جامعة القاهرة تبدأ استعداداتها لاستقبال مكتب التنسيق الإلكتروني للقبول بالجامعات والمعاهد لعام 2025    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 الترم الثاني محافظة قنا    صور.. نقيب الصحفيين يلتقي وزير المالية في احتفالية مرور 10 سنوات على "تكافل وكرامة"    خطاب: "القومي لحقوق الإنسان" ساهم في حل التحديات بملف الجنسية    ميناء الإسكندرية يستقبل باخرة سياحية قادمة من إيطاليا    وزير التعليم العالى يعلن رؤية الوزارة لإطلاق جيل جديد من الجامعات المتخصصة    سنابل الذهب.. توريد 108 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    توجيهات جديدة من محافظ المنوفية بشأن التصالح على مخالفات البناء    الصحف العالمية: البابا ليو 14 يزور قبر البابا فرانسيس في روما fأول ظهور له خارج الفاتيكان.. ترامب يعترف بإحباطه بشأن عدم وقف حربى أوكرانيا وغزة.. ,إدانات لمنظمة بريطانية زعمت أن حرب غزة ستخفض معدلات السمنة    اعرف ماركة الساعة التي ارتداها بابا الفاتيكان في أول قداس رسمي    القاهرة الإخبارية: ارتفاع ضحايا غارات الاحتلال على غزة منذ الفجر ل16 شهيدا    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    نائب الرئيس الفلسطينى: مقترح ترامب بترحيل أهل غزة لم يعد قائما    رئيسة بالميراس: مستعدون لمواجهة ميسي في كأس العالم للأندية.. ولن نذهب إلى النزهة بأمريكا    تعليق مثير من نجم آرسنال على الممر الشرفي اليوم للاعبي ليفربول    ممدوح عباس يعلن.. وصول توني بيوليس للقاهرة لدارسة إمكانية التعاون مع الزمالك    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    تحرير 36 محضرا لمخابز بلدية تنتج خبزا مخالفا للمواصفات فى البحيرة    القاهرة تُسجل 40 مئوية.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس الآن: «ذروة الموجة الحارة»    السجن 5 سنوات لمتهم بقتل شاب بسبب خلافات زوجية بقنا    تبدأ خلال 3 أسابيع.. جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي الترم الثاني 2025 بالإسكندرية    انهيار بئر بأحد مزارع المنيا على شخص جارى استخراجه    فنانون يتحدثون عن رحلة عادل إمام فى الوثائقى "الزعيم" قريبًا على "الوثائقية"    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    "المغاوري" يعلن موافقته على قانون تنظيم الفتوى الشرعية    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    "مصمم على 40 مليون".. شوبير يكشف صدام الأهلي وعلى ربيعة واقتراب الانفصال    الثقافة تختتم الملتقى 21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط ضمن مشروع أهل مصر    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    قوافل الأحوال المدنية تستخرج 7148 بطاقة رقم قومي و25 ألف مستند مميكن    البورصة تعلن فتح باب الترشح لمجلس إداراتها (2025 - 2029)    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    اعتماد تخطيط مشروع حديقة تلال الفسطاط بحى مصر القديمة    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    صندوق الإسكان: نسعى لإرساء مبادئ الحوكمة وتحقيق التطوير المؤسسي    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    الرئيس الفرنسي: مقترح بوتين بشأن المفاوضات مع كييف خطوة غير كافية    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    تقرير أمريكي يصدم إسرائيل: ترامب سيعترف بدولة فلسطين خلال أيام    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في توظيف الوسائل الإعلامية.. دراسة تحليلية على 2082 مادة إعلامية ل"داعش" و498 مادة ل"جبهة النُصرة"
نشر في البوابة يوم 30 - 07 - 2019

د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية
د. نهى إبراهيم محمد الباحثة بقسم الصحافة كلية الإعلام جامعة القاهرة
«داعش» الأكثر احترافية.. و«جبهة النصرة» ورثت رؤى «القاعدة» فى التعامل مع الإعلام
30 % نسبة تركيز إعلام «داعش» على المعارك التى يخوضها يليها أخبار العمليات التفجيرية والاغتيالات 15.2٪
«الصراع والعنف» تصدرت القيم الخبرية فى الرسائل الإعلامية ل«داعش» بنسبة 70.3 و«جبهة النُصرة» بنسبة 43.4٪
العزف على الوتر الدينى لاستقطاب مزيد من المتعاطفين عن طريق إيهامهم بعودة أمجاد الدولة الإسلامية
رفع راية الإسلام فى بقاع الأرض أهم الأساليب الإقناعية لتنظيم «داعش»
المركز العربى للبحوث والدراسات- مركز علمى بحثى تابع لمؤسسة المركز العربى للصحافة، يهتم بالقضايا والدراسات الإقليمية، فى تخصصات النظم والعلاقات الدولية.
