بروتوكول تعاون بين جامعتي المنصورة والمنصورة الأهلية لتطوير التعليم الصيدلي    مدبولي يتابع مع وزير الكهرباء خطة تطوير مشروعات الطاقة النووية والمتجددة في مصر    البورصة المصرية تختتم على تباين وتراجع رأس المال السوقي 2 مليار جنيه    رئيس التنظيم والإدارة يبحث مع مدير المنظمة العربية للتنمية تعزيز التعاون    عاجل من وزارة العمل حول مطالب زيادة الحد الأدنى للأجور    كوشنر: لن تبدأ عمليات إعمار في مناطق تسيطر عليها حماس بغزة    فليك يعلن تشكيل برشلونة لمواجهة أولمبياكوس في دوري أبطال أوروبا    القبض على 3 أشخاص أداروا مصنعين للأسمدة المغشوشة والتحفظ على 139 طنا بالإسماعيلية    السياحة والآثار تكشف حقيقة تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون لخطر الانهيار    «هنو» يوجّه بسرعة الانتهاء من مشروع رفع كفاءة قصر ثقافة السويس    أمينة خليل تكشف موقفها من المشاركة في موسم رمضان 2026 | فيديو    نائب وزير الصحة يتابع جودة الخدمات الطبية في شمال سيناء    أمن المنوفية يكثف جهوده لسرعة ضبط عاطل قتل طليقته بسبب خلافات    وفاة شابين صدمهما القطار في الشرقية    والدة فتاة بورسعيد تطالب بأقصى عقوبة على زوج ابنتها الذى ألقاها من الشرفة    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    بعد رد أمك.. متحدثة ترامب تنشر رسائل صحفي هاف بوست وتصفه بمتسلل يساري    ترامب ل زيلينسكي: لا أسلحة أمريكية قريبا    تفاصيل جدول زيارة الرئيس السيسي لبروكسل.. تكشفها القاهرة الإخبارية    رئيس جامعة طنطا يهنئ فتحية سيد الفرارجى على إيداع مؤلفها بمكتبة فرنسا    رفع قيمة جائزة أفضل ناشر عربى بمعرض القاهرة للكتاب إلى 2000 دولار    الآثار عن مقبرة الملك توت عنخ آمون : حالته جيدة من الحفظ وغير معرضة للانهيار    محمد ثروت ينتهى من بروفة حفله بمهرجان الموسيقى العربية بقيادة علاء عبد السلام    «موسم خناقة السلفيين».. دار الإفتاء تشتبك وتغلق باب الجدل: الاحتفال بموالد الأولياء يوافق الشرع    رمضان عبد المعز: جزاء الإحسان مكفول من الله سبحانه وتعالى    وزيرة التضامن تبحث مع نظيرتها القطرية تكثيف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    منتخب مصر يواجه نيجيريا فى ديسمبر ومفاضلة بين مالى والكاميرون استعدادا لأمم أفريقيا    إصابات بالجملة تضرب الأهلي.. وتأكد غياب هؤلاء عن السوبر المصري (تفاصيل)    خلال جولته في طوكيو.. رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي مجموعتي «تويوتا تسوشو» و«زينشو» ومسؤولين بالحكومة اليابانية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    «زنزانة انفرادية وحكم ب 5 سنوات».. الرئيس الفرنسي الأسبق خلف القضبان فكيف سيقضي أيامه؟    الصين تدعو الحكومة اليابانية إلى الوفاء بالالتزامات بشأن التاريخ وتايوان    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    ظهور حالات فى مدرسة بالمنوفية.. علامات الجديرى المائى وطرق العلاج    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    رسالة شكر من حمزة العيلي بعد أدائه دور ضابط في ذكرى انتصارات حرب أكتوبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    ساناي تاكايتشي.. أول امرأة تكسر حاجز السلطة في اليابان    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ذَّهب عبر الحدود».. تحقيق يوثق عمليات تجارة وتهريب المعدن الأصفر
نشر في البوابة يوم 27 - 08 - 2019

فى واقعة، بتاريخ 9 يناير 2019، ألقت مباحث الجمالية القبض على «شريف. ع»، مدير وشريك بإحدى شركات التنقيب عن الذهب بمنطقة العلاقى بأسوان، و«صابر. أ»، موظف بنفس الشركة، وبحوزتهما 50 جراما من الذهب الخام، استخرجاه دون علم المسئولين بشركة الشلاتين -مسئولة عن تقنين عمليات التنقيب العشوائى عن الذهب- المتعاقدين معها. وسجلت تحقيقات النيابة اعترافهما بأنهما حضرا إلى أحد أصحاب محلات بيع المشغولات الذهبية بالجمالية لتحويلها إلى سبيكة بقصد التصرف فيها بالبيع.
