تدور أحداث رواية «البطريركية»، الصادرة حديثًا عن دار منشورات الربيع للكاتب مارك أمجد، حول مؤسسة متخيلة تحمل نفس الاسم، «البطريركية» هى كلمة تعنى الأبوية أو الذكورية، تهتم هذه المؤسسة بالحفاظ على ذكورة المجتمع، ومحاربة التيارات النسوية اعتقادًا منها أن النسوية ما هى إلا شر يضر المجتمع ويهدد استقراره، فالأصل هو الذكور، وأن سيطرة النساء فى المنازل على تربية الأبناء لا ينتج عنها سوى رجال غير متزنين وغير صالحين، وانضمام الذكور لهذه المؤسسة يحصلون على ما أشبه ب«الصك» لذكورتهم. فى حوراه ل«البوابة نيوز»، يقول مارك أمجد، 24 عامًا، إن فكرة العمل جاءت بالأساس أو الملهم الأساسى لها هو علاقته بوالده، مضيفًا: «أثناء دراستى الجامعية، كان لدىّ فكرة رواية مختلفة تمامًا عما كتبته فى هذه الرواية، فكرتها كانت تقوم حول مؤسسة نسوية قائمة على الاغتيالات لأهم الشخصيات الذكورية فى العالم، لكن بالصدفة قرأت عمل للكاتب هاروكى مواركى وكانت تقترب كثيرًا من هذه الفكرة، ونظرًا لظروف أخرى قررت أن تكون فكرة العمل هو مؤسسة ذكورية». يجد بطل الرواية الذى لا نعلم اسمه على مدى 247 ورقة، هو عدد صفحات الرواية، نفسه فى مواجهة مع والده داخل المؤسسة، إنه كما يقول الجبان الذى آلفته دومًا، يجتمع داخل هذه المؤسسة ذكورًا من مختلف التيارات والخلفيات الاجتماعية والثقافية وتنشأ بينهم حوارات ومواقف، وينتهز الراوى الأحدث ليسرد علاقته بوالده ووالدته وتنشئته داخل الأسرة. يقول مارك: «الرواية صنعت لنفسها حسًا ساخرًا من خلال المواقف وحوار الشخصيات وبعضها البعض. ويضيف: «لم أكن أريد القول إن الجنس الذكورى متفوق على الجنس الأنثوى، لكننى استخدمت القطبية الذكورية لإيضاح فكرة ما، وفى مشهد النهاية ينتهى الجميع الأم وأعضاء البطريركية». بدأ «مارك» الكتابة فى سن الثانية عشرة داخل الكنيسة، حيث كان معهودًا له كتابة المسرحيات التى يتم تمثيلها داخل الكنيسة، وتعد «البطريركية» هى العمل الثالث له بعد «نشيد الجنرال» الصادرة عام 2016، و«الرقص على أرغن الرب» الصادرة عام 2017 عن دار الثقافة الجديدة. ويقول مارك: «مشروعى أن أكتب كتابًا ليس فقط للتسلية لكن كتابًا كابوسيًا، بمعنى أن أنغص على القارئ حياته بالتساؤلات، فأنا كاتب محمل بطاقة غضب ولدى تساؤلات، والكتابة بالنسبة لى عملية انتقامية خالصة، الكتابة أفضل وسيلة انتقام تناسبنى». يغيب الزمان فى الرواية، بينما المكان هو المؤسسة الوهمية، يبرر «مارك» ذلك بأن الزمان غائب، لأن البطريركية سرمدية بدأت ستستمر، لأنها أبدية، بينما هناك أحداث يستطيع القارئ إذا قرأ الرواية بعد خمسين عام يستشفه منها الفترة التى كتب فيها العمل الأدبي». فاز «مارك» بجوائز عديدة منذ بدأ بنشر رواياته بدءًا بجوائز الجامعة الأدبية، مرورًا بفوزه بجائزة قصور الثقافة عن قصة «شى غابي» عام 2015، وفازت مجموعة نشيد الجنرال بأفضل مجموعة بجائزة سايرويس الثقافية، ويصف الجوائز بأنها محاولة للوجود فى وسط المقروئية به ليست