الذهب يتأرجح بين الصعود والاستقرار.. تعرف على أسعار الذهب اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    سعر الفراخ بالأسواق اليوم السبت 11-10-2025 فى المنوفية    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    ماذا يعني رفع ستاندرد آند بورز لتقييم الاقتصاد المصرى لأول مرة منذ 7 سنوات؟.. المالية: الإصلاحات الاقتصادية الإيجابية المحققة أصبحت محل اهتمام من المؤسسات الدولية واهتمام متزايد من المستثمرين بزيادة الاستثمارات    وزير الرى يلتقى المدير التنفيذى لإدارة مصادر المياه بمنظمة التعاون الإسلامى    وزير الزراعة: نستهدف زراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان من القمح    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا السبت 11 أكتوبر 2025    بدء نقل أسرى فلسطينيين من سجون إسرائيل إلى مرافق الإفراج الخاصة    انتشال جثامين 135 فلسطينيا و20 شهيدا بغارات على غزة رغم وقف الحرب    أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسى منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    عماد النحاس مديرا فنيا للزوراء العراقي    ختام منافسات الكبار والناشئين فى بطولة العالم للسباحة بالزعانف بالعلمين    مواعيد مباريات اليوم السبت 11 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    إعادة حركة المرور على الطريق الزراعى بطوخ بعد تصادم سيارتين وإصابة 8 أشخاص    اضطراب الملاحة بجنوب سيناء بسبب نشاط الرياح وارتفاع الأمواج    جنايات المنيا تعقد ثانى جلساتها لمحاكمة المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة.. فيديو    عرض جثث 3 أطفال شقيقات غرقن بالبانيو نتيجة تسرب الغاز بالمنوفية على الطب الشرعى    محافظ أسيوط: تشميع مخزن مواد غذائية بساحل سليم لمخالفته اشتراطات السلامة    من هو زوج إيناس الدغيدي؟ الكشف هوية العريس الجديد؟    عيد ميلاد الهضبة.. عمرو دياب ال بابا الذى لا يشيخ فى عالم الموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    فوز الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام وإهدائها ل ترامب    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    مصرع شخص أسفل عجلات القطار بالغربية    إصابة 14 شخص في انقلاب سيارة ميكروباص علي طريق طنطا - كفر الزيات    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    غدًا.. ثقافة العريش تنظم معرض «تجربة شخصية» لفناني سيناء    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    كرم سامي يكتب: من شرم الشيخ إلى العالم .. القاهرة تُعيد السلام في الشرق الأوسط    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    أحمد فايق يحذر من خطورة محتوى «السوشيال ميديا» على الأطفال    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    العراق: سنوقع قريبًا في بغداد مسودة الاتفاق الإطاري مع تركيا لإدارة المياه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمص إثناسيوس جورج يكتب: السِّيرَةُ النَّارِيّةُ للعَظِيمِ أنبَا أنْطُونْيوس
نشر في البوابة يوم 30 - 01 - 2019

لا يوجد مصري واحد معروف ومشهور في التاريخ المسيحي كله أكثر من أنطونيوس الكبير؛ بل أن سيرته ملمح من صياغة الهوية المسيحية في التاريخ القديم.. والمعجزة أن ذاك الذي ترك العالم وتحاشى كل رباطاته وعاش منفردًا في جبل قد صار مشهورًا ذائع الصيت في العالم كله، لأنه لم يتكلم عن الإيمان المسيحي؛ ولم يصنع له (دعاية) بلغة اليوم؛ لكنه بأعماله أظهر إيمانه (تكلم بأعماله وعمل بأقواله).
كان غنيًا؛ لكنه باع كل شيء وتبع المسيح، ولم تكن حياته قصبة تحركها الريح كما تشاء؛ لكنه مضى بوعي وإرادة تاركًا كل شيء من أجل تنفيذ عملي للوصية "اتبعني" متى ۲۱:۱.. فصار هو واقعًا إلهيًا على مستوى الحياة والقدوة وإنجيل حي مُعاش؛ لأنه لم يعرف الوصية ككلمات مجردة؛ بل كفعل وكنسمة حياة، أمسك بها في ثبات؛ وألقى نفسه على نعمة الله بالتمام.
استمد فلسفته الروحية من روح الإنجيل ووصيته، فعاشها وعمل بها كقانون حياة؛ ولم يحد عنها مهما ثقلت عليه الحروب؛ لكنها صارت له قوة دافعة ليمتد إلى ما هو قدام؛ وليتحسس الخيرات السماوية في حياة موصولة التيار بحياة مسيح البراري والأصوام؛ مسيح جبال التجربة والتجلي والجلجثة.