لم تكن هذه الواقعة الأولى. فى الوقت الذى تُسجل فيه تقارير الأمن استمرار ضبط عشرات المنقبين غير الشرعيين عن الذهب بأطنان من حجر المعدن الأصفر «الكوارتز» على الحدود الجنوبية.
يوثق تحقيق «البوابة» خسارة الدولة ضرائب بملايين الجنيهات سنويًا بسبب عمليات دخول الذهب المستخرج بطريقة غير شرعية إلى ورش ومحال الصاغة وبيعه بدمغة مزورة واستخدامه فى زيادة عدد جرامات المشغولات القديمة «السكراب»، إضافة لفقد الدولة حصتها، التى تُقارب 50%، من قيمة الذهب المستخرج من تنقيب عشوائى بسبب عمليات تهريبه عبر الحدود الجنوبية فى حقائب وعربات بضائع، نتيجة لتشريعات وقوانين مجحفة تؤطر البحث والتنقيب عن المعدن الأصفر فى مصر.
بدأت رحلة معّد التحقيق من قرية العدوة شرقا بمركز إدفو، أسوان، على بُعد حوالى 750 كيلومترا من العاصمة القاهرة. اصطحبنا زكريا محمود وعلاء حساني، العاملين فى التنقيب العشوائى عن الذهب، إلى منطقة الطواحين قُرب الجبل.
نحو 10 كيلومترات قطعتهما السيارة إلى واحدة من الطواحين التى تنتشر بطول جنبات الطريق. اشترطا الثنائى زكريا وحسانى عدم التصوير إلا فى حدود، إضافة لستر هوية كُل من نقابلهما من «دهابة» خلف أسماء مُستعارة.
التنقيب «غير الشرعي» عن الذهب بمثابة حياة لكثير من أبناء الجنوب. قال زكريا: «الشُغل فى الجبل ريحنا من الحرامية وقطاع الطُرق والشحاتين.. الجبل لمَّ كل الناس دي». والتقط حسانى طرف الحديث: «الدهب فتح بيوت الستات الأرامل، بيخبزوا العيش ويبيعوه للى طالعين الجبل.. رزق لكُل الناس».
»عُرف الجبل»
يستند الدهابة إلى «عُرف الجبل» فى امتلاك مواقع التنقيب.. هو ما يؤكده حامد العبادي. ويُتابع: «نبحث عن الذهب، فى مجموعات، بداية من جبال قنا وجنوبًا حتى وادى العلاقى على حدود السودان، وأولوية امتلاك المواقع لمن سبق الوصول إليها، فيما تتحكم عائلات تسكُن الجبل، كالعبابدة، فى بعض مناطق التنقيب، ويُفضل البعض البحث عنه فى المغارات التى خلفها الإنجليز كالبرامية وعتود وحنجيلة والفواخير وأم الروس».