عالية، مضيفًا أنه تلقى عروضًا كثيرة من دور نشر لنشر أعماله عقب فوزه بجائزة ساير ويس، فهى وسيلة للوجود وليس وسيلة اعتراف. يرتبط اسم البطريركية فى الثقافة المصرية بالمسيحية، ورغم كون البطل مسيحى الديانة فإنها تكشف وتتناول المجتمع المصرى بأكمله، يقول الكاتب الشاب إن العنوان من اختيار الناشر، وهو عنوان تجارى بامتياز، بينما العنوان السابق هى «إيلى.. إيلي»، وهى آخر جملة قالها المسيح على الصليب». ورغم ما حصل عليه من جوائز يقول مارك إن المقياس الذى يضعه لنفسه لقياس نجاح أعماله هو القارئ فيقول: «عندما ألتقى رسالة من قارئ ما لا أعرفه، ولم تربطنى به علاقة سابقة، ويشيد بالعمل أو حتى ينقده هذا هو النجاح». ويكشف مؤلف «نشيد الجنرال» عن أنه يضع الترجمة أمام عينه، معتبرًا أن أعماله وأفكاره ستكون مقروءة بشكل أكبر فى الأوساط الأجنبية، وهذا ليس تقليلًا من القارئ العربى إنما هو فهم لطبيعة المجتمع وأفكاره وثقافته». يضع «مارك» فى ختام روايته قائمة بالمصادر التى استعان بها فى العمل، والتى تنقسم ما بين الرواية والكتب العامة، كان لدى رغبة فى أرشفة المصادر التى لجأت إليها عند كتابة الرواية، حيث استعانت بكتب عديدة لكتاب مختلفين من كتب نيتشه، وكافكا، جوستاف لوبون كذلك الاستعانة بآيات من الكتب السماوية «التوراة والإنجيل والقرآن»، فيقول: «الكاتب هناك أمر خيالى لدى، وهو أن الكون كله يمد خيوطًا للكاتب أثناء عملية الكتابة». وحول علاقته بالقراءة، يقول مارك إنه يختار الكتب التى تدخله فى حالة غير مفهومة، قائلًا: إنه هناك كاتبًا واحدًا يمكن أن نعتبره صاحب الفضل الأكبر فى التأثير لديه ككاتب وقارئ، حيث إن التأثير هو مرحلة داخلها مراحل عدة، لكنه يعيد قراءة التوراة أو العهد القديم من فترة إلى أخرى، كما أنه يفضل الأعمال الأدبية المترجمة لماركيز وساراموجو». بحكم نشر أول أعماله بدار الثقافة الجديدة، نشأت صداقة بين الكاتب الشاب والأديب الكبير صنع الله إبراهيم، حول هذه العلاقة يقول مارك: «كان لدىّ مشكلة أنه يكون لى أستاذ فى الجانب الأدبى أو الإنسانى، ولكن علاقتى بصنع الله ابراهيم، بدأت عندما نشرت أول كتابين «نشيد الجنرال» و«الرقص على أرغن الرب» فى دار الثقافة الجديدة التى يملكها، ومنذ هذا الوقت أتطلع إلى سماع رأيه فيما أنشر. ويضيف: «عندما كتبت البطريركية، عرضتها عليه لكنه رفض نشرها، ورفض أيضًا أن أقوم بنشرها فى الوقت الحالى، قائلًا لى: «إنه مستاء من الرواية، وكان يرى أن بها مغالاة فى أمور عديدة، فقال لى الرواية تكسر حدود كثيرة فى توقيت خاطئ»، وكان يرى أنه من الأفضل أن أترك العمل فى الفترة الحالية وأعيد قراءته مرة أخرى». تخرج مارك أمجد فى كلية الإعلام فى جامعة القاهرة. كتب عددًا من القصص القصيرة فازت بمراكز على مستوى الجامعة وقصور الأدب عامة. اختير ضمن اثنى عشر كاتبًا من مصر للالتحاق بورشة (قصص القاهرة القصيرة) التى ينظمها المركز الثقافى الألمانى (جوته) تحت رعاية مؤسسة ليتبرومفى عام 2016.