يظل اسم الكاتب والمفكر والشاعر عبدالرحمن الشرقاوى علامة بارزة فى الحركة الأدبية والثقافية العربية، تركت كتاباته أثرا واضحا فى الكثير من مجالات الفنون، فرواية «الأرض» كانت صرخة أدبية وسردية بليغة فى وجه الإقطاع وظلم الفلاح، وما يقدمه الريفى فى مقابل ما يحصده، وعندما تحولت الرواية إلى عمل سينمائى على يد المخرج الكبير يوسف شاهين نالت مكانتها المميزة بين أفضل 100 فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية، وعندما كتب فى المسرح «الفتى مهران» و«الحسين شهيدا» و«الحسين ثائرا» أوقع ضجة عنيفة بين المثقفين وسلفية الفكر والمتحجرين دينيا. وفى الدورة السابقة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، تم اختيار اسم الكاتب الراحل عبدالرحمن الشرقاوى ليكون «شخصية المعرض»، وسط صراع عنيف بين الدولة التى تطالب بتجديد الخطاب الدينى، وإنقاذ البلاد من همجية وإرهاب التيارات المتطرفة، وبين تيارات لا تؤمن بالحوار، وتغرق فى تفسيرات ظلامية لمصادر الدين الإسلامى النقية، كما ترى العنف بديلا، إن اختيار اسم الشرقاوى فى تلك المرحلة يعتبر مواجهة موفقة من حيث اختيار أبرز من كتبوا فى مجال تجديد الفكر الديني، فكتابه «محمد رسول الحرية» و«على إمام المتقين» و«الفاروق عمر» من أبرز الكتابات التى نادى فيها بالتجديد والعدل الاجتماعى والحرية والنظرة السليمة للدين الإسلامى البريء من التيارات المتطرفة التى أساءت إليه. "الحسين ثائرا".. حلم الشرقاوي المؤجل اعتمد «الشرقاوي» على التراث فى تقديم كافة أعماله المسرحية الشعرية منها «مأساة جميلة»، «الفتى مهران»، «الحسين ثائرا»، «الحسين شهيدا»، «النسر الأحمر»، «تمثال الحرية»، «وطنى عكا»، «عرابى زعيم الفلاحين»، وغيرها، بالإضافة إلى أعماله السينمائية والتراجم الإسلامية، فيما تميزت كتاباته بالمزج بين الأدب والاجتماع والسياسة، فكان يستمد كتاباته من واقع بيئته فكثيرًا ما كان يرى القرية من خلال كفاح أهلها فى سبيل العيش، ليعود إلى ما بدأ به حياته، وهو الوعى بقضية الفلاح، وجعلها رمزا لقضية الوطن والأمة بأسرها. حلم «الشرقاوي» كثيرا أن يرى أشهر أعماله المسرحية «الحسين ثائرا وشهيدا» أمام عينيه قبل وفاته، هذا العمل الذى قام بإخراجه الفنان الراحل كرم مطاوع على خشبة المسرح القومى فى عام 1972، ليتحقق حلمه لكن قابله الأزهر الشريف بفتوى تسببت فى عرقلة استكمال مسيرة هذا الحلم الذى يرى النور على خشبات المسرح، فى حين أن العمل يتناول مسيرة وشخصية الإمام الحسين ومكانته فى الإسلام، بالإضافة إلى ثورته الإصلاحية تجاه أمته، ورسم واقعة استشهاد الحسين رضى الله عنه، كأننا نحياها الآن حين نقرأ هذا النص، وكأنه يأخذنا فى رحلة لآلاف السنين نرى بأعيننا فيها، كيف استشهد الحسين رضى الله عنه، إلا أن للأزهر الشريف رأى آخر، عندما قرر مجمع البحوث الإسلامية، اعترض على ظهور العشرة المبشرين بالجنة وآل البيت فى الأعمال الفنية، إلا عن طريق راو فقط، والأزهر الشريف لديه حساسية شديدة