وفى إطار التعاون بين جريدة «البوابة» والمركز العربى للبحوث والدراسات، ننشر اليوم عروضا لعدد من الدراسات الصادرة عن المركز فى محاولة لإلقاء الضوء على آخر المستجدات على الساحة العربية والإقليمية والدولية كخدمة تقدمها «البوابة نيوز» لقرائها.
أولت التنظيمات الإرهابية الإعلام أهمية قصوى فى الترويج لأطروحاتها الأيديولوجية فكريًا وعسكريًا وسياسيًا، فسعت تلك التنظيمات إلى تمرير رسائل مباشرة وغير مباشرة عبر المحتوى الإعلامى الذى قدمته عبر المنصات المختلفة سواء كان هذا المحتوى مكتوبًا أو مسموعًا أو مرئيًا.
وأدركت تلك التنظيمات خطورة وأهمية الحرب الإعلامية، فقامت بتدعيم صفوفها بجيلٍ محترف من الإعلاميين، فضلًا عن مؤيدى التنظيم من الشباب أصحاب الخبرات التقنية المتميزة، هذا التواجد الإعلامى لهذه التنظيمات يفرض دراسة كيفية توظيفها لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة لخدمة أهدافها فى حربها الفكرية والإعلامية لتحقيق الانتشار والتأثير الأيديولوجى وكسب أرضية من التعاطف أو التأييد لدى الرأى العام.
وسعت هذه الدراسة للتعرف على استراتيجيات التنظيمات الإرهابية فى توظيف وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية لتحقيق أهدافها والتعرف على المضامين المقدمة بالوسائل الإعلامية لتلك التنظيمات وأهدافها التواصلية، والتعرف على الأشكال الإعلامية للمحتوى المقدم من قبل التنظيمات المتطرفة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ودراسة مدى الترابط الاتصالى بين الأدوات الإعلامية المختلفة لكل تنظيم من التنظيمات محل الدراسة، ومعايير طرح محتوى إعلامى معين عبر إحدى الأدوات الإعلامية سواء التقليدية أو الجديدة بما يتناسب مع طبيعة كل وسيلة إعلامية، والهدف المرجو تحقيقه؛ حيث تقدم هذه المضامين رسائل غير المباشرة ترسم صورةً كاملة للتنظيم وقادته وأفراده والمناطق التى يقع بها الصراع.
استخدمت الدراسة أداة تحليل المضمون للتعرف على الأهداف الاتصالية للتنظيمات الإرهابية والأشكال الإعلامية المستخدمة فى تقديم المحتوى الإعلامى لهم، ومدى الترابط الاتصالى بين الوسائل المختلفة لكل تنظيم من التنظيميْن محل الدراسة وهما «داعش» و«جبهة النُصرة»، وامتدت الدراسة التحليلية فى الفترة من يناير حتى مارس 2018، خضعت خلاله وسائل الإعلام التابعة للتنظيميْن للتحليل.
وتم تحليل جميع المواد الإعلامية التى تم نشرها عبر القنوات المختلفة لتنظيمي الدراسة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى تحليل جميع أعداد مجلة «دابق» الصادرة عن تنظيم «داعش»، علاوة على وسائل الإعلام الأخرى التابعة لتنظيمي الدراسة.
