الألمانية "أورسولا" أول امرأة تترأس المفوضية الأوروبية

على الرغم من فوزها بأكثرية ضئيلة ، إلا أن واقع الأمر يجزم أن الألمانية "أورسولا فون دير ليين " وزيرة الدفاع ، باتت أول امرأة ترأس المفوضية الأوروبية ، وأول ألمانية تعود ببلادها لهذا المنصب بعد 52 عاما ، وتتولى أورسولا مهام منصبها رسميا في شهر نوفمبر القادم لمدة 5 سنوات، خلفا لجان كلود يونكر مندوب لوكسمبورغ ، الذي تولى الرئاسة منذ أول نوفمبر عام 2014.
في ستراسبورج، وخلال جلسة ساخنة استمرت على مدى أربع ساعات ، فازت وزيرة الدفاع الألمانية البالغة من العمر 60 عاما، ومرشحة الدول الأعضاء بثقة أعضاء البرلمان بحصولها على 383 صوتا، من أصل 747 صوتا فى الاقتراع السري الذي يتيح للنواب مخالفة تعليمات كتلهم السياسية في البرلمان الأوروبى، وهو العدد الذي يتجاوز بفارق ضئيل الحصول على الأكثرية المطلقة في البرلمان والتي تقدر ب 374 صوتا.
وفي كلمة لها بعد إعلان فوزها، دعت أورسولا جميع النواب الأوروبيين إلى العمل في شكل بناء، من أجل أوروبا موحدة وقوية، معربة عن اعتقادها بأنه ليس هناك مشكلة في نسبة التأييد الضئيلة التي حصلت عليها ، وأكدت أن الأغلبية هي الأغلبية في الديمقراطية، وإلى النجاح في تشكيل أغلبية مناصرة لأوروبا .. لافتة إلى المهام التي تنتظرها في منصبها الجديد.
وينتظر الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية، ملفات ساخنة وملحة، من أبرزها ملف المناخ ، والملف الإيراني وموضوع الاتفاق النووي وانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه، ومحاولة إصلاحه بين الأطراف المختلفة الأخرى الموقعة عليه في فيينا عام 2015 ، وملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، والذي من المقرر أن تستكمل مناقشاته مع بريطانيا لإتمام مسألة الخروج من الاتحاد، والذي تعثر كثيرا وتسبب في استقالة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى، وملف المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي، وملف العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول الأوروبية، بالإضافة لملف العلاقات المشتركة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
ويمكن لأروسولا بحكم منصبها الجديد أن تشارك في تحديد السياسات والأولويات الأوروبية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، حيث ستترأس أكثر من 30 ألف شخص يعملون في المفوضية المسئولة عن طرح مقترحات القوانين ومراقبة الالتزام بقانون الاتحاد الأوروبي، مما يجعلها تشارك في تحديد روتين الحياة اليومية لأكثر من 500 مليون أوروبي.
وأورسولا فون دير ليين هي أم لسبعة أبناء، وكانت تشغل منصب وزيرة الدفاع في ألمانيا، وهي سياسية منتمية إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل (المسيحي الديمقراطي) ، وظلت حتى اللحظة الأخيرة قبل التصويت الذي أجراه البرلمان الأوروبي، تكافح من أجل الحصول على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، وكانت قد أدلت بخطاب ترويجي أمام البرلمان قبل التصويت قطعت فيه وعودا كبيرة تتعلق بالحياد المناخي، ودعم الجانب الاجتماعي في أوروبا، ودعم الوحدة الأوروبية.
وقد حظى انتخابها بإشادة وترحيب ألماني وأوروبي، ووصفت ميركل، وزيرة الدفاع في حكومتها بأنها تجمع بين الاقتناع والإقناع بأوروبا ، مشيرة إلى أنها ستتصدى وبسرعة كبيرة للتحديات التي يقف أمامها الاتحاد الأوروبي.
من جانبه، هنأ الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، مواطنته فون دير لاين، وقال - في خطاب التهنئة الذي وجهه للرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية - "تتولين منصبكم كرئيسة للمفوضية الأوروبية في وقت بالغ التحدي، حيث يتم فيه التشكيك كثيرا في أهمية التوافق الأوروبي، وفي الوقت ذاته تعلق آمالا عريضة على ألمانيا كضامن لاستقرار الاتحاد الأوروبي".. مضيفا "أنا على قناعة بأنكم ستنجحون في استعادة الثقة والوحدة المفقودتين".
فيما أشاد عدد من القادة السياسيين في الاتحاد الأوروبي بانتخاب فون دير لاين، حيث كتب رئيس الوزراء البلجيكي الحالي شارل ميشيل، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي المستقبلي، عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، "اتطلع للتعاون بشكل وثيق مع المؤسسات من أجل مستقبل أوروبا.
وتأسست المفوضية الأوروبية في عام 1958 وهي هيئة تنفيذية تتبع الاتحاد الأوروبي ومقرها العاصمة البلجيكية بروكسل، وعدد أعضائها 28 عضوا (المفوضون )، ويمثلون 28 دولة من دول الاتحاد الأوروبي (بعد انضمام كرواتيا للاتحاد في عام 2013) ويمثلون مصالح الاتحاد الأوروبي ككل وليس مصالح دولهم.
ويقوم دور المفوضية على 3 مهام رئيسية، هي القانونية والتنفيذية بالإضافة إلى الأمانة التنفيذية التي تتولى مهمة المعاهدات وتنفيذها في جميع دول الاتحاد من الجهة القانونية، فهي تقوم بالمشاركة في مناقشة الاتفاقيات التجارية والاتفاقيات مع الدول النامية وتمهيد المشاريع المتعلقة بالميزانية وإدارة رؤوس أموال دول الاتحاد والدور الأساسي لها هو المساعد المكمل للمهام التشريعية والتنفيذية، ويمثل دور المشرف التنفيذي للإداريات، كما أنها الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي المسئول عن اقتراح القوانين والتشريعات وتطبيق القرارات والمعاهدات الصادرة عنه ، فضلا عن الإدارة اليومية لشئون الاتحاد.
ويتم اختيار رئيس المفوضية من أحد الأعضاء ال28، ويتم تعيينه من قبل المجلس الأوروبي بموافقة البرلمان الأوروبي، بشرط أن يتفق رؤساء حكومات الدول الأوروبية الأعضاء على اختياره ويجرى ذلك مبدئيا قبل التصويت على اختياره في المجلس الأوروبي.