من ظهور الشخصيات الإسلامية، وطلب عدم ظهورهم فى الأعمال الفنية أو المسرحية حتى أصبح هذا العمل معقدا للغاية. ومن نص أبيات «الحسين ثائرا وشهيدا»، يقول الشاعر: «فلتذكرونى عندما تغدو الحقيقة وحدها حيرى حزينة.. فإذا بأسوار المدينة لا تصون حمى المدينة.. لكنها تحمى الأمير وأهله والتابعين.. فلتذكرونى عندما تجد الفصائل نفسها.. أضحت غريبة.. وإذا الرذائل أصبحت هى وحدها الفضلى الحبيبة.. وإذا حكمتم من قصور الغانيات ومن مقاصير الجوارى فاذكروني.. فلتذكرونى حين تختلط الشجاعة بالحماقة.. وإذا المنافع والمكاسب صارت ميزان الصداقة.. وإذا غدا النبل الأبى هو البلاهة.. وبلاغة الفصحاء تقهرها الفكاهة». تلك المسرحية التى تعد من المسرحيات الممنوعة تقديمها على خشبة المسرح المصري، أو مجرد التفكير أو التلميح بتقديمها، وذلك من قبل صناع المسرح التى تجد فتاوى الأزهر بمنع تقديمها كالأمطار التى تندلع من قبل شيوخ وأئمة الأزهر الشريف، ذلك الأمر الذى لم يتوقف عنه المخرج كرم مطاوع بعد أن أجرى بروفات العرض كاملة، وأصبح جاهزا لتقديمه على خشبة المسرح القومي، واصل «مطاوع» تقديم العرض فى صورة بروفات يومية لمدة 30 يوما فى إطار اكتمال كافة العناصر المسرحية من ديكور وموسيقى وإضاءة وملابس وسينوغرافيا العرض، دون فتح شباك التذاكر، وقد شارك البطولة كل من كرم مطاوع، عبدالله غيث فى دور «الحسين»، أمينة رزق فى دور «السيدة زينب»، يوسف وهبى فى دور «وحشي»، عبدالرحمن أبو زهرة، حمزة الشيمي، فى حين حاول الفنان الراحل نور الشريف، تنفيذ هذا العمل ولكن فشل أيضا، وأيضا الفنان أحمد ماهر الذى قام بتجسيد شخصية «الحسين»، ولكن الرقابة منعت تنفيذ العرض مؤكدا أنه لا يحق أى جهة الاعتراض على تجسيد شخصية «الحسين» فى حين عرض «السيدة مريم» و«يوسف الصديق» على الشاشات العربية الفضائية فلا مانع من ذلك، ولكن فشل أيضا. وخاض المخرج جلال الشرقاوى هذه المعركة التى لاحقها الفشل من قبل المسرحيين المريدين تنفيذها لأنها بمثابة الحلم بالنسبة لهم، وأخذ تبليغ الفنانة سهير البابلى هاتفيا أنها ضمن أبطال عرض المسرحية لتجسد شخصية السيدة زينب، وتقدم بخطاب إلى الأزهر الشريف لمناقشة بعض الأمور فى النص، ووافق الأزهر على تحديد موعد مع مجمع البحوث الإسلامية، وتطاول الاجتماع بين أئمة المجمع، فمنهم من وافق على ذلك والآخر بالرفض حتى توصلن فى نهاية الأمر بالرفض أيضا وأصبح الأمر معقدا للغاية. مسرحيون يطالبون «الثقافة» بالتدخل لحل الأزمة قال المخرج ناصر عبدالمنعم، إن هذا العمل الثرى كان حلم أجيال كثيرة لتحقيقه، فقد قام الفنان كرم مطاوع بإخراجه بعد أن أجرى بروفاته النهائية للعرض ولكن قابلها الرفض من قبل الأزهر الشريف، وقد حاول أيضا الفنان نور الشريف إخراجه أيضا لكنه فشل أيضا، بالإضافة إلى مخرجين عدة وكأن الأمر معقد. وأضاف «عبدالمنعم»، أن المشكلة تنحصر فى فكرة الوصايا والرأي، فالدراما العربية والسورية قدمت الكثير مثل هذه الأعمال، وتجاوزت هذا الأمر مثلما قدمت