حارة تسلم لأخرى، وزقاق يوصلك للآخر إلى زاوية بعيدة من أزقة شوارع أرض اللواء، يجلس محمد عبدالله، 75 عاما، وقد غزا الشيب لحيته، منحنيًا على عمله فى صناعة أطقم سروج الخيول، الذى اعتاد على العمل بها منذ طفولته حتى شيبته، لمدة 63 عاما، دون كلل أو ملل، متمنيا أن يخلفه أولاده فى العمل بها. ويقول «عم محمد»، إنه تخصص فى صناعة أطقم الخيول أى الطقم العربي، ويرى أنها أهم من الخيول نفسها، ولا بد أن تكون ذات خامة جيدة كى تتحمل الضغوط عليها، وتتفاوت أسعارها بسبب اختلاف خامتها، فهى تتراوح بين سعر 1000 و7000 جنيه، إلا أنه يفضل الخامات المتينة قائلا: «ما فيش حاجة بتعيش للآخر، لكن أنا شايف أن الحاجة الغالية بتكون متينة أكتر، وعلى رأى المثل الغالى تمنه فيه، وبيعيش سنين طوال لكن برضه له آخر وبينتهي». ويتابع أن الأطقم تتكون من الجلود، والنحاس، والخيوط، والشعر، والحديد، وقش الأرز، فأصحاب العربيات الكارو يميلون إلى شراء خامات الجلود الطبيعية، بينما الأشخاص الذين يمتلكون خيول، خاصة يميلون إلى الأطقم التى ترتفع أسعارها لأنهم يتدربون كثيرا، وعشان أى حاجة تعيش، لا بد من الاستعمال اللين والخامة الجيدة. وعن حياته يضيف أن لديه 3 أبناء وابنة، ولم يرغب أحد منهم فى العمل بمهنته سوى ابن واحد فقط، فمنهم من يعمل بصناعة السيراميك، والآخر يعمل فى مطبعة، والابنة تفرغت للدراسة فقط، وحصلت على مؤهل عال وتزوجت متفرغة لتربية أبنائها، ويقول: «كان نفسى كل ولادى من بعدى يعملوا بنفس المهنة زيى وزى جدهم، ورغم أن أبويا قبلى فى المجال، لكن أنا اشتهرت فيه أكتر منه، وضفت الجديد للمجال زى اختلاف ومزج الألوان مع بعضها». واختتم حديثه: «أنا الحمد الله حققت كل اللى عاوزه بعد ما جوزت ولادى واعتمدوا على نفسهم، ورغم أنهم عاوزنى ارتاح فى البيت واسيب شغلي، لكن أنا ما رضيتش لأنى من وأنا صغير متعود على الشغل، أنا مش طالب غير الستر دنيا وآخرة».