استطاع الأديب يوسف السباعي أن يحفر اسمه في جدران تاريخ الأدب المعاصر، فمن منا يتذكر رواياته "أرض النفاق"، "بين الأطلال"، "رد قلبي"، "نحن لا نزرع الشوق"، وغيرها من الروايات التي ظلت وستظل خالدة في وجداننا. وصف توفيق الحكيم أسلوب يوسف السباعي بأنه سهل عذب، ويحدد محور كتبه بقوله إنه يتناول بالرمز والسخرية بعض عيوب المجتمع المصري، في حين لقبه الأديب نجيب محفوظ لقب "جبرتي العصر". ولد في السابع عشر من يونيو 1917، في حي الدرب الأحمر بالقاهرة، لأب يتقن اللغة الإنجليزية ومتعمقا في الآداب العربية والفلسفات الأوروبية، حيث عمل مترجما للروايات الغربية وكاتبا في مجلة "البيان"، لذا لمن يكن غريبا على يوسف السباعي شغفه بالقراءة والكتابة منذ نعومة اظافره، ولكن الأقدار شاءت أن يلتحق بالكلية الحربية في نوفمبر 1935، وكان طالبا نابغا استطاع أن يرقى إلى درجة "الجاويش" وهو في السنة الثالثة من الكلية، وفور تخرجه مباشرة تم تعيينه في سلاح "الصوارى"، وأصبح قائدا لفرقة من فرق الفروسية. لم ينس السباعي موهبته الأولى وفن الكتابة، وبدأ يركز على الأدب منذ منتصف الأربعينيات، حيث استهل مشواره الأدبي بنشر مجموعة من القصص أعقبها بكتابة عدد من الروايات، وكان لا يزال في تلك الفترة يجمع بين عمله الأدبي والعسكري، كان له الفضل في انشاء سلاح المدرعات في الجيش وظل يتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد بالقوات المسلحة. بدأ في مسرته في العمل العام بإنشاء نادي القصة، ثم تولي مجلس إدارة وتحرير عدد من الصحف والمجلات منها روزاليوسف، آخر ساعة، دار الهلال، الأهرام، وغيرها حتى أصبح نقيبا للصحفيين في 1977، كما وتولي بعدها وزارة الثقافة. وقد اغتيل السباعي في 18 فبراير 1978، أثناء تواجده بمدينة نيقوسيا في قبرص، بصفته وزيرا الثقافة على رأس وفد شارك في مؤتمر التضامن الأفرو أسيوي السادس، على أيدى اثنين من الجماعات المتطرفة العرب، وذلك انتقاما منه لدعمه لموقف الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بايجاد تسوية كاملة للنزاع العربي الإسرائيلي وزيارته للقدس معه، ونفذ الاغتيال في الفندق الذي كان يقيم فيه بقبرص وهو يطلع على أحد الكتب، أطلقوا عليه ثلاثة رصاصات أودت بحياة فارس الرومانسية الذي كان عاشقا للحياة. كانت أعماله الأدبية الأعلى توزيعا، فضلا عن تحويلها مباشرة إلى أفلام يصفها نقاد بأنها أكثر أهمية من الروايات نفسها، وبفضل مسيرته الأدبية والعسكرية جعلته ينال العديد من الجوائز والتكريمات منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، حصل على جائزة لينين للسلام في 1970، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولي من جمهورية مصر العربية، وفي عام 1976 فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي " رد قلبي" و"جميلة الجزائرية"، وأحسن حوار لفيلم "رد قلبي"، وأحسن سيناريو لفيلم "الليلة الأخيرة".