لكُل مجموعة «دهابة» طريقة تتبعها فى استخراج المعدن الأصفر. ويوضح العبادي: «هناك من يبحث عن الكتل الصخرية المُحملة بالذهب عن غيرها «عرق الذهب»، وآخرون يفضلون الوديان الجبيلة حيث الرمال التى جرفتها السيول والأمطار ونتجت عن نحت الصخور، لكن تظل الطريقة الأكثر ربحًا، وتكلفة مادية فى الوقت نفسه، هى تكسير الصخور المحملة بنسب من الذهب ونقلها إلى الكسارات (المطاحن) لتبدأ بعدها مرحلة استخلاص الذهب بالمياه المخلوطة بالزئبق ثم السيانيد».
»تجارة وتهريب«
»طريقة بيع الذهب المستخرج تختلف من مكان لآخر».. حسب ما يؤكده حمدى الجمال. ويُضيف: «فى قريتى العدوة ووداى عبادى مثلًا، كثير من محال الصاغة تتسلمه من الدهابة بعد استخلاصه بالزئبق، ويقومون بسبكه لإزالة الشوائب، فى ورش بدائية، باستخدام باشبورى ومادة بودرة، ثم شرائه بعد تحديد العيار بسعر السوق، وكُل شيخ منهم وله طريقته فى كسب ربحه، سواء باللعب فى عيار الذهب أو إضافة مواد أخرى تجعل منه أكثر وزنًا.«
وتظل «تجارة الذهب» أكثر سهولة وضمانًا من التنقيب عنه. يقول محمد عبدالسلام: «يتعرض الدهابة لحملات من الأمن بين حين وآخر، تُسرق معدات بعضهم، ويُخاطر البعض الآخر بصحته ومستقبله، لأن شركة الشلاتين تشترط علينا تسليم 250 جراما شهريًا إضافة لنسبة خاصة بها تختصمها، لذلك نتجنب العمل معها».
ويُتابع: «فى أسوان وإدفو التُجار بيخبطوا على البيوت علشان يجمعوا الدهب من الدهابة»، موضحًا أن التاجر ما هو إلا «وسيط» يحرص على شراء الذهب بأقل من سعر السوق بحوالى 30 إلى 40 جنيها على أن يقوم بتصريفه لاحقًا إلى أصحاب محال الصاغة القاهريين أو تهريبة إلى تُجار فى السودان.
دخول الذهب محال الصاغة لا يتطلب عناءً، فإما يكون بدمغة مزورة أو استخدامه فى زيادة عدد جرامات المشغولات القديمة «الكَسر». ويُكمل عبدالسلام: «بعض العائلات فى أسوان وحلايب وشلاتين لديها امتدادات وأولاد عمومة فى السودان، وتهريب الذهب من خلالهم، سواء فى حقائب أو عربات البضائع أو عبر الأودية الجبلية، فيما يُسمى «النطة» و«سلكاوي»، ليس أمرًا صعبًا.«
رصّد معّد التحقيق فى أطراف قرية العدوة تجمع سكنى كبير لسودانيين يُسمى ب«العزبة البيضاء»، تتوسطه محال لافتاتها مُزيلة بجملة «تنظيف وسبك الذهب». يعاود الجمال حديثه موضحًا: «كُلها سودانيون، أتوا قبل 4 سنوات تقريبًا، يعملون معنا فى الجبل، أيد عاملة أرخص وأكثر فهمًا لطبيعة الجبل والتنقيب، معظمهم يُفضّل الحصول على حقه ذهبًا خامًا يعودون به إلى بلدهم السودان.«
يقول أسامة فاروق، رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية، إن عمليات التنقيب العشوائى عن الذهب ترتبط بتهريبه. ويوضح أن أغلب تلك العمليات تكون غير مُقننة فيما يكون البعض الآخر بإشراف من شركة الشلاتين للتعدين وهى التى تعمل فى اتجاهي؛ البحث والاستكشاف والاستغلال، وتقنين أوضاع المنقبين «الدهابة» بمنحهم تراخيص.
واعترف فاروق بأن مسارين يسلُكهما «الدهابة» فى تصريف إنتاجهم من الذهب، الأول إدخاله فى سوق الذهب مباشرة المصرية أو بيعه لتُجار التهريب الذين ينقلونه إلى السودان. ويُتابع قائلًا: «إنتاج السودان من الذهب فى 2018 بَلَغَ حوالى 107 أطنان، وهو جزء ليس بالقليل منه كان ذهبًا مصريًا نتيجة التهريب».