مسلسل «يوسف الصديق، السيدة مريم».. وغيرهما فهذا يتوقف على جزئيتين وهما الملاحظة والمنع، فالملاحظة نرحب بها للمناقشة والتصورات التى تنتج عنها تبادل الآراء، أما المنع والرفض فأنا ضد هذا تماما. تمنى «عبدالمنعم»، أن نشاهد «الحسين ثائرا وشهيدا» لتحقيق هذا الحلم الذى يحلم به الكثير من المسرحيين، فنحن فى أشد الاحتياج لتدخل وزارة الثقافة نحو هذه الأزمة، والعمل على حلها فى أسرع وقت لكى يرى النور من جديد. وطالب شيخ المسرحيين الناقد الدكتور كمال عيد، مشيخة الأزهر الشريف أن تعيد النظر فى الفتوى التى أصدرها الأزهر قديما، بمنع هذا العمل من تنفيذه، فنحن الآن فى مرحلة التنوير وبناء الذات، والبحث عن منارة التفكير التى تساعد على ظهور حركة اجتماعية وثقافية وفلسفية تطالب بإعمال العقل وتحكيم المنطق ونبذ الخرافات والوصاية على المجتمع. وأضاف «عيد» أن المسرح المصرى فى الوقت الراهن يشهد ركودا تاما فى الأعمال التى تقدم حاليا على خشباته، وتحولت الأعمال المسرحية إلى اسكتشات الفصل الواحد، فلا بد أن المسرح المصرى يعيد النظر ويراجع حساباته فى الأعمال الدرامية المقدمة، مؤكدا أن مسرح الستينيات كان من أشد فترات الازدهار، حيث التقيت فى تلك الفترة بمجموعة من الشباب الذى يعشق المسرح وتبنى كل ما يخصه من تمثيل وإخراج، وكانوا يسعون للتعاون مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لإثراء الفكر الاشتراكى الذى كان يدين المجتمع له بكل الشكر والإخلاص. وأشار «عيد»، إلى أن ثروث عكاشة ومحمد عبدالقادر حاتم، من أكفأ من تولوا وزارة الثقافة، وازدهرت فى عهدهما كثيرا، وكانت منارة ثقافية وإبداعية شهدتها مصر، ولم يأت من يستكمل مسيرتهما. وقال الكاتب بهيج إسماعيل، إنه من أروع وأجمل ما كتب عبدالرحمن الشرقاوى «الحسين ثائرا»، «الحسين شهيدا» يجمعا على عظمة الشعر والدراما سويا، ومستندة من الواقع، فلا يمكن أن نعوض هذا الشاعر العظيم عبدالرحمن الشرقاوي، فقد قام الفنان كرم مطاوع بإخراج العرض المسرحى «الحسين ثائرا وشهيدا»، ولكنه قدمها فى صورة بروفات لمدة 30 يوما، ولكن الأزهر أصدر قرارا بعدم تنفيذها، مؤكدا أنه من أفضل المخرجين وكل من أتى بعده لا يقدر بقيمته الفنية والإبداعية. وأضاف «إسماعيل»، أن الأزهر الشريف متجمد عند آراء معينة توارثها مبدأ الاجتهاد، ولكن نتمنى أن يعيد النظر فى هذا القرار، وكان الشرقاوى يصنع داخل النص المسرحى شيئا من الثورة تحفيزا للعمل، وأن اختياره للعناوين له دلالة كبيرة فى «الحسين ثائرا» و«الحسين شهيدا» نسبا إلى مفهوم الثورة وإنك تثور وتضحى من أجل وطنك. وأكد «إسماعيل»، أن المسرح المصرى الآن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وانفض عنه الجمهور وأصبح المسرح الآن بلا جمهور، والبيت الفنى بلا رؤية، وأصبح يقدم أعمالا لا قيمة لها من عدمه. وقال المخرج محمد الخولي، إننى قمت بقراءة النص المسرحى «الحسين ثائرا وشهيدا» للكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي، وكنت أحلم