موضوعات التحليل
كان إجمالى عدد الموضوعات الخاصة بتنظيم «داعش» 2082 موضوعًا، بواقع 297 (14.26٪) مادة بوسائل الإعلام التقليدية عينة الدراسة و1785 بنسبة 85.7٪ بوسائل الإعلام الجديدة عينة الدراسة، وجاءت المواقع الإلكترونية فى المرتبة الأولى من حيث توظيفها من قبل تنظيم «داعش» بنسبة 48.8٪ يليها تويتر بنسبة 33.6٪ ثم وسائل الإعلام التقليدية بنسبة 14.26٪ ويأتى فى المرتبة الأخيرة «يوتيوب» بنسبة 3.65٪.
وكان إجمالى عدد الموضوعات الخاصة بتنظيم «جبهة النُصرة» والتى تم تحليلها خلال فترة الدراسة 498، بواقع 139 (28٪) مادة بوسائل الإعلام التقليدية، وجاء «تويتر» فى المرتبة الأولى من حيث توظيفه من قبل التنظيم بنسبة 45٪ يليه وسائل الإعلام التقليدية بنسبة 28٪ ثم المواقع الإلكترونية بنسبة 15.5٪ ويأتى فى المرتبة الأخيرة «يوتيوب» بنسبة 11.5٪.
ويتضح لنا أن موقع «يوتيوب» جاء فى المرتبة الأخيرة من حيث قدرة التنظيمات الإرهابية على توظيفه لنشر محتواها الإعلامي، وهو ما يشير إلى قوة الإجراءات التى اتبعها الموقع لحذف المحتوى الإعلامى لتلك التنظيمات، وهو ما حاولت تلك التنظيمات التغلب عليه بنشر المحتوى عبر حسابات مختلفة بأسماء وهمية بعد تعرض قنواتها الرسمية للحذف.
يذكر أنه فى أوائل العام 2016 أعلن «تويتر» عن تعليق 125 ألف حساب معظمها تابع لتنظيم «داعش». وعقب مضى ستة أشهر من تعليق الحسابات المُشَار إليها سابقًا؛ علق «تويتر» 235 ألف حساب آخر، ونستطيع أن نقول إن الشركة علقت فى الفترة ما بين يوليو 2015 ويوليو 2016، ما لا يقل عن 360 ألف حساب، وفى 20 يوليو من العام 2017، أعلن «يوتيوب» أنه بدأ استخدام تقنية Jigsaw التى تعمل ضد التطرف والعنف والمضايقات عبر الإنترنت، والهجمات ضد حرية التعبير وغير ذلك، وتسمى هذه التقنية بطريقة إعادة التوجيه حيث تقوم على توجيه أى شخص يبحث عن مقاطع فيديو ذات محتوى متطرف إلى مقاطع الفيديو التى تواجه المتطرفين ولديها رسالة مضادة؛ فعندما يبحث أحد الأشخاص على «يوتيوب» عن كلمات رئيسة معينة، يُوجه المستخدم إلى قائمة من مقاطع الفيديو التى تتضمن محتوى يعارض التطرف والإرهاب.
المحتوى الإعلامى
بالنسبة لتنظيم «داعش»، جاءت أخبار المقاتلين والمعارك التى يخوضها التنظيم فى المركز الأول بنسبة 30٪، يليها أخبار العمليات التفجيرية والاغتيالات بنسبة 15.2٪، ثم الترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة بنسبة 11.9٪، وجاء فى المرتبة الرابعة الدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المبايعة للتنظيم والمنضمة له بنسبة 10.2٪، وفى المرتبة الخامسة أخبار ما يُسمى ب «الولايات» التى تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها وإقامة الحدود الشرعية بنسبة 8.9٪، ثم تداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تدعم الأعمال التى يقوم بها التنظيم وتبرر شرعيتها بنسبة 8.3٪، يليها نشر أخبار منفذى العمليات التفجيرية بنسبة 6٪، ثم أخبار الأسرى بنسبة 5.6٪، وجاءت أخبار التنظيم والقادة بنسبة 4٪، وجاء فى المرتبة الأخيرة تعليمات أمير التنظيم وقادة «الولايات».
