بمناسبة الإحتفال بنصر أكتوبر.. من هو الجندي المجهول؟    محافظ الإسماعيلية يستقبل وزير الري في مستهل زيارته للمحافظة    اتحاد التأمين: تحقيق الشمول التأميني أهم الأولويات لتطوير سوق التأمين المصري    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    ترامب: اتفاق غزة صفقة عظيمة لإسرائيل    القاهرة الإخبارية: انتهاء عمليات الاقتراع في عموم المحافظات السورية    احتجاجات بتل أبيب وأسر الرهائن يدعون ترامب ونتنياهو لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    الشوط الأول| برشلونة يسقط أمام إشبيلية في الدوري الإسباني    لوران بلان مرشح لتدريب الأهلي.. وشرط قبل التفاوض معه    ضبط عاطل أشعل النار في سيارة شقيقته إثر خلافات عائلية بكفر الشيخ    رياح وسقوط أمطار على هذه المناطق.. «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس غدًا    انطلاق قطار جديد للعودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى وطنهم| صور    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    المتحف المصري.. يعيد الحياة إلى نقوش نفرماعت النادرة بتقنية ترميم متطورة    وزير الثقافة يكلف د.سهام وهدان قومسيرًا لمعرض «كادرات موازية»    التمثيل يأخذ نصيب الأسد في مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    وكيل صحة القليوبية يتفقد عددًا من المنشآت الصحية ببنها وقليوب    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    «التموين» تتعاون «إي آند» لتزويد منافذ «كاري أون» بالأنظمة الإلكترونية    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    حماس: توسع الاستيطان الإسرائيلي بالضفة فصل عنصري لتهجير الفلسطينيين    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    الصين: إجلاء 347 ألف شخص قبل وصول إعصار ماتمو إلى اليابسة    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تعرضنا للظلم.. رضا شحاتة يهاجم حكم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    احتفالات الثقافة بنصر أكتوبر.. معرض حرب أكتوبر المجيدة في الذاكرة الوطنية بالهناجر    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    الدوري الإنجليزي.. تعرف على تشكيل فريق أستون فيلا وبيرنلي    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    وكيل تعليم الغربية يهنئ المعلمين الفائزين في مسابقة «100 معلم»    حكايات الغريب والطريق إلى إيلات.. أرواح في المدينة تستعيد ذكرى سنوات الصبر والمقاومة قبل نصر أكتوبر المجيد    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    استجابة مطمئنة للعلاج .. تعرف على تطور حالة إمام عاشور    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    في 5 أماكن.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب بسوهاج    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر القبطي ومدرسة الإسكندرية اللاهوتية
نشر في البوابة يوم 23 - 03 - 2016

أبدأ بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية، التي نشأت في القرنين الثاني والثالث الميلاديين والتي كانت مدرسة تعليم المبادئ المسيحية، وهى أقدم وأهم مؤسسات تعليم اللاهوت في السنوات الأولى لظهور المسيحية، وأخذ أعضاء هذه المدرسة على عاتقهم مسئولية بلورة المنظومات الأولى للاهوت المسيحي، ووضع العديد من الشروح للكتاب المقدَّس. ولم تكن هذه المدرسة قاصرة فقط على علوم اللاهوت، بل كانت بمثابة الكلية التي تُدّرس فيها معارف مختلفة من إنسانيات، وفلسفة، وعلوم، ورياضيات، وإن كانت الأولوية فيها لقواعد الإيمان والعقيدة.
ونتيجة لذلك التنوع حدث توفيق بين الإنجيل والفلسفة اليونانية القديمة بصورة كبيرة، فخرج من الإسكندرية أعظم المدافعين عن الإيمان المسيحي، ومن ضمن آباء مدرسة الإسكندرية العلامة بانتينوس، والذي له دور خاص كمصدر ثقة في شئون التفسير وترجمة الإنجيل إلى اللغة المصرية، وحدد الخطوط العريضة في اللاهوت الإسكندري المبكر في مبدأين، أولهما: الالتزام بتقليد الشيوخ أو القسوس، وثانيهما: استخدام كل أدوات التعبير الأدبية والفلسفية الممكنة لشرح الإنجيل وشرح التعليم المسيحي.
وإضافة إلى بانتينوس نجد كلمنضس السكندري (150م)، والذي استعمل الفلسفة كأداة لشرح الإيمان، ومن أهم قضاياه أن المعرفة والإيمان لا يتضادان، وأن المسيح هو نهاية كل فلسفة ونبوة، وغاية الخلاص والإيمان. وفضلًا عن هؤلاء كان هناك من دافع عن الإيمان المسيحي وشرح اللاهوت في القرون الأولى وهو العلامة أوريجانس الإسكندري، والذي يعد تلميذًا للفيلسوف بانتينوس الإسكندري، والذي استخدم المنطق والفلسفة كوسيلة لشرح الإيمان، وهناك أيضًا العلامة ديديموس الإسكندري (313 - 398م) ودفاعه عن اللاهوت.