بإخراج هذا العمل الثري، لكن فتوى الأزهر منعتنا من ذلك الأمر وأصبح معقدا للغاية. وأضاف «الخولي»، أن الأزهر الشريف فى فتواه الذى أصدرها بعدم ظهور آل البيت وتجسيدهم على خشبة المسرح، مشيرا إلى أن المخرج كرم مطاوع قد أجرى بروفات هذا العمل، ولكن فشل فى تنفيذه نظرا لرد الأزهر على عدم تنفيذ هذا العمل، وأخذ مطاوع عرض المسرحية فى صورة بروفات لمدة 30 يوما متكاملة كافة العناصر المسرحية من ملابس وديكور وموسيقى وسينوغرافيا، ولكن دون فتح شباك تذاكر للجمهور. وأكد «الخولي»، أن المخرج جلال الشرقاوى قد حاول إخراج هذا العمل، وقدم طلبا مكتوبا للأزهر الشريف لمناقشة فتوى الرفض بشأن هذا العمل، وقد طلب شيخ الأزهر مقابلته للحديث حول هذه المسرحية، مما أثار جدلا بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بين المؤيد والمعارض، ولكن توصلت النتيجة فى النهاية إلى عدم تنفيذ العمل، فيما حاول أيضا الفنان أحمد ماهر أن يخوض هذه التجربة ولكنه فشل أيضا، مطالبا من مشيخة الأزهر الشريف إعادة النظر فى هذا الأمر من جديد نحو هذا الحلم الذى يحلم الكثير من المسرحيين بتنفيذه. وطالب الكاتب محمد أبو العلا السلاموني، الأزهر الشريف، بإعادة النظر فى هذا العمل؛ لأن هذه النماذج الدينية تساعد على نشر الفكر الدينى المستنير، ففى مرحلة سابقة جسدت بعض الشخصيات الدينية مثل خالد بن الوليد وقام به الفنان حسين صدقي، وغيرها، مناشدا هيئة كبار العلماء التفكير فى هذا الأمر. وأكد «السلاموني»، أن عدم التفكير فى هذا الأمر ضد فكرة تجديد الخطاب الديني، فنحن فى أشد مراحل التنوير وتصحيح الأفكار المغلوطة. قال المخرج جلال الشرقاوي، فى برنامج «ناس بوك» على قناة «روتانا مصرية»، إن مسرحية «الحسين» كانت محاولة قام بها الفنان كرم مطاوع عام 1975، ولكن الأزهر رفض بحجة عدم تجسيد آل بيت النبي، ولكن أنا من عشاق هذين النصين وهما «الحسين ثائرا»، «الحسين شهيدا» وما زال يستحضرهما ذهنى حتى عام 2000م، حيث بدأت فى إعداد الروايتين فى نص واحد، وتواصلت مع زوجة الراحل عبدالرحمن الشرقاوي، وولده أيمن، وبالفعل حصلت على الموافقة، وقالت لى زوجته: إن عبدالرحمن الشرقاوى كان يحلم أن يرى هذا العمل على خشبة المسرح. وأضاف «الشرقاوي» أنه ذهب إلى الأزهر، وقال له شيخ الأزهر: لا بد من موافقة مجمع البحوث، وبالفعل عرض الأمر عليهم، وبدأوا بالنشر فى بعض الصحف بالرفض بصورة وحشية قبل إصدار قرار بشأن ذلك، وطلبت من شيخ الأزهر مقابلة مجمع البحوث لمناقشة وجهة نظرى نحو هذا المشروع، وقد تقرر بالفعل فى يوم 26 أكتوبر عام 2000 لحضور الاجتماع الشهرى لمجمع البحوث بحضور 52 إماما، وعرض كافة وجهات النظر أمامهم، ما قيل إنك تحرض بين الشيعة والسنة، وتحريض الجمهور بالوقوف أمام الحاكم متخذين الحسين مثلا ونموذجا، مؤكدا أن هذا هو دور الفن الذى يقف أمام الحكومات الفاسدة والظالمة. وأخذ «الشرقاوي» مسائلا هؤلاء الأئمة، هل ترون أن حكوماتنا ظالمة وفاسدة؟ رفضوا الإجابة عن هذا السؤال، ورد الآخر قائلا: نحن رافضين هذا العمل لأنه يسىء لبعض الصحابة، مشيرا إلى أن الدكتور عبدالمعطى بيومى يدينه بأنه يشجع المقاومة والجهاد ضد فئة مسلمة، أى فئتان مسلمتان تتقاتلان وليست الفئة الباغية، موضحا أنه بعد 40 دقيقة من الحوارات المستمرة فأخذ البعض ينحاز إلى صفى وبدأوا تبنى وجهة نظري، فيما بدأ الحوار بينهم وتعالت الأصوات بينهم فى المناقشة، ولكن فى النهاية لاقى العمل الرفض. كبير باحثى الأزهر: محرمو تجسيد الأنبياء والأولياء لا حجة لهم مطلقًا قال الشيخ طارق نصر، كبير باحثين بالأزهر الشريف، إن الأزهر لديه حساسية مفرطة تجاه أى شيء متعلق بأهل البيت، بذريعة أنه يمكن أن يؤدى بالناس إلى ترك مذهب السنة للشيعة، خاصة وهو يرى نفسه قلعة لأهل السنة، ونتمنى أن يكون قلعة لكل المسلمين، فيتعالى عن الغلو الشيعى أو التشدد السنى فالإسلام فوق المذاهب. وأضاف «نصر»، أن أخطر شيء أن يقول الإنسان هذا حلال وهذا حرام بغير دليل، ويقول الله تعالى فى سورة النحل بالآية 116: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}، فهل هناك نص قرآنى يحرم تمثيل هؤلاء؟ بالطبع لا والعكس هو الصحيح، فكلمة «مثل» وردت كثيرا فى القرآن الكريم (إنما إنا بشر مثلكم.. فتمثل لها بشرا سويا).. والملائكة الذين أتوا إبراهيم عليه السلام جاءوا فى صورة بشر حتى، والقصة معروفة حيث كانت المشكلة عند الكافرين أنهم قد رفضوا مثلية النبى لبقية البشر حتى أنهم اعترضوا، ويقول الله تعالى فى سورة الفرقان فى الآية 7: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا}، وهو نفس حال المانعين من تمثيل الأنبياء والأولياء وكأنهم آلهة وليسوا بشرا. وكما تفضلتم فتلك مرحلة تخطاها العالم، والملاحظ مثلا أن أوروبا أصدرت فيلم المسيح - من وجهة نظرها- فلماذا لا يخرج المسلمون فيلما عن المسيح من وجهة نظر قرآنية؟ وإذا كان ولا بد فيمكن أن يكون على وجه الممثل نور إذا كان يمثل دور «نبي» وتنحل هذه المعضلة عند الأزهر. وأوضح «نصر»، أن الأزهر بتحريمه للأعمال التليفزيونية المتعلقة بالأنبياء والأولياء حرم البشرية من خير كثير كان يمكن أن تستفيد به، ألم تكن مصر هى الأولى بإخراج فيلم عن «يوسف الصديق»، خاصة أن كل الأحداث متعلقة بمصر، ويمكن أن يكون الفيلم سببا رئيسيا فى جلب السياح من أنحاء العالم لمصر ومعالمها، وكذلك فى فيلم «الطوفان» الذى أخرجته السينما الأوروبية، يمكن أن نخرج فيلما عن نوح وساعتها يكون فيلم «الطوفان» لا قيمة له لو أحسنا إخراج فيلم عن «نوح»، وأن الطوفان لم يشمل الأرض كلها كما يتوهمون، ومن المعلوم أن أثر الفيلم يتعدى بمراحل عديدة أثر الخطبة التى تلقى على الناس فى المساجد، ثم إن أغلب الشباب اليوم لا يحب القراءة، وإنما يحب أن يأخذ المعلومة فى صورة فيلم أو مسرحية. وأكد «نصر»، أن الشاهد فى الموضوع أن الذين قالوا بحرمة تمثيل الأنبياء والأولياء لا حجة لهم مطلقا، بل إنهم بتلك الفتاوى أفسحوا المجال للمسرحيات الهزيلة التى لا تنتج غير مجتمعات هزيلة.