ولم تختلف قائمة الموضوعات بالإعلام التقليدى والجديد الخاص بتنظيم «جبهة النُصرة» عن تنظيم «داعش»، حيث جاءت أخبار المقاتلين والمعارك التى يخوضها التنظيم فى المرتبة الأولى أيضًا بنسبة 28.8٪، يليها أخبار «الولايات» التى تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها وإقامة الحدود الشرعية بنسبة 18٪، ثم أخبار العمليات التفجيرية والاغتيالات بنسبة 13٪، ثم تداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تدعم الأعمال التى يقوم بها التنظيم وتبرز شرعيته بنسبة 11.6٪، يليها تعليمات أمير التنظيم وقادة الولايات بنسبة 6.8٪، وجاءت الدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المبايعة للتنظيم والمنضمة له وأخبار القادة فى مرتبة واحدة بنسبة 5.8٪، يليها أخبار الأسرى بنسبة 4.4٪، ثم أخبار منفذى العمليات التفجيرية بنسبة 3.4٪، وفى المرتبة الأخيرة جاء الترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة بنسبة 2.4٪.
وتشير النتائج السابقة إلى اتفاق أولويات القضايا لكلا التنظيميْن من حيث الاهتمام بنشر أخبار المقاتلين والمعارك التى يخوضها التنظيم، ثم اختلفت فيما بعد، حيث أعطى تنظيم «داعش» أولوية للترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة، كما اهتم «داعش» بالدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المُبَايّعَة للتنظيم والمُنْضَمَة له، بينما أعطى «جبهة النُصرة» الأولوية لأخبار الولايات التى تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها، وإقامة الحدود الشرعية، ولتداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تبرز شرعيته، فى محاولة واضحة للتشكيك فى عقيدة تنظيم «داعش» وانتقاد تصرفات قادة التنظيم.
نطاق التغطية الجغرافية للمحتوى المقدم
بالنسبة لنطاق التغطية الجغرافية للمحتوى الإعلامى الخاص ؛ ففيما يتعلق بتنظيم «داعش» جاءت سوريا بالمركز الأول بنسبة 30.5٪، وهو ما يعد مؤشرًا طبيعيًا حيث تُعَدُ سوريا من أكبر مناطق تمركز التنظيم بعد نشأته بالعراق، وجاءت العراق بالمرتبة الثانية بنسبة 28.3٪، واحتلت دول وسط آسيا (أفغانستان، تركستان، كازاخستان، طاجيكستان، تركمنستان وأوزبكستان ) بنسبة 21.9٪، وجاءت مصر فى المرتبة التالية بنسبة 10.2٪ وهو ما يعتبر مؤشرًا منطقيًا، حيث صادفت الفترة التحليلية فترة العملية الشاملة (سيناء 2018) التى قادتها القوات المسلحة المصرية فى شمال سيناء ضد عناصر التنظيم، والتى بدأت فى التاسع من فبراير 2018، وجاءت فى المرتبة التالية دول أوروبا وأمريكا بنسبة 7.3٪، وفى المرتبة قبل الأخيرة جاءت ليبيا بنسبة 1.6٪ يليها اليمن بنسبة 1٪، أما بالنسبة لمحيط التغطية الجغرافية للمحتوى الإعلامى الخاص بتنظيم «جبهة النُصرة» فجاء بنسبة 100٪ فى سوريا حيث تُعَدُ سوريا منطقة التمركز الوحيدة للتنظيم.
القيم الخبرية
اتفق التنظيمان فى تصعيد قيمة الصراع والعنف التى جاءت فى المرتبة الأولى مقارنةً ببقية القيم الخبرية بنسبة 70.3٪ بالنسبة لتنظيم «داعش» و43.4٪ بالنسبة لتنظيم «جبهة النُصرة». وبالنسبة لتنظيم «داعش تلت قيمة الصراع والعنف قيمة الأهمية بنسبة 9.2٪، ثم الجِدَة والحداثة بنسبة 8.9٪، ثم الضخامة بنسبة 6.9٪، ثم القُرب والمكانة بنسبة 2.6٪، ويليه الشهرة بنسبة 1.5٪، وفى المرتبة الأخيرة جاءت قيمة الغرابة بنسبة 6٪، أما بالنسبة لتنظيم «جبهة النُصرة» فجاء بعد قيمة الصراع والعنف قيمة القُرب والمكانة بنسبة 30.3٪، ثم الجِدَة والحداثة 16.6٪، ثم قيمة الشهرة بنسبة 5.4٪، يليها فى المرتبة الأخيرة قيمة الأهمية بنسبة 4.3٪.