عمليات تهريب الذهب عبر الحدود الجنوبية لا تقف حد ما يستخرجه الدهابة غير العاملين تحت مظلة شركة الشلاتين، وهو ما يوضحه فاروق: «أصحاب التراخيص يتورطون أيضًا بتحايلهم على الشركة، فمثلًا فى حالة استخراج أحدهم 100 جرام من الذهب يقوم بتسليم 25 جراما فقط».
»ضرائب مفقودة«
وفقًا لتقرير، صادر عن مصلحة الدمغة والموازين، فإن حجم المضبوطات من الذهب ارتفع خلال عام 2018 مُقارنة بالأعوام السابقة، حيث تم ضبط ومُصادرة 60 كيلوجراما، معظمها بدون دمغة.
يقول اللواء مهندس عبدالله منتصر، رئيس مصلحة الدمغة والموازين، إن نحو 60 إلى 70٪ من سوق الذهب خارج السيطرة. ويؤكد أن كُل جرام ذهب، غير مدموغ أو بدمغة مزورة، يتم التعامل فيه فى السوق، تخسر عنه خزينة الدولة 40 قرشًا قيمة رسوم الدمغة وحوالى 3.5 جنيه قيمة ضريبة القيمة المضافة.
»لا يمكن التمييز بين الذهب المستخرج بطريقة غير مشروعة والذهب المُسمى ب«السكراب» أو ذهب الكَسر والمشغولات القديمة»، وهو ما يؤكده الدكتور وصفى أمين وصفي، رئيس الشعبة العامة للمجوهرات والمصوغات باتحاد الغرف التجارية.
ويوضح: «يُباع ذهب التنقيب العشوائى عادة إلى تُجار وصاغة اعتادوا على شراء الذهب المسروق، وبمجرد أن يحولوه إلى «سبيكة» لا يستطيع أحد أن يفرق بينه وبين السكراب، وفى حالة التعامل فيه بالسوق بدون دمغة أو دمغة مزورة، فإضافة لخسارة الدولة حصتها التى تُقارب 50٪ فإنها أيضًا تخسر فى كُل كيلو رسوم دمغة بقيمة 4000 جنيه وضريبة قيمة مُضافة بحوالى 3 آلاف و385 جنيها» .
ويؤكد رفيق عباسي، رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، أن الدمغة التقليدية «قلم الدمغة» يسهُل تقليدها وبنفس الجودة، وهو ما يُضيع على الدولة حقها فى رسوم الدمغة وضريبة القيمة المضافة إضافة إلى 22.5٪ قيمة الضريبة العامة على الأرباح التجارية والصناعية للذهب.
»خسائر لا تُقدر«
»لا يُقدر بثمن».. هكذا وصف عصمت الراجحي، مدير عام الأمن والعلاقات العامة بشركة «سنتامين إيجبت» المالكة لشركة السكرى لمناجم الذهب، ما تخسره مصر جراء تهريب الذهب الخام خارج حدودها الجنوبية، موضحًا أن السكري، وهو منجم الذهب الوحيد الفعال فى مصر مُنذ سنوات، يُساهم فى إجمالى صادرات مصر بنحو 2٪.
ويُكمل: «نُنتج حوالى 18 طنا سنويًا جميعها عوائد مالية فى اقتصاد الدولة المصرية من إنتاج منجم واحد، فما بالك بعوائد ما يتم التنقيب عنه عشوائيًا!».
يرى الراجحى أن السبيل الوحيد للقضاء على عمليات تنقيب وتهريب الذهب عبر الحدود الجنوبية هو خلق قوانين تجذب شركات التعدين العالمية للعمل فى مصر لتستخدم «الدهابة» أفرادًا عاملين بها. وينوّه إلى أن قانون الثروة المعدنية الحالى غير مُشجع ولا يتوافق مع القوانين المُتبعة فى معظم دول العالم.