وغير هؤلاء كان هناك عدد من المدافعين والمفسرين للعقيدة المسيحية وللإيمان المسيحي وخاصة القدِّيس أثناسيوس الرسولي (296 - 373م) كاروز الديار المصرية، والذي حفظ وحمى الإيمان المسيحي من الهرطقات المتعلقة بطبيعة المسيح، وكان يرى أن الأرثوذكسية عليها أن تشرح الإيمان بالإقناع وليس بالقوة، وقد كتب عنه العالم دين ستانلي (1815 - 1881م) "أن أثناسيوس يُحسب أكبر لاهوتي زمانه، وأيضًا لكل العصور والأجيال؛ ولهذا حاز على لقب "الكبير"من كل العالم وعلى المدى.
ولقد كتب هؤلاء وغيرهم باللغة اليونانية ولكن مع انقسام الكنيسة بعد مجمع خلقدونية عام(451م) فقد اللاهوت الإسكندري ملامحه وشهرته، وانتقلت مدرسة الموعوظين المشهورة من الإسكندرية إلى آسيا الصغرى، ومع اضطهاد الأقباط على يد الأباطرة البيزنطيين الموالين لمجمع خلقدونية، أصبحت الأديرة، وعلى الأخص دير القدِّيس الأنبا مقار، مركزًا للاهوت القبطي وتحولت لغة اللاهوت من اللغة اليونانية إلى القبطية، كما حدث انقسام أدَّى إلى انفصال مصر عن كثير من التطورات اللاهوتية اللاحقة التي حدثت في الكنيسة البيزنطية، وخاصة بعد الفتح العربي عام(642م).
وكانت الكتابات اللاهوتية القبطية في أوائل القرون الوسطى أقل اهتمامًا باللاهوت والعقيدة، وأكثر اهتمامًا بالخبرات الروحية، حيث تميل إلى روح مُحافظة، ولا تعطي صورة لاهوتية كاملة لهؤلاء الآباء، بل مجرد نقل خبرات وعظات.
وبعد الفتح العربي الإسلامي أصبح الأقباط تحت مظلة الحكم العربي، وقد حافظوا على تراث أجدادهم، كما نَظَرَ إليهم الحكام العرب وجيرانهم المسلمون بكل تقدير واحترام، ومن ناحية أخرى اندمج الأقباط كعنصر إيجابي فعال في نسيج الأمة العربية الإسلامية مع الحفاظ على هويتهم الدينية وتراثهم العريق. فضلًا عن ذلك بدأ المسيحيون يُقبلون على اللغة العربية لغة أساسية لهم، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من علوم اللاهوت القبطية، وبدأ احتياج التعليم المسيحي إلى اللغة العربية؛ حيث بدأت اللغة القبطية في الاندثار في مصر، ووضعت ترجمات من القبطية إلى العربية لنصوص آبائية، وبدأ التبادل الفكري مع مسيحيين آخرين في بلاد الشرق الأوسط.
وكان نتاج كل العوامل السابقة هو تحديد الإطار العام لشكل ومضمون اللاهوت المتوارث للكنيسة القبطية، وأصبح العامل المشترك لهذا الحوار هو اللغة العربية المتأثرة بالفلسفة الإسلامية من ناحية، ومن ناحية أخرى بالفلسفة الأرسطية
وفى النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت أولى خُطى الإنجيليين على أرض مصر، بعد أن قاموا بثورة الإصلاح في أوروبا منذ القرن السادس عشر. ومع توقف كتابات اللاهوت القبطي بعد القرن الرابع عشر انفتحت مصر على الغرب، وجاء إليها كثير من المبشرين من كل الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية، وبما أتت به حركة الإصلاح من لاهوت غربي. وكان تأثيرًا واسعًا، ولكن مع النصف الأخير من القرن التاسع عشر ظهر رد فعل أرثوذكسي ضد هذا التأثير، تمثَّل في كتابات لاهوتية قبطية دفاعية جدلية الشكل مع الكاثوليك والبروتستانت. والى جانب هذا الدفاع عن التقليد القبطي الأرثوذكسي، بدأ ظهور حركة مدارس الأحد في الأربعينيات من القرن العشرين، وهو العامل الثاني وراء النهضة القبطية.
ثم ظهرت قوى أخرى مختلفة دافعة للإصلاح؛ عملت على إعادة حركة إحياء للرهبنة وروادها الأوائل في القرون الأولى كالقدِّيس أنطونيوس والقدِّيس مقاريوس، فجاء الأب عبد المسيح الحبشي وغيره للمناداة بالتغير الجذري، فجذبوا أتباعًا؛ لإحياء حياة الرهبنة في العصور الأولى وأُيدت هذه الحركة باختيار البابا كيرلس السادس البطريرك للإسكندرية، والذي كان تلميذًا للأب عبد المسيح الحبشي، واستطاع بمساندة الرئيس جمال عبد الناصر أن يُقوي موقف الكنيسة بصفة عامة والرهبنة القبطية بصفة خاصة.
وهكذا نجد أن وصول البعثات التبشيرية الغربية إلى مصر هو الذي حفز الكنيسة القبطية على استعادة زمام المبادرة، والقيام بعدة إصلاحات جذرية، كان لها نتائجها الإيجابية. ومن أشهر رواد الكنيسة القبطية المعاصرين الأب متى المسكين والبابا شنودة الثالث، واللذان انخرطا في الأبحاث اللاهوتية ودراسة آباء الكنيسة وقد حمل هذا اللواء الآن قداسة البابا تواضروس الثانى رمز التنوير والانفتاح على الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.