ويتضح من النتائج السابقة تصاعد قيمة الصراع والعنف فى المحتوى الإعلامى لتنظيميْ الدراسة وهو أمرٌ متوقعٌ بشكلٍ كبير، حيث تعمدت تلك التنظيمات الإرهابية نشر صور القتلى والجرحى من الجانبيْن سواء بنشر صور القتلى فى صفوف العدو لتؤكد على قوة التنظيم وبطشه ونجاحه فى إحداث إصابات داخل صفوف العدو، أو بنشر صور للقتلى والجرحى من أهالى المناطق التى يقوم العدو بضربها وقصفها لإظهار وحشيتهم وتقديم مبرر لأعمال العنف التى يقوم بها التنظيم ردًا على تلك الأفعال وانتقامًا للمسلمين فى كل بقاع الأرض فى محاولة لإظهار التنظيم على أنه حامى الشريعة والمدافع عن مسلمى العالم.
الأهداف التواصلية
وفيما يتعلق بالأهداف التواصلية للمحتوى الإعلامى للتنظيميْن خلال فترة الدراسة، بالنسبة لتنظيم «داعش» جاء الترويج لأخبار التنظيم وأيديولوجيته فى المرتبة الأولى بنسبة 22٪، يليه إظهار قوة التنظيم بنسبة 21.4٪، وفى المرتبة التالية جاء التهديد وبث الرعب بنسبة 13.1٪ حيث تعمد التنظيم وصف جنوده بالأسود القادمة لكى تنتقم من أعداء الله والإسلام، ثم التواصل مع الأعضاء والمؤيدين والمتعاطفين وتبادل المعلومات بنسبة 11.9٪، يليه التجنيد والتوظيف بنسبة 9.5٪، حيث اهتم التنظيم باستقطاب مقاتلين جُدد إلى صفوفه من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعى على الإنترنت واستغلال العلاقات الاجتماعية داخل المجتمعات الإلكترونية، ولا يزال خطاب التنظيم موجهًا إلى الجيل الشاب من «الجهاديين» الذى يسهل عليه استخدام التقنيات الحديثة والتطبيقات الفنية على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، بالإضافة إلى تركيزه على تجنيد مزيدٍ من المقاتلين الأجانب واستغلالهم بشكل خاص داخل التنظيم بشكلٍ يفوق المقاتلين المحليين.
وهنا يجب أن نؤكد أن «داعش» اختلف كثيرًا عن غيره من التنظيمات المتطرفة؛ فلم ينتظر أن يأتى إليه المقاتلون بقدر ما يتحرك التنظيم باتجاه الحصول على مزيدٍ من المقاتلين من ذوى الخبرات الخاصة من مهندسى المتفجرات وخبراء الإعلام والأطباء، كما عمل «داعش» على إظهار ضعف المناهضين والمنشقين والتنظيمات المنافسة بنسبة 8.2٪، حيث عمد إلى تشويه التنظيمات والأفراد المنشقين عنه والتشكيك فى عقيدتهم وأيديولوجيتهم وذلك بهدف الحصول على بَيْعات جديدة وسحب بساط عولمة الجهاد من التنظيمات الأخرى المنافسة وتدفق مقاتلين جدد وبَيْعات من بقية الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم مثلما حدث عند مبايعة جماعة «بوكو حرام» النيجيرية المتطرفة للتنظيم، كما عمل التنظيم على إضفاء الشرعية على ممارساته بنسبة 7.5٪، كما اهتم التنظيم بتحسين الصورة الذهنية له عبر المحتوى الإعلامى المقدم بنسبة 6.5٪، وذلك بإظهار الصور الملائكية لأعضاء التنظيم فيما بينهم واصفين جنود التنظيم بأنهم (أشداء على الكفار رحماء بينهم)، فضلًا عن عرض مقاتليه فى حالة من الراحة والرفاهية، وهم يمارسون حياتهم اليومية الاعتيادية مثل بقية البشر داخل بيوت فخمة وقصور بصحبة عوائلهم، عكس ما كان عليه الجيل الأول من مقاتلى القاعدة الذين كانوا يعيشون فى كهوف الجبال.
