حرصت دائماً على أن تظل علي القمة طوال مشوارها.. ودائماً ما كانت تقول: إن الفنان ينبغي أن يختار موعد الاعتزال قبل أن تودعه الأضواء يودع هو الأضواء .. هكذا أيقنت الفنانة شادية أنها ستعتزل في يوم ما، لكن عندما اختارت هذا التوقيت.. فضلت أن يكون في عز مجدها الفني، وبهذه الكلمات المقتضبة بررت قراراها "لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال ..لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء.. بعد أن تنحسر عنى رويدًا رويدًا ..لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل، بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم، ولهذا فلن انتظر حتى تعتزلني الأضواء، وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس" . كانت بدايات الفنانة شادية على يد المخرج أحمد بدرخان، الذي كان يبحث عن وجوه جديدة فتقدمت هي التي أدت وغنت ونالت إعجاب كل من كان في استوديو مصر، غير أن هذا المشروع توقف ولم يكتمل، ولكن في هذا الوقت قامت بدور صغير في فيلم أزهار وأشواك.. وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان لحلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة "العقل في إجازة"، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيراً، ما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في عدة أفلام الروح والجسد، الزوجة السابعة، صاحبة الملاليم، بنات حواء. حققت نجاحات وإيردات عالية للمنتج أنور وجدي في أفلام ليلة العيد بعام 1949 وليلة الحنة بعام 1951، وتوالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع كمال الشناوي التي حققت نجاحات وإيرادات كبيرة للمنتجين، وعلى حد تعبير كمال الشناوي نفسه «إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي» ونذكر منها حمامة السلام بعام 1947 وعدل السماء والروح والجسد وساعة لقلبك بعام 1948 وظلموني الناس بعام 1950. وظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن، كما يؤكد الكاتب سعدالدين توفيق، في كتابه تاريخ السينما العربية، وتوالت نجاحاتها في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائياتها مع عماد حمدي وكمال الشناوي بأفلام أشكي لمين بعام 1951 أقوى من الحب بعام 1954، وإرحم حبي بعام 1959. وجاءت فرصة عمرها في فيلم المرأة المجهولة لمحمود ذوالفقار بعام 1959، وهو من الأدوار التي أثبتت قدرتها العالية على تجسيد كافة الأدوار، حينها كانت تبلغ 25 عاماً، وكانت النقلة الأخرى في حياتها من خلال أفلامها مع صلاح ذوالفقار، والتي أخرجت طاقاتها الكوميدية في فيلم مراتي مدير عام بعام 1966، وكرامة زوجتي بعام 1967، وفي فيلم عفريت مراتي بعام 1968، وقدما أيضًا فيلم أغلى من حياتي في عام 1965، وهو أحد روائع الفنان محمود ذوالفقار الرومانسية، وقدما من خلاله شخصيتي «أحمد ومنى» كأشهر عاشقين في السينما المصرية، كانت قد سبقت هذه الأفلام بفيلم يعد من أفضل أفلامها وكانت بداية انطلاقتها بالدراما وهي لم تزل بعمر الورود بفيلم أنا الحب بعام 1954، وتوالت روائعها التي حفرت تاريخاً لها وللسينما المصرية أيضًا من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ بفيلم اللص والكلاب، وزقاق المدق، الطريق، وبعام 1969 قدمت ميرامار شيء من الخوف، و فيلم نحن لا نزرع الشوك عام 1970، وتوالت أعمالها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، إلى أن ختمت مسيرتها الفنية فيلم لا تسألني من أنا مع الفنانة مديحة يسري عام 1984. وقفت لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية ريا وسكينة مع سهير البابلي وعبدالمنعم مدبولي وحسين كمال وبهجت قمر لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية، هذه المسرحية هي التجربة الأولى والأخيرة، في تاريخ المشوار الفني في حياتها على خشبة المسرح، وليس ذلك هو السبب الوحيد لأهمية المسرحية في مشوار حياتها الفنية، بل لأنها أدت هذه المسرحية بلون كوميدي، والسبب الآخر انه أمام عمالقة المسرح ولم تقل عنهم تألقا وامتاعا وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات، رغم أنه من المعروف عنها أنها من النوع الخجول في مواجهة الجمهورن والأمر هنا يختلف عن مواجهتها لجمهور المستمعين في الغناء ولكنها كانت مبدعة ورائعة، ولم نشعر بفارق بينها وبين عمالقة المسرح الفنان عبدالمنعم مدبولي والفنانة سهير البابلي، والذين أقروا بأنهم لم يرو جمهوراً مثل جمهور مسرحية ريا وسكينة، لأنه كان جمهورها الذي أتى من أجل عيونها. ولم يعرف طموحها حدود وكل المطربين والمطربات الذين سبقوها كانوا حريصين على أن تتخلل أفلامهم أغنيات، ولكن "شادية" في العديد من الأفلام استطاعت أن تحطم هذا القيد، وهكذا شاهدناها في فيلم "اللص والكلاب" للمخرج "كمال الشيخ" تمثل فقط، وهو ما دفع "عبد الحليم" بعدها بأكثر من 14 عاماً إلى أن يطلب من "كمال الشيخ" أن يعد له فيلماً يمثل فيه بدون غناء ولكن رحل "عبد الحليم" عام 77 قبل أن يحقق تلك الأمنية.