليق الذات ومنحها فرصة للنمو، فوجدوا هذه القراءات أمامهم فرصة سانحة لذلك». كشفت «ماجدة»، عن اندهاشها من تردد أسماء بعض المؤلفات الخاصة بالدجل والشعوذة على لسان كثير من الشباب، فكان من هذه المؤلفات: «شمس المعارف»، و«العزيف» لمؤلفه العربى عبد الله زرد أو لمؤلفه الأمريكى H.P lovecroft، أيا كانت حقيقة الكتاب أو جنسية مؤلفه، فإننى لا أخفى أن دهشتى كانت نابعة من الإعجاب بهذه العقول النابضة». سردت «ماجدة» حكاية غريبة عن أحد الشباب الذين تأثروا بمثل هذه الأشياء الغامضة، فهو قد أخبرها أنه «لعب مع مجموعات من الشباب فى أوروبا بعض الألعاب الإلكترونية ذات الصلة بمثل هذه الموضوعات، فأمدوه ببعض الصور لمخطوطات مكتوبة باللغة اللاتينية، وهى اللغة التى تكتب بها الطلاسم كما أخبروه، وقد حاول هذا الشاب أن يتعلم اللغة اللاتينية من أجل ذلك، كما قام بإجراء التجارب وكتابة الطلاسم بنفسه، وأن السبب وراء ذلك كان رغبته فى إثبات قدرته على اقتحام ما عجز الأكبر منه عن اقتحامه، ووجدنى مصغية إليه بكامل وعيي، فوصف لى كيف قام بجراحة أصابعه ليسيل منها الدم الذى رسم به الطلسم على الحائط، ووضع أمامه المرآة التى أعدها لكى تتراءى له فيها الصور، ثم سمع أصوات الصراخ بعدها تطن فى أذنه، سألته: هل ميزت طبيعة الصوت؟ فأجابني: نعم، كان صوت لعزيز لدى مات مؤخرا، وكان يستنجد بى أن أفتح له البوابة! وحين استفسرت عن معنى «البوابة» أجابنى بأنها البوابة التى تفصل بين عالمنا والعالم السفلى». تابعت «ماجدة» أن أحد الشباب المستمعين أشار إلى دور العامل النفسى فى تلك الخيالات الوهمية قائلا: «هو أنت مش كنت قريت إن الحاجات دى حتحصل قبل ما تعمل الطلسم؟» ثم تصف الدكتورة هؤلاء الشباب أن أفعالهم هى «بين الخوف والإقدام تتراقص أعمارهم ولا يعرفون نحو أى مجهول تأخذهم خطواتهم البريئة الجريئة». واستكملت «ماجدة»، أن هؤلاء الشباب الذين تحدثت إليهم كانوا مجموعة من المتطوعين فى العمل الخيرى، وقد انصرف الشاب الذى كان يريد فتح البوابة بين العالمين عن الموضوع برمته، إلى ممارسة رياضة تسلق المرتفعات والقفز بالمظلات، حالما مع بعض أقرانه أن يصبحوا يوما من أبطال «فرقة الصاعقة المصرية».