شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب، توافد أعداد كبيرة من الجمهور والأدباء والمفكرين والمثقفين المصريين، وكذا الجاليات العربية والأجنبية - لليوم الثامن على التوالي - إيماناً منهم بقيمة الكلمة وتأثيرها على مصائر الشعوب والأمم، وقد كان الإقبال الأكبر من نصيب المكتبات ومعارض ودور النشر المصرية، كما كان الإقبال حاشداً بداخل الجناح السعودي بشكل ملفت للانتباه. وقد كان لضيف شرف المعرض هذا العام – دولة الكويت العربية الشقيقة – حظ وفير من ناحية التواجد ونسبة المبيعات، بينما كانت أقل المشاركات في المعرض من حظ دور النشر التركية المتمثلة في: الدار الهاشمية – سمرقند - تركيا. في حين كان التواجد منعدما لدى المكتبات ودور العرض القطرية المتمثلة في: معرض وزارة الثقافة والفنون والتراث - قطر، رغم أن أسعار الكتب والمجلدات المعروضة داخل كل من دور النشر التركية والقطرية في متناول يد الجمهور، وأسعارها لا تساوي جزءا ولو بسيطاً من تكاليف الطباعة والإخراج، وما بها من جماليات وتقنيات عالية وشكل فني يعكس مقدار الأموال التي تم إنفاقها على تلك الأعمال، ومع ذلك ساد اتجاه عام لدى جمهور المعرض يعكس مقاطعة تامة، ولو حتى لمجرد الاقتراب من تلك الدور للتعرف على ما تحتويه من إصدارات، وكأن عزوف الجمهور وعدم رغبته في الإقبال على الأعمال المعروضة أو حتى المشاركة من باب المعرفة بمثابة ردّ للشعب المصري والجاليات والعربية، ولطمة ثقافية على وجه السياسات التي ينتهجها النظامان - التركي والقطري علي حد سواء - حيث تمثل سياستيهما لدى الشعب المصري حربا باردة ومنظمة تُشَنّ على السيادة المصرية وتدخّلا واضحا في الشأن المصري الداخلي، على الرغم من أن السيرة الذاتية ل "رجب طيب أردوغان" خلال العام الماضي كان من أكثر الكتب مبيعًا في الدورة الماضية. ومن ناحية أخرى، كان الإقبال على الأعمال المصرية والعربية التي تم عرضها في دور العرض وأجنحة المعرض المختلفة غير مسبوق، على الرغم من الارتفاع النسبي في الأسعار وبساطة الجودة المقدمة بها بعض الأعمال، إلا أن هذا الأمر لم يكن حجر عثرة أمام رواد المعرض والوافدين إليه. وقد كانت مقاطعة جناحي تركياوقطر صورة واضحة تتحدث عن نفسها، لا تحتاج إلى تفسير، لأنها تترك دلالة قوية ورسالة واضحة مضمونها أشمل وأعمق، ومفادها: "لقد كرهنا تدخلكم في شؤون بلادنا الداخلية، كما كرهنا آلتكم الإعلامية الموجهة والتي تهدف إلى شق الصف المصري وزرع القلاقل"، وكأن الجمهور المصري والعربي يقاطع الدولتين من خلال مقاطعة مكتباتهما وأعمالهما المعروضة في معرض العلم والفن والثقافة والإبداع الأهم في الوطن العربي والمنطقة. وبالاقتراب من بعض رواد المعرض والوقوف على رأيهم في مشاركة كل من تركياوقطر في معرض الكتاب هذا العام، أعربوا عن حالة من الصدود وعدم الارتياح لمجرد الاقتراب من هذه الدور، أو محاولة الوقوف أمام بعض الأعمال المعروضة بها، وإن كانت في مضمونها جيدة، إلا أنه يبقى في النهاية أنها تمثل بلداناً ناصبت مصر وشعبها العداء، وأقرت بذلك على الملأ من دون خجل أو حياء.