ويوضح الراجحى أن شركات تنقيب كالسكرى تتحمل إيجار الأرض، ونسبة إتاوة تتراوح بين 5 و6٪ من إجمالى الإنتاج، ونسبة تتخطى 50٪ من أرباح الشركة، و1٪ تنمية مُجتمع، فضلًا عن؛ مبلغ 20 مليون جنيه شهريًا ضريبة كسب عمل على مرتبات العمال. مشيرًا إلى أن القانون الجديد يشتمل على فقرات تحيل بين الشركات الكُبرى والتنقيب فى مصر كفصل الاستكشاف عن الاستغلال.
يقول يوسف الراجحي، المدير العام لشركة «سنتامين إيجبت»، والعضو المنتدب لشركة السكرى لمناجم الذهب، إن خزينة الدولة انتعشت بما يُقارب 415 مليون دولار من إنتاج منجم السكرى مُنذ أن تولته شركة سينتامين علاوة على 670 مليون جنيه ضرائب مُختلفة.
وينوّه الراجحى بأن شركة السكرى هى المُنتج الوحيد للذهب، بإجمالى بلغ 470 ألف أوقية فى 2018، مُضيفًا: «القضاء على التنقيب العشوائى للذهب وتهريبه يبدأ من إصدار قانون شفاف يحمى المستثمر والدولة ويحتضن جميع الدهابة».
»تشريعات طاردة«
فى يناير 2017، طرحت الحكومة مزايدة دولية للتنقيب عن الذهب فى 5 مواقع مُتفرقة، كانت الأولى مُنذ 8 سنوات، أسفرت عن عدم جذبها لأى من شركات التعدين الكبرى أو الصغرى، اعتراضًا على شروط تضمنت فرض رسوم «إتاوة» 6٪ وثلاثة مدفوعات منحة لهيئة الثروة المعدنية أحدها بمبلغ لا يقل عن مليون دولار.
يُرجع محمد حنفي، رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إحجام شركات التعدين الكبرى والجادة فى الاستثمار فى التنقيب عن الذهب المصرى واستخراجه إلى طريقتى التعامل والمحاسبة، فى قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014، وتعديلاته التى أُقرت فى يوليو 2019.
ويُتابع: «فى التعامل ينُص التشريع على أن تكون هيئة الثروة المعدنية شريكًا مع المستثمر فى مرحلة استخراج الذهب، بتأسيس شركة مُشتركة، فيما يُسمى فصل الاستكشاف عن الاستخراج، وهى طريقة لا تصلُح مع شركات التنقيب العالمية».
ويُكمل حنفي: «وفى المحاسبة ينُص على مناصفة ما يتم استخراجه من ذهب بين المستثمر والدولة فى حين أن قوانين التنقيب فى معظم دول العالم تكتفى بفرض ضريبة، بين 25 و30٪، على إجمالى ما تستخرجه الشركة، إضافة إلى أنه لدينا أكثر من جهة يلتزم المستثمر بدفع تكاليف مُختلفة لها أثناء الاستكشاف والاستخراج، كالمحافظات والمحليات والطُرق، ما يُعد عبئًا إضافيًا».
»اتفاقيات مجحفة«
ويبلُغ عدد مواقع الذهب المصرية نحو 178 منجمًا وفقًا لأحدث دراسات الإدارة العامة للاستكشاف بهيئة الثروة المعدنية.
ويوضح المُشرف آنذاك على الدراسة الدكتور حسن بخيت، رئيس المجلس الاستشارى العربى للتعدين والبترول والموارد الطبيعية، وكيل وزارة البترول لشئون الثروة المعدنية السابق، أن معظمها يرتكز فى الصحراء الشرقية على طول ساحل البحر الأحمر بدءًا من رأس غارب وحتى الحدود السودانية.