أما بالنسبة لتنظيم «جبهة النُصرة»، فجاء فى المرتبة الأولى إظهار قوة التنظيم بنسبة 26.9٪، يليه تحسين الصورة الذهنية للتنظيم بنسبة 18.6٪، ثم التجنيد والتوظيف بنسبة 13.4٪، يليه إضفاء الشرعية على ممارسات التنظيم بنسبة 10.1٪، ثم التواصل بين أعضاء التنظيم والمؤيدين والمتعاطفين وتبادل المعلومات بنسبة 9.7٪، ثم الترويج لأخبار التنظيم وأيديولوجيته بنسبة 8.7٪، يليه التهديد وبث الرعب بنسبة 7.9٪، وجاء إظهار ضعف المناهضين والمنشقين والتنظيمات المنافسة بنسبة 4.6٪.
توظيف الإعلام التقليدي
قامت الباحثة بتحليل جميع أعداد مجلة دابق الصادرة عن تنظيم داعش وعددها 15 عددًا، ورغم أنها صدرت خارج الفترة الزمنية للدراسة التحليلية، إلا أنه لم يكن من الممكن تجاهلها نظرًا لأهميتها، كما قمنا بتحليل أعداد صحيفة «النبأ» الأسبوعية التى تصدر عن التنظيم، بواقع تحليل أربعة أعداد لكل شهر بعدد إجمالى 12 عددًا خلال الفترة الزمنية للدراسة التحليلية.
واستطاعت المجلة أن تقدم صورة ذهنية حول إعلام «داعش» بإعلام منظم أقرب لإعلام الدولة منه إلى إعلام جماعة إرهابية متخبطة.
وقد صدرت المجلة فى عدد صفحات وصل إلى 80 صفحة ملونة ومصممة باحترافية عالية، وتوقفت المجلة سريعًا ربما لأسباب تتعلق بالتمويل والهزائم العسكرية التى لاقاها التنظيم على أرض الواقع.
أما صحيفة «النبأ» الأسبوعية فعرّفت نفسها بأنها صحيفة أسبوعية تصدر عن ديوان الإعلام المركزي، وجاءت متواضعةً شكلًا وموضوعًا مقارنةً بمجلة «دابق» وهو ما يرجع لأسباب اقتصادية تمثلت فى ضعف التمويل بسبب الهزائم العسكرية التى لاحقت التنظيم مؤخرًا.
أما فيما يخص الإعلام التقليدى ل «جبهة النُصرة»، فيمكننا أن نصف مخرجات الإعلام التقليدى لهذا التنظيم بالنادرة جدًا والمتواضعة بشكلٍ كبير مقارنةً بمخرجات الإعلام التقليدى لتنظيم «داعش» الذى حرص منذ البداية على تقديم إعلام مؤسسى لمجموعة من المحترفين وليس مجرد هواة، بعكس الحال بالنسبة لجبهة النُصرة؛ فلم يكن لها إعلام تقليدى مؤسسى منظم يمكننا وصفه بالاحترافى، بل اكتفى بنشر بيانات صحفية متفرقة تحمل أخبار التنظيم فى أماكن تواجده والمعارك التى يخوضها أعضاؤه، وقمنا بتحليل جميع البيانات الصحفية التى صدرت عن التنظيم خلال فترة الدراسة ووصل عددها 139 مادة إعلامية.
وقد اتبع القائمون على مجلة «دابق» فى تحريرها وإخراجها أسلوب الإعلام الرسمى المحترف.
