من أين بدأت الآثار المصرية، وإلى أين انتهت؟ وماذا حققت فى حقل العمل الأثرى بسيناء بعد حرب 1973، هذا ما سنرصده فى السطور التالية. حتى منتصف القرن التاسع عشر، لم يكن هناك أى تشريع يخص تجارة الآثار بمصر، فقد كانت هناك آلاف القطع الأثرية من مجوهرات وتماثيل ونقوش وحتى آثار بأكملها قد نزعت من بيئتها الأصلية لتنضم إلى مجموعات خاصة أو مجموعات متاحف مختلفة حول العالم، وقد بدأ الولع الغربى بالآثار المصرية مع قدوم الحملة الفرنسية «1798-1801م» إلى مصر، والتى نشرت مجلدات متعاقبة من كتاب «وصف مصر» الذى خلق اهتمامًا عالميًا بمصر وآثارها القديمة، لذا كان لابد من قرار حاسم لوقف تدفق الآثار المصرية خارج البلاد، وهو ما فعله محمد على باشا والى مصر، الذى أصدر مرسومًا فى 15 أغسطس عام 1835م، يحظر تمامًا تصدير الآثار المصرية والإتجار بها، وشمل أيضًا هذا المرسوم إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة ليُستخدم كدار لحفظ الآثار، التى كانت تخرج فى أغلب الأحيان كهدايا لوجهاء أوروبا، ومع منتصف القرن التاسع عشر تضاءلت مجموعة القطع الأثرية حتى نقلت إلى قاعة صغيرة بالقلعة، وهو ما حدث بشكل مخز ومحزن عام 1855م، حينما زار الأرشيدوق النمساوى ماكسميليان أحد أفراد العائلة المالكة فى النمسا هذه القاعة وأعجب بالمجموعة الأثرية المتبقية فأهداها له والى مصر عباس حلمى الأول، ونقلت إلى فيينا، لذا كان من الضرورى إنشاء مصلحة للآثار المصرية، ففى العام 1858م صدق سعيد باشا على إنشاء مصلحة الآثار لوقف نزيف الآثار المصرية، وعين العالم الفرنسى أوجست مارييت، مديرًا للمصلحة التى تحملت مسئولية إقامة الحفائر والموافقة والإشراف على البعثات الأثرية الأجنبية، ولأول مرة فى تاريخ مصر أنشأ مارييت بموافقة من الخديوى إسماعيل أول متحف وطنى فى الشرق الأوسط، تم افتتاحه فى عام 1863م، وهو المتحف المصرى بالتحرير حاليًا، حيث وجد «العالم الفرنسي» أنه لا بد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف نقل إليه الآثار التى عثر عليها أثناء حفائره فيما بعد. على مدار القرن تقريبًا كان يرأس هيئة الآثار المصرية علماء آثار أجانب، إلى أن تولى زمام الآثار المصرية العالم المصرى مصطفى عامر عام 1953، ومع جلاء قوات الاحتلال البريطانى أصبحت مصلحة الآثار هيئة حكومية مصرية خالصة تابعة لوزارات الأشغال العامة، والتعليم، والإرشاد القومي، وخلال عام 1960م تم نقل تبعيتها إلى وزارة الثقافة، إلا أنها تحولت فى العام 1971 خلال فترة تولى جمال مختار لها من مصلحة للآثار إلى هيئة للآثار المصرية، ثم تغير المسمى لتصبح فيما بعد المجلس الأعلى للآثار خلال عام 1994م، وذلك بموجب القرار الجمهورى رقم 82 لسنة 1994م، وأصبح عالم الآثار الراحل الدكتور محمد عبدالحليم نور الدين أول أمين عام للمجلس الأعلى للآثار، إلا أن المجلس الأعلى للآثار استقل فى العام 2011 عن تبعية وزارة الثقافة وتحول إلى وزارة مستقلة، ليصبح عالم الآثار المصرى الدكتور زاهى حواس أول وزير لوزارة الدولة لشئون الآثار، وفى العام 2015 تحولت وزارة الدولة لشئون الآثار إلى وزارة الآثار فى عهد حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتى يتولى حقيبتها منذ مارس 2016 الدكتور خالد العنانى وحتى الآن.