ويؤكد بخيت أن موقعين فقط حصلاا بالفعل على رخصة تشغيل بداية الألفية الجديدة هما؛ «حمش» و«السكري»، حيث إن الأخير نجح فى الاستمرار فى استخراج واستخلاص الذهب، فيما وقع منجم «حمش» فى مُشكلات أحالت بينه وبين الإنتاج.
ويوضح بخيت: «عشرات شركات التعدين الصغرى تعمل فى مجال الاستكشاف عن الذهب فى مصر لكن جميعها غير ذات ثقل، وتدخل القطاع من أجل مآرب أخرى، كالحصول على قروض، حتى أنه لا يوجد رقم يُقدر حجم إنتاج تلك المناجم الصغيرة«.
«ارتباط وثيق بين عملية تسريب الذهب والاتفاقيات المجحفة مع شركة الشلاتين» حسبما يؤكد بخيت، موضحًا: «شركات التعدين الصُغرى والدهابة يلجأون إلى تسريب الذهب عبر الحدود الجنوبية إلى السودان». مُشيرًا إلى أن تجربة الشركة تحتاج إلى مراجعة من قِبل مُتخصصين بما يضمن حق الدولة والمتعاقدين معها.
أُنشئت شركة الشلاتين بالقرار الجمهورى رقم 43 لسنة 2014 للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة له واستغلالها فى 5 مناطق بالصحراء الشرقية؛ جبل إيقات وجبل الجرف ووادى ميسح وجبل علبة ومنطقة أسوان، بإجمالى مساحة تبلُغ 14 ألف كيلومتر مُربع.
ويتجنب كثير من الدهابة العمل تحت مظلة شركة الشلاتين لما تفرضه من شروط. يقول محمود عبدالعزيز، العضو المنتدب لشركة «كيميت» للتعدين، إن فترة الاستكشاف التى تمنحها الشلاتين للشركات المتعاقدة معها تقلصت إلى 3 أشهُر بدلًا من سنة، فيما ارتفعت قيمة التأمين المفروضة على الشركات إلى نحو 500 ألف جنيه بدلًا من 60 ألف جنيه فى 2014.
يُحدد عقد الاتفاق بين المُرخص له والشلاتين نسبة 36٪ من قيمة الإنتاج تعود للأخيرة. يُتابع عبدالعزيز: «تتسلم الشركة مُجمل إنتاجك من الذهب كُل بداية شهر لسبكه، تستقطع نصيبها منه، فيما يتحصل المتعاقد معها على الجزء المتبقى بسعر السوق».
»رقابة غير مُحكمة«
ويعترف عبدالعزيز بلجوء بعض الشركات إلى تسريب جزء من إنتاجها بعيدًا عن الشلاتين قائلًا: «دول بشر وليسوا ملائكة»، مُضيفًا أن التنقيب غير الشرعى يجد سبيلًا له فى جبال الجنوب رغم الحملات الأمنية، وأن تهريب الذهب المُستخرج من خلاله أمر طبيعى.
ورغم المساحة الشاسعة لمواقع الذهب فى الصحراء الشرقية، إلا أن «نحو 48 رقيبا، تابعين لشركة الشلاتين، مسئولين عن متابعتها والتعامل مع الخارجين عن شروط التقنين»، بحسب الدكتور عبدالعال عطية، الخبير التعدينى ومستشار اتحاد الصناعات للتعدين، منوهًا بأن عدد شركات التعدين المتعاقدة مع الشلاتين للبحث عن المعدن الأصفر بلغ حوالى 50 شركة.
(تم نشر هذا المقال عن طريق جريدة «البوابة». هذا المقال جزء من برنامج ثروات الأمم، وهو برنامج تطوير المهارات الإعلامية الذى تديره مؤسسة طومسون رويترز بالشراكة مع مركز التطوير الإعلامي. للمزيد من المعلومات http://www.wealth-of-nations.org/ar/. مؤسسة طومسون رويترز ليست مسئولة عن محتوى هذه المادة، ترجع هذه المسئولية للمؤلف والناشر).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.