يعد النجم الكبير الراحل "محمود الجندى" فنانا من العيار الثقيل؛ نظرا لقدرته على التواصل مع كافة الأجيال السابقة والحالية كفنان ومبدع، وهذا ما مكنه فى الحفاظ على القمة والتربع على عرش نجوم مصر والوطن العربى وأيضا إنسانا من نوع خاص يفرض على حياته الخاصة سياج من السرية التامة لا يستطيع أحد التقرب منها أو معرفة أي شيء عنها إلا أن "البوابة" اخترقت كل هذه الحواجز، وأجرينا معه قبل وفاته حوارا من نوع خاص مع محمود الإنسان الذي لا يعرفه أحد، فكان معه هذا الحوار: البُعد الإنساني له وقبل إجراء الحوار قد جمعتنا به زيارة مع مصابي حادث كنيسة طنطا الذي حدث منذ عام وأكثر تقريبا، وأسفر عن سقوط شهداء ومصابين من كنيستى مار جرجس بطنطا ومارمرقص بالإسكندرية قام بترتيب الزيارة كعادته "الأب بطرس دانيال"، أحد رموز العمل الاجتماعي بمصر، وعندما قام بالاتصال بالفنان الراحل لم يتردد لحظة، وكان أول الحاضرين من الفنانين منذ الساعة 9 صباحا في مستشفى الجلاء العسكري الذي دعاهم الأب بطرس. وقتذاك علمنا منه أنه كان لديه تصوير لأحد أعماله في ذلك التوقيت، فاعتذر للمخرج، وقال له: سوف أقوم بتأخير تصوير مشاهدي مساءً حين انتهاء الزيارة، وكان الفنان الراحل آنذاك مصابا بوعكة صحية، ورغم إجهاده الشديد إلا أنه ظل إلى انتهاء زيارة كافة المصابين في كل غرف المستشفى ومتأثرا بهم للغاية، حيث قال لنا: "لسانى عاجز عن التعبير والوصف بما فى داخلى الآن بسبب ما رأيته من الإصابات التى لحقت بالأبرياء الذين ليس لهم ذنب فى شيء. وأشار الجندى إلى أن من قام بتلك الأحداث الإجرامية لا يمت للإنسانية بصلة موجهًا رسالة إلى الجماعات الظلامية والإرهابية قائلًا: «مهما تفعلوا أو يحدث منكم فسوف يزيدنا صلابة، والمصريون أقوى من كل الأحداث التى تحدث لهم". وقبل رحيله التقينا به في حوار خاص وذهبنا إليه واستقبلنا بحفاوه شديدة وعن محمود الإنسان الذي لا يعرفه أحد قال: أنا إنسان طبيعي للغاية، ولا أحب أن أعيش هوس النجوم، ولديّ أخطاء ومميزات، ولكن دائما أنسى أي شيء قبيح قد مررت به في حياتي، وبالنسبه لي عبر تاريخى وعمري كله ليس لدي شيء فعلته وأخجل منه أمام أولادى أو أمام أي أحد، ومع مرور الأيام والسنين الزمن لم يغير شيئا ثابتا فيّ مثل الصدق والأمانة وعاداتي وقناعتي الجوهرية، ولكن قد تغيرت أشياء بسيطة، وأبرزها أنه كان لدي اقتناع أن بناتى لا يخرجن بمفردهن إلى النادى أو السينما فبيئتى الريفية حتّمت عليّ ذلك، ولكن بعد أن أتيت إلى القاهرة واختلطنا بمجتمع القاهرة، وجدت أن الأمر مختلف تماما عمّا تربيت عليه، فعادات المجتمع فى القاهرة غيرت قناعاتى تجاه بناتى، وهذا الأمر كان صعبا للغاية، وتنازلت عنها مع مرور الأيام لكى أتكيف مع المجتمع القاهرى الذى أعيش فيه. وأضاف: بدأت حياتى العملية بالمثابرة والعمل، واستطاعت أن أنسج خيوط إبداعاتي ليكون لي تاريخا حافلا بالإنجازات فبعد تخرجى فى المدرسة الصناعية فى القلاع الصناعية كعامل نسيج لم أستسلم، وعملت على تنمية موهبتي الفنية وتمسكت بحلمى الذى راودني منذ الصغر حتى استطاع أن أحفر اسمي بين الكبار بأدوار متنوعة معبرة عن جميع مراحل المواطن المصرى الحياتية والاجتماعية فى السينما والدراما المصرية الأشخاص الذين أثروا بحياتى، وكان لهم الدور الأكبر فى التأثير منذ طفولتى هو والدى رحمة الله عليه، كان موظفا بسيطا ورغم العبء الذى عليه فى تربية تسعة أبناء أنا وإخوتى، إلا أنه عندما وجد حلمى فى اللهث وراء التمثيل بعد تخرجى من دبلوم الصنايع، وقف بجانبى كثيرا ولم يتكاسل إلى أن تخرجت من معهد التمثيل، ومن أكثر الأساتذة الذين تأثرت بهم وأخذتهم قدوة، محمد توفيق، عبدالوارث عسر، والدكتور حسن فهمى. لحظات قاتلة في حياته وتابع: بالفعل قد مررت بلحظات صعبة في حياتى وعرفت العديد من الأشخاص وتعرضت لطعنات وصدمات من أشخاص قريبين لى، وهناك صديق كان قريبا لى للغاية، ولكنه جرحنى جرحًا كبيرًا لا أغفره له، وأنا لدى قناعة أنه لا بد إلا أنتظر أن يكون كل الناس جيدين مثلى، وأسير بمبدأ أن أتعامل مع الناس كالنار أتدفأ بها ولا ألقى بنفسى داخلها، بمعنى ألا أدخل بداخلهم أكثر كى لا أكتوى بنارهم، ومن أكثر اللحظات الصعبة علىَّ، هى وفاة زوجتى الأولى فى حريق الشقة وأيضا وفاة صديق عمرى منذ أيام. المرأة في حياته قال: تزوجت أكثر من مرة، ولكن أمر الزواج قسمة ونصيب، وبالنسبة لزوجتى الأولى كان زواجي منها مبنيا على قصة كفاح وحب حقيقى فهى كانت حب عمرى، أما زوجتى السابقة عبلة كامل، لا أريد الخوض في شيء عنها، ولا عن أسباب انفصالى عنها، لأنها زميلة وأيضا أسباب انفصالى عنها صعب شرحها، أما زوجتى الحالية الدكتورة "هيام" أُكن لها كل الاحترام والتقدير، وهى تساندنى طوال الوقت وهي الوحيدة التي تتحملني في المرحلة الحالية.