وبدأت جميع أعداد اﻟﻤﺠلة باقتباسٍ لأبومصعب الزرقاوي، القيادى السابق فى تنظيم القاعدة فى العراق، يقول فيه «لقد أشعلت الشرارة هنا فى العراق، وحرّها سوف يتصاعد بإذن الله، حتى تحرق الجيوش الصليبية فى دابق» فى إشارة لسبب تسمية المجلة ب «دابق».
أما صحيفة «النبأ» فقد جاءت متواضعة شكلًا ومضمونًا لا ترقى لمستوى المقارنة مع سابقتها – «دابق» – فكانت أشبه بالنشرة الإخبارية لم تتعد عدد صفحاتها 15 صفحة على أقصى تقدير، جاءت بتبويب ثابت وإخراج ثابت وألوان ثابتة خالية من الإبداع الفنى أو التحريري، صفحاتها جاءت بإخراج فقير للألوان والصور، وإن تميزت «النبأ» على «دابق» بتوظيف فن الإنفوجرافيك فى جميع الأعداد التى خضعت للتحليل، بحيث اهتمت بعمل إنفوجرافيك للعمليات التى خاضها التنظيم فى الولايات المختلفة ونشاط أعضائه فى بعض البلدان.
وغلب على صحيفة «النبأ» الطابع الخبرى متمثلًا فى نشر أخبار قصيرة سريعة أو تقارير إخبارية وقصص خبرية عن العمليات الأمنية للتنظيم فى مناطق سيطرته، وبالطبع اختفى فن التحقيق الصحفى وتم توظيف فن المقال بشكلٍ نادر جدًا فى الأعداد محل الدراسة، ولجأت الصحيفة إلى فن المقال فى العدد 118 لمخاطبة أعضاء التنظيم والشد من أزرهم والتأكيد على البقاء والجهاد رغم ما لاقوه من هزائم عسكرية، واعتمدت الصحيفة نهج مجلة «دابق» نفسه فى اللعب على الوتر الدينى وتوظيف الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لتبرير أفعالهم.
أما فيما يخص الإعلام التقليدى لجبهة النصرة فنجد أن التنظيم اكتفى بنشر بيانات صحفية متفرقة تحمل أخبار التنظيم فى أماكن تواجده والمعارك التى يخوضها، جاءت هذه البيانات فى مجملها فقيرة فى التصميم والإخراج، يغلب عليها الطابع الخبري، بحيث تراوحت الفنون الصحفية التى تم توظيفها ما بين الخبر والتقرير والقصة الخبرية والتقرير المصور والمقال، فى حين غابت فنون صحفية نهائيًا عن الإعلام التقليدى ل «جبهة النُصرة» مثل فنون التحقيق الصحفى أو الحوار أو حتى الإنفوجرافيك.
الأساليب الإقناعية
أشارت الدراسة التحليلية إلى تنوع الأساليب الإقناعية التى وظفها الإعلام التقليدى لتنظيم «داعش» ما بين اللعب على الوتر الدينى لاستقطاب مزيد من المتعاطفين عن طريق إيهامهم بعودة أمجاد الدولة الإسلامية ورفع راية الإسلام فى بقاع الأرض، وتوصيف التنظيم على أنه المخلص من قمع الأنظمة الديكتاتورية الكافرة، يقبل توبة العائدين لطريق الله ويدعوهم للهجرة والمبايعة التى تعتبر بمثابة صك غفران لذنوبهم ونيل الدرجات العلى بالجنة، حيث بدأت جميع تغطيات المجلة بالصلاة والسلام على رسول الله، وخصصت صفحة ثابتة بعنوان حكمة تحمل رسالة دينية ما بين حديث شريف أو نقلًا عن أحد الصالحين، كما تضمن اللعب على الوتر الدينى توظيف الرموز الدينية، وهو ما يتضح بقوة فى غلاف العدد الخامس بنشر صورة الكعبة المشرفة مع عنوان رئيس (باقية وتتمدد بإذن الله)، ومحاولة الربط بين شعار الخلافة «باقية وتتمدد» وبين الكعبة كرمز دينى مهم عند جموع المسلمين فى محاولة لإيصال فكرة مفادها أنها باقية، لأنها الأصلح والأفضل والمؤتمنة على تطبيق حكم الله على الأرض، كما تضمن توظيف الرموز الدينية توظيف الشخصيات التاريخية من الصحابة رضى الله عنهم بسرد قصص تاريخية وحكايات لفتوحات المسلمين القُدامى بدافع بث العزيمة فى أعضاء التنظيم والمتعاطفين وجذب مزيدٍ من المقاتلين فى صفوف التنظيم.
وتظهر الدعوة للهجرة بشكل واضح من خلال مقال تم نشره بالعدد الأول لمجلة «دابق» بعنوان (دعوة للهجرة) A CALL TO HIJRAH، حيث طلب التنظيم من كل المسلمين الهجرة إلى العراق والشام لأن هذه الأراضى ليست فقط للسوريين أو العراقيين بل لجميع المسلمين، كما وجه دعوة بشكل خاص للمهندسين والأطباء والطلاب والخبراء باعتبار أنهم قدوة لباقى الناس.
وقد تعمّد الإعلام التقليدى لتنظيم «داعش» تخصيص صفحاتٍ واسعة للدعوة للهجرة والجهاد مستخدمًا كثيرا من المفردات التعبوية التى تخاطب المشاعر والعقل معًا، باقتباس كلمات من كلمة «أبوبكر البغدادي» زعيم التنظيم فى إعلانه للخلافة بأن العالم انقسم إلى معسكريْن، الأول معسكر المسلمين والثانى معسكر المنافقين والأمم الكافرة، وبالتالى يخرج الصراع من النطاق الضيق للصراع القائم فى سوريا والعراق والذى يبدو أنه صراعٌ سنى شيعي، إلى مجال أوسع يتضمن صراعًا تاريخيًا بين الإسلام وغير الإسلام، هدفه ليس محليًا كما يُسَوّق له أعداء التنظيم، ولا يقتصر جغرافيًا على العراق وسوريا بل يهدف إلى بسط سيطرة الإسلام على كل أنحاء العالم.
كما يُضاف للأساليب الإقناعية التحفيز والدعوة للانضمام لأنصار الحق والمقصود هنا التنظيم، للارتقاء لمرتبة الشهادة، فلم يتردد القائمون على الإعلام التقليدى لداعش فى إعداد تقارير إنسانية بنشر صور قتلاهم ووصفهم بالشهداء الذين سقطوا فى سبيل نشر الدعوة لله ورسوله ونُصرة المظلومين فى الأرض، كما اهتم التنظيم بنشر تقارير إخبارية عن الجماعات التى بايعت التنظيم وأكدت على الولاء لقائده كما جاء فى العدد التاسع بمبايعة أفراد لقائد التنظيم «أبوبكر البغدادي» الذى وصفوه ب «أمير المؤمنين»..!.
ومثلما حرص الإعلام التقليدى على التشجيع والتحفيز، فإنه حرص أيضًا على بث الرعب والتهديد والتخويف من بطش التنظيم لكل من يرفض الانضمام إليه ويُصر على البقاء في معسكر الأعداء.
ويُضاف للأساليب الاقناعية مخاطبة إعلام التنظيم للفئات النوعية؛ فمثلما يخاطب التنظيم جموع المسلمين بعرض المقولات العامة التي يستند إليها تنظيم "داعش" ومنها: "أيها المسلمون في كل مكان، أبشروا خيرًا، وارفعوا رؤوسكم عالية، بعون الله أصبح لكم دولة خلافة تعيد لكم الحقوق والكرامة والقيادة ".
وحرص التنظيم أيضًا على مخاطبة الفئات النوعية من الجمهور كتوجيه مقالات مطولّة للنساء من قِبَل النساء المنضمات للتنظيم بالفعل، أو عمل حوارات صحفية مع النساء المنضمات حديثًا للتنظيم، يُضاف إلي ذلك استغلال فئة الأطفال للترويج لأفكار التنظيم والدعوة لتنشئة جيلٍ من "المجاهدين" لدعم صفوف التنظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.