عاش أنطونيوس في البرية الجوانية وجاهد ضد الشياطين وكسب الصحراء للمسيح ونشر الرهبنة الأنطونية بصورة سريعة ومذهلة للعقل؛ لا يعرف أحد سر بداياتها ونموها إلا الذي عاشها.. كان فكره ساجدًا وعقله مستنيرًا وجسده ناسكًا وروحه عالية متوازنة، فصار أبا الرهبان وأبا اللاهوتيين وعلامة عظمى في ضمير الكنيسة المسكونية، وسيرته في جملتها ترجمة حية للاهوت الكريستولوجي الذي جسّده القديس أثناسيوس الرسولي؛ والتي وردت في سيرة القديس أنطونيوس وتضمنت الأدلة الحياتية الواقعية على لاهوت المخلص وعمله العجيب، وهي التي جعلت دعوته لا انعزالية هروبية أو نرجسية؛ لكنها دعوة روحية عاملة بالإيمان لطلب ملكوت الله بواسطة الطريق الضيق.
صارت سيرته وسيلة إيضاح عملية للرد على الهرطقات والبدع، ففي إطار صراعه مع الشيطان؛ انتصر في حروب البرية؛ وانتصر عندما أتى إلى الاسكندرية المدينة العظمى لمواجهة بدعة أريوس، وكذلك في زمن الاستشهاد، وكان نصره في حقيقته ليس نصره هو؛ بل نصر المخلص فيه.
أتت سيرته في إطار أدب السير (Biography) ضمن علم الأجيولوجيا المتعلق بقديسي الكنيسة؛ متضمنة الأسانيد الكتابية تأكيدًا على إنجيلية الرهبنة في التبعية وترك الغنى والترف والمال لحمل الصليب من أجل التجرد والتوزيع ومعاشرة الملائكة، فتتلمذ القديس على ملائكة علموه الجهاد وسلموه الزي وعمل اليدين، لذلك تسمت طغمته (ملائكة أرضيين أو بشر سمائيين)؛ ناسكًا بحسب الإنجيل متعلمًا من الكتب المقدسة، ذاكرته غنية بالكلمة، وبهذا قدم كاتب سيرته أفضل وأذكى رد على الهجوم في الادعاء بأن الرهبنة لا تنبع من فكر إنجيلي.
كان أنطونيوس حصيفًا حاضر الذهن وفي غاية الذكاء وغزارة الفهم والحفظ؛ لكنه لم يكن يجيد اليونانية، أما وجه العجب كان في رسائل الأباطرة له وفي اعتماده على المترجمين؛ وفي رفضه للمجد الباطل وفي تسليم حياته لله؛ الذي لم يجعله عاطل العقل، ماهرًا في الإرشاد والخبرة الروحية؛ متعلمًا من السموات؛ بحكمة لم تكن بشرية ويكفي النظر إليه.
أكدت سيرة أنطونيوس النارية على الوحدة والانسجام بين الرهبنة والكنيسة، وكيف صارت الرهبنة خط الدفاع الأول عن الكنيسة، كذلك أكدت على التوازن والاتساق، فأنطونيوس حينما خرج من مغارته التي عاش فيها عشرين سنة في عزلة كاملة؛ وُجد لا بدينًا مترهلاً ولا نحيلاً؛ وُجد لا ضحوكًا أو مكتئبًا؛ لكنه معتدلاً متعقلاً؛ وهذا هو التوافق بين حالته الطبيعية الأصلية والثبات الداخلي الكامل كأيقونة الله ومثاله.. وعندما بلغ ۱05 سنة كان محتفظًا بنضارته، وعيناه لم تكلا ولم يفقد ولا ضرسًا من أسنانه، ويداه ورجلاه في صحة كاملة، صاحيًا باشًا، يعرف الله ويعرف نفسه ويعرف زمانه.
روحانيته وتكوينه ديناميكي، فلم يكن يرفض وجود علاقات له مع الآخرين أو مع المحتاجين؛ أو نحو الكنيسة العامة؛ لكنه ساند مَن أتوا إليه لطلب المساعدة والإرشاد والشفاء.. تحاور مع الفلاسفة، وراسل الأباطرة، وصنع المعجزات والسلام بين المتخاصمين، ودحض البدع، وافتقد الشهداء، وارتبطت سيرته ببولا أول السُواح وبالبابا أثناسيوس الرسولي وبالقديس ديديموس الضرير، وبالقديس مكاريوس الكبير وبتلاميذ كثيرين، لكنه ومع ذلك احتفظ بمسافة متوازنة حققت سلامة المعادلة... فعلاقته مع الأباطرة والسلاطين إنما كانت تتم عبر الرسائل، ومواجهته للهراطقة إنما كان يضع نفسه فيها خلف رؤساء الكنيسة؛ مبتعدًا عن حدود المكان والزمان؛ لكنه حاضر وفاعل بقوة دون أن يكون مرتبطًا بأي شيء، فاحتفظ بانسجامه الداخلي المتأصل في روحانية الرهبنة الفريدة القائمة على وحدة المعرفة والكيان.
فلننزع من قلوبنا أفكار الشر والظنون الخداعة التي تظلم العقل؛ كي نتفهم ونتأمل المعجزات العالية التي لأبينا العظيم أنطونيوس الذي صار لنا مرشدًا وميناء خلاص؛ ودعانا بفرح إلى الحياة الأبدية.. ولنثبت في الإيمان المستقيم على طريق هذا العنبر المزهر؛ مؤمنين أن الله سيفتح لنا عندما نقرع؛ وسنجد كلما نطلب؛ وسنأخذ كلما نسأل من الله إله أنطونيوس معيننا أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.