«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع فرنسى - ألمانى على نهب آثارنا المصرية
نشر في صباح الخير يوم 20 - 10 - 2015

منذ حملة نابليون بونابرت حتى عام 1914 زاد الوعى بتاريخ مصر القديم وتراثها الحضارى عند المصريين والأوروبيين، فاهتم الأوروبيون بالبحث عن الآثار وأخذها معهم فى بلادهم لاعتقادهم الدائم أن مصر لا حق لها فى هذه الآثار لعدم تقديرهم لقيمتها وأن الأوروبيين هم الأحق منهم، حيث يعرضونها فى متاحفهم بأحدث التقنيات، هذه هى وجهة نظر الأجانب التى استمرت حقيقة مسلمًا بها فى الثقافة الغربية على مدى نصف قرن أى حتى النصف الثانى من القرن 19، ذلك العصر الذى لعب فيه الأوروبيون الدور الرئيسى فى وضع أسس (علم المصريات) وفى إرساء دعائم علم الآثار والعناية بها وإقامة أربعة متاحف فى مصر كان على رأسها المتحف المصرى.
فقام نابليون بونابرت بإرسال حوالى 139 عالمًا لدراسة أوجه مختلفة من العلوم عن مصر القديمة ومن بين هذا العدد كان هناك فريق من الرسامين والمعماريين منهم:
vivant denon:الذى قام بوصف حوالى 6 مقابر لكن بدون رسمها وقام برسم حوالى 150 لوحة نشرت بواسطة jomard فى كتاب وصف مصر، ثم عاد إلى فرنسا حيث كلف بإنشاء متحف اللوفر وخصص به أول جناح للآثار المصرية وظل يمده بالتحف والآثار حتى نهاية حكم نابليون وفى 1802 أصدر كتابه (رحلات فى مصر العليا والسفلى) وترك خلفه باحثى البعثة الفرنسية للعمل فى وادى الملوك وهما jollois and Villiers اللذان قاما بعمل أول خريطة لمواقع ومناطق الوادى والتى اعتمد عليها لمدة 60 سنة تالية ولقد سجل فى هذه الخريطة 16 مقبرة، بالإضافة إلى أنهم سجلوا لأول مرة وجود الضفة الغربية لوادى الملوك وأشاروا إلى مقبرة أمنحتب الثالث رقم 22 بالبر الغربى وتم نشر ذلك فى كتاب وصف مصر الذى نشر ما بين 1809-1828 وهو مكون من 19 جزءًا.
وبه لوحات بلغ عددها 974 لوحة قام برسمها 400 رسام وقاموا بترتيب اللوحات الخاصة بالآثار المصرية القديمة على أساس موقعها الجغرافى من جزيرة فيلة إلى الإسكندرية شمالا.
• اهتمام الدولة المصرية بالآثار
كانت الخطوة الأولى للسيطرة على الآثار المصرية قد تمت فى يوم 15 أغسطس من عام 1835 م، عندما قام محمد على باشا والى مصر بإصدار مرسوم يمنع أى نقل غير حكومى للآثار من مصر، كما شمل هذا المرسوم أيضا إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة الذى استخدم كدار لحفظ الآثار. ولسوء الحظ كانت تلك القطع الأثرية عادة ما يمنحها حكام مصر لوجهاء أوروبا كهدايا، ومع منتصف القرن التاسع عشر تضاءلت مجموعة القطع الأثرية حتى تم نقلها إلى حجرة صغيرة بالقلعة. وفى عام 1855 تم تقديم ما بقى من تلك المجموعة كهدية من عباس باشا إلى الأرشيدوق النمساوى«ماكسميليان».
وفى عام 1858 صدق سعيد باشا على إنشاء مصلحة الآثار (التى كان اسمها الرسمى آنذاك Service des antiquites) وذلك للحد من استمرارية الاتجار المحظور فى الآثار، وتم تعيين العالم الفرنسى أوجست مارييت كأول مدير لتلك المصلحة. وكانت تلك المصلحة الحكومية مسئولة عن إقامة الحفائر الخاصة والموافقة والإشراف على البعثات الأثرية الأجنبية. وقام مارييت بإنشاء أول متحف وطنى فى الشرق الأوسط وهو المتحف المصرى الذى تم افتتاحه فى عام 1863 بمبنى حكومى مؤقت ببولاق.
أراد الخديوى إسماعيل أن يكون فريقا مصريا متخصصا فى الآثار المصرية للعمل إلى جانب الأوروبيين بمصلحة الآثار والمتحف المصرى التى قام بتأسيسها مارييت الذى عارض الفكرة خوفا على منصبه، لكن التنافس الفرنسى الألمانى أوجد ثغرة فى صفوف الأوروبيين هى أن للمصريين فرصة لإيجاد موقع فى مجال المصريات، وبالفعل تم التعاقد مع بروجش للعمل ناظرا لمدرسة (اللسان المصرى القديم) بمكان بالقرب من متحف بولاق، لكن عداء مارييت كان السبب الرئيسى وراء إغلاقها بعد خمس سنوات من افتتاحها. وفى عام 1872 تخرج فى أول مدرسة للآثار سبعة طلاب كان على رأسهم أحمد كمال الذى أصبح أول عالم مصريات مصرى فيما بعد، لكن مارييت مدير الآثار رفض قبولهم للعمل بإدارة الآثار خشية أن يؤدى وجودهم فيها إلى إنهاء الوجود الأوروبى خاصة الفرنسى بالإدارة فبدأ يضايق الطلاب منذ افتتاح المدرسة فأصدر أوامره لموظفى المتحف بمنع الطلاب من نسخ النصوص المصرية القديمة ولما لم يجد أولئك الخريجون مكانا لهم فى مجال الآثار عينوا مدرسين ومترجمين للغتين الفرنسية والألمانية، وهكذا بدأت السيطرة الأوروبية على إدارة الآثار وألغت الجهود التى بذلها إسماعيل لإعداد أول آثاريين مصريين فقد أغلقت (مدرسة اللسان المصرى القديم) فى نفس السنة التى تخرج فيها أولئك الطلاب السبعة.
• حياة مارييت .. أهم علماء الآثار وجاحظها
من مواليد بولونيا بفرنسا سنة 1821 عاش بفرنسا حتى سن الثامنة عشرة سافر إلى إنجلترا لتدريس اللغة الفرنسية فى إحدى المدارس الخاصة واستمر فى التدريس سنة واحدة بعدها عاد إلى بولونيا وعمل مدرسا فى كليتها المحلية ثم بدأ يكتب مقالات مختلفة، وحتى السنة 28 من عمره لم يكن ل ( مارييت) صلة بمصر وفى سنة 1842 توفى أحد أعضاء البعثة العلمية فى حملة نابليون على مصر وقد ترك مع ابنه كما ضخما من الكتابات، وطلب من مارييت باعتباره من أقارب عائلة المتوفى فحص هذه الأوراق ومنذ هذه اللحظة اهتم مارييت بعلم المصريات واهتم بنقوشها الهيروغليفية وكتب مقالا عن الآثار الموجودة فى متحف بولونيا ونظرا لقوة المقال لقى صدى كبيرًا تمكن من كسب تأييد مدينته ومساندتها فى مطالبة الجهات الرسمى بإرسال بعثة كشفية فى مصر، لكنهم رفضوا، فاستقال من وظيفته وسافر إلى باريس وزار متحف اللوفر ودرس قائمة الكرنك وكتب مقالًا عن ذلك لفت به نظر عالم المصريات (شارل لى نورمان) بإدارة اللوفر وأسند لمارييت وظيفة صغيرة بالمتحف المصرى وكان يقضى مارييت وقته كله فى قراءة المصريات.
قام بحفائر فى جبانة سقارة، أما أعماله فى طيبة فبدأ بالكشف عن التابوت الحجرى الخاص بالملكة أياح حتب أم الملك أحمس من الأسرة 17وهو يعد من أفخم الأشياء التى اكتشفها مارييت، ولقد حاول حاكم طيبة فى تلك الفترة أن يستولى عليه، وبالفعل جرده من الزخارف وأرسلها كمجوهرات ثمينة للباشا كهدية سياسية وعندما علم مارييت ذلك أوقف أى سفينة شك فى أنها تحمل آثار، أما عن أعماله فى وادى الملوك فذكر أنه أول ما زار الوادى وجد تقريرًا يقول فيه أن 21 مقبرة فقط تم اكتشافها من قبل، ولكن بعد اكتشافاته أصبحت 25 مقبرة .
• أحمد كمال باشا ( 1851-1923)
أسطورة الآثار المصرية والأدب الروحى للآثاريين المصريين فهو يعتبر شخصية فذة تلك الشخصية التى ظهرت فى أواخر القرن التاسع عشر، وفى هذه الفترة ظهر الولع الشديد للآثار وبعلم المصريات.
ولد أحمد باشا كمال فى 29 يونيو عام 1851 م بالقاهرة، وتفوق فى دراسته بمدرسة اللسان المصرى القديم التى التحق بها فى عام 1869 م.
واجه فى بداية حياته الوظيفية العديد من الصعوبات ففى البداية حاول أستاذه بروجش إلحاقه بالمتحف المصرى لكن مارييت عارض كثيرا مما اضطره إلى العمل فى مجالات مختلفة بعيدة عن تخصصه فعمل مدرسا للغة الألمانية فى المدارس الأميرية بالقاهرة والإسكندرية بعد سفره للنمسا لإتقان اللغة. فى عام 1872 م عين مع 7 آخرين معاونين ومترجمين بدا وأن المكاتب الأهلية أول إنشائه الذى كان على باشا مبارك مديرا له تلك الشخصية التى لعبت دورا كبيرا فى تحويل حياته إلى اتجاه الآثار. ونتيجة لحبه الشديد للآثار كان ينتظر أى فرصة لكى يعمل فى هذا المجال وترك كل وظائفه الأخرى. وبالفعل سنحت له الفرصة وعمل فى البداية كاتبًا بمصلحة الآثار، ثم معلم لغة قديمة ثم ترقى مترجمًا بالمتحف وكان ذلك فى عام 1880 م، وكان مسئولا عن الإرشاد السياحى بضيوف المتحف. كما عمل ناظرا لمدرسة المتحف فى 1885. وفى الأعوام ما بين 1886 : 1892 م عين فى وظيفة مساعد أمين لحفظ الآثار فى إدارة المتحف المصرى وهو يعتبر بذلك أول مصرى يتقلد منصبا أثريا رسميا بالمتحف المصرى. وقد نال بهذا المنصب درجة ( البكوية).
ولقد كافح أحمد كمال بلا كلل ولا ملل من أجل أن يؤسس علما للمصريات مصرى الهوى، ومن أجل إقناع أهل بلاده بأهميته، فتعرض للعديد من الحروب من قبل الأجانب أمثال مارييت، لكن بروجش ساعده كثيرا إلى أن نجحت محاولاته. فقد قام بترجمة دليل المتحف المصرى الذى ألفه ماسبيرو فى عام 1903م. هو أول من قام بتأليف أول كتاب متخصص باللغة العربية عن تاريخ مصر القديم وهو (العقد الثمين فى محاسن أخبار وبدائع آثار الأقدمين من المصريين) الذى صدر فى 1883م، والذى سجل حضارة وتاريخ وجغرافية وأدب مصر القديمة فى شرح فيه فائدة التاريخ، ثم يصف النيل وأسماءه ثم يتحدث عن أصل المصريين وحدود مصر وأسمائها القديمة. وكان لأحمد كمال هدفان رئيسيان أو تحديان سعى لتحقيقهما أولا أن يثبت لأوربيين وخاصة الفرنسيين من علماء المصريات مستواه العلمى وقدراته التقنية كمصرى لا تقل عنهم بأى حال. كما أراد فى نفس الوقت أن يبشر بين أهله بقضية الآثار وأهميتها لرقى الوطن.
لكن الحدث الأهم فى حياة أحمد كمال والذى كان له أبلغ الأثر فى توجهه الفكرى هو اكتشاف نقوش بمعبد الدير البحرى . فقد أعتقد فى البداية أن اللغة العربية هى أصل المصرية لما بينهما من توافق فى كثير من الصور. لكن اكتشاف نقش محفور على جدران معبد الدير البحرى بالأقصر جعله يغير فكره الأول وينقلب حتى صار يعتقد بالعكس وهو أن المصرية هى أصل اللغة العربية.
• القرن 20 وعلم المصريات
بترى أبو علم المصريات الحديث 1853- 1942
ترجع شهرة هذا العالم إلى اكتشافه لرأس الملك خوفو فى 1899-1901 عند قيامه بحفائر فى أبيدوس، فى 1883 نشر كتاب أهرامات ومعابد الجيزة الذى كان سببًا فى جذب الأنظار إليه كأثرى وحيث هدم فيه نظرية سميث التى كانت تعتمد كلية على مقاسات الهرم وما بداخله، فى 1893 عين أستاذ الكرسى الوحيد للدراسات المصرية المخصص لتدريس وتمرين الطلبة فى علم الآثار المصرية.
قام بالعديد من الحفائر فى تانيس والفيوم وأبيدوس، أسفرت حفائره فى الفيوم عن مدينة العمال والتى أشارت بوضوح إلى حياة البنائين الفنيين منذ ذلك العصر. توقفت أعماله فى مصر فى 1926 حيث أصبحت قوانين الحفر فى مصر متعذرة فنقل مركز أعماله إلى جنوب فلسطين ولم يعمل بمصر بعد ذلك.
• فيكتور لوريه (1859- 1946)
حقق فيكتور لوريه اكتشافات مهمة جدًا فى فترة قصيرة ففى عامى 1898 و1899 أضاف 16 مقبرة إلى خريطة وادى الملوك خمسة منها اكتشفت، وهى مقابر لملوك الأسرة 18 تلك الأسرة التى عثر على مقابر ملوكها بداخل الوادى ما عدا مقبرتى كل من أحمس وأمنحتب الأول لم يعرف مكانهما حتى الآن، ومن الاكتشافات العظيمة التى حققها فيكتور لوريه هى خبيئة أمنحتب الثانى التى عثر عليها فيكتور لوريه فى عام 1898 بعد شهر فقط من اكتشاف المقبرة رقم 34 حيث عثر بإحدى الحجرات الجانبية على خبيئة امنحتب الثانى التى كان بها 13 مومياء. كما قام بالكشف عن مقبرة تحتمس الثالث، فى 1899 مقبرة تحتمس الأول، كما عثر فيكتور لوريه عام 1898 بإحدى الحجرات الجانبية بداخل مقبرة امنحتب الثانى على خبيئة وكان بها 13 مومياء كان من بينها تسع فقط لملوك مصر وهم: امنحتب الثانى (صاحب المقبرة)- تحتمس الرابع- أمنحتب الثالث- مرنبتاح- سيبتاح- سيتى الثانى- رمسيس الرابع- رمسيس الخامس- رمسيس السادس، وموجودة حاليًا بقاعة مومياوات المتحف المصرى منها: مومياء تحتمس الرابع الذى خلف والده أمنحتب الثانى على العرش.
• جاستون ماسبيرو (1846- 1916)
أثرى فرنسى شهير عمل أستاذًا للمصريات 1869 زار مصر فى 1880 بصفته مدير البعثة الفرنسية فى مصر والذى تحول إلى المعهد الفرنسى للدراسات الشرقية IFAO. وقام بتنظيم ودراسة العديد من المقابر المهمة بوادى الملوك. وعمل مديرًا لمتحف بولاق ومدير مصلحة الآثار خلفاً لمارييت فيما بين 1881 - 1886. وعمل على نقل مجموعات القطع من الدير البحرى إلى متحف القاهرة فى عام 1881. ومن أهم أعماله هى تنظيم وتصنيف مجموعات المتحف المصرى وأقام العديد من الحفائر بجميع أنحاء مصر.
• كارتر ومقبرة الفرعون الذهبى 1922:
ترجع شهرة هذا العالم إلى اكتشافه لمقبرة توت عنخ آمون التى تعتبر المقبرة الوحيدة التى لم تمسها أيدى اللصوص.
أما عن مراحل الكشف عن هذه المقبرة فكانت مغامرة جميلة بدأت فى أول الأمر بطريق الصدفة، ففى شتاء عام 1906 عثر «تيودور ديفيز»- الذى كان يواصل أعمال الحفر فى وادى الملوك- على إناء من الفخار الملون يحمل اسم توت عنخ آمون وذلك فى أحد المخابئ على مسافة ليست بعيدة من الموضع الذى اشتغل عنده كارتر فيما بعد، وبعد عام قام بالحفر بداخل حجرة سفلية بعمق 7م تقريبا من سطح الأرض بالقرب من مقبرة الملك «حور محب» عثر بداخلها على صندوق خشبى صغير مكون من عدة صفائح ذهبية على إحداها اسم «توت عنخ آمون» وزوجته، ثم استخرج من بئر مجاورة له عدداً من الأوانى الفخارية من بينها إناء للنبيذ طويل العنق وآخر ملفوف بقطعة من قماش منقوش عليها تاريخ: وفى هذه اللحظة أدرك «ديفيز» ومعاونوه أنهم بذلك عثروا على جميع مخلفات المقبرة وأنها تعرضت للسرقة والنهب، بعدها بدأ «كارتر» العمل فيما بين مقبرتى رمسيس التاسع ورمسيس السادس أملاً فى الكشف عن المزيد من مقابر ملكية بوادى الملوك، وبعد العمل لمدة خمسة مواسم متتالية تم اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون ويرجع السبب فى حماية المقبرة أن الملك رمسيس السادس قد أمر بحفر مقبرته فوق مقبرة توت عنخ آمون مما ساعد على بقاء المقبرة بعيدة عن أيدى اللصوص لتصبح مقبرة توت عنخ آمون- حتى الآن- المقبرة الملكية الوحيدة التى وصلت إلى أيدينا كاملة مليئة بمئات الأثاث الجنائزى.
• عالم المصريات الحديث سليم حسن (1893- 1961)
شخصية مصرية فذة.. صاحب وطنية صادقة.. شجاعة نادرة.. قدرة فائقة على العمل والبحث والدراسة.. 68 عامًا قضاها فى خدمة العلم والتاريخ والآثار.. هذا هو سليم حسن الذى يعد من أوائل المصريين الذين أسسوا علم الآثار المصرية باللغة العربية.
بدأ سليم حسن عمله بمصلحة الآثار فى وظيفة أمين مساعد بالمتحف المصرى بالقاهرة وكان ذلك فى عام 1921م، سافر بعد ذلك فى 1923م ببعثة علمية بالنمسا وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة فيينا عام 1934م. وفى أثناء إقامته بالنمسا التحق بكلية الدراسات العليا بجامعة السوربون بباريس.
عندما عاد إلى مصر عين أستاذًا لكرسى الآثار بجامعة القاهرة عام 1935، خلال تلك الفترة أصبح هذا العالم الفذ مسئولاً عن حماية الآثار المصرية بوادى النيل.
كانت الحفائر من قبل حكرًا على الأجانب فقط حيث حاولوا إبعاد المصريين عن هذا الميدان بمختلف الطرق ولم يصمد أمامها سوى الأساتذة أحمد كمال وأحمد نجيب ومحمد شعبان ثم الجيل الثانى من الرواد الذى كان من أهمهم هو سليم حسن الذى اشترك مع الأستاذ يونكر- عالم الآثار النمساوى- فى أعمال التنقيب والحفر فى منطقة الهرم، وفى 1829 بدأ وحده بأعمال التنقيب الأثرية فى منطقة الهرم، ومن أهم اكتشافاته مقبرة «رع ور» وبسقارة قام سليم حسن بحفائر موسعة فى المنطقة الواقعة عند معبد الوادى والطريق الصاعد للملك أوناس آخر ملوك الأسرة الخامسة، أسفرت حفائره عن اكتشاف مجموعات كاملة من الجبانات والمعابد والقطع الأثرية ألقت الضوء على تطور نظام الحكومة والإدارة والنظم الاجتماعية والعقائد الدينية فى عصر الدولة القديمة لتبلغ بذلك جملة ما كشف عنه من آثار حوالى 200 مقبرة ومئات القطع الأثرية الصغيرة وعدد كبير من التماثيل وغيرها.
أما عن أبرز اكتشافاته هو كشفه لمقبرة الملكة خنت كاووس الأولى وملحقاتها التى اعتبرها هرمًا رابعًا، كذلك سلسلة المقابر الخاصة بأولاد الملك خفرع ورجال عصره. وكانت آخر أعماله بالجيزة شرق وجنوب الهرم الأكبر للملك خوفو والتى أسفرت عن كشفه لمراكب الشمس الحجرية لكل من الملك خوفو خفرع، بالإضافة إلى المعبد الجنائزى للملك خوفو.
أسفرت أعمال حفائره بمنطقة أبو الهول إلى الكشف عن لوحة كبيرة من الحجر الجيرى للملك أمنحتب الثانى، كما عثر على تماثيل نذرية صغيرة من البرونز والفخار والحجر الجيرى كما كشف عن معبده وهو مبنى بالطوب اللبن ذى جدران ضخمة وبه ست حجرات جانبية وقد عثر على بقايا تمثال زوجة أمنحتب الثانى، كما عثر بمنطقة المعبد على لوحات الآذان وهى لوحات نذرية صغيرة، ومدافن من العصر المتأخر وعدد من الأوانى الفخارية الكبيرة.
فى عام 1936 عين وكيلاً لمصلحة الآثار المصرية وهو أول مصرى يشغل هذا المنصب الذى كان مقتصرًا من قبل على العلماء الأجانب مما جعله يتعرض للكثير من الصعوبات، وكان الدكتور سليم حسن قد اتصل بالقصر الملكى لاسترداد مجموعة القطع الأثرية التى كانت فى حيازة الملك فؤاد الأول فأعادها الملك إليه لعرضها بالمتحف المصرى بالقاهرة، ولكن عندما تولى الملك فاروق عرش مصر بعد وفاة أبيه طالبه بإرجاع هذه القطع الأثرية باعتبارها من الممتلكات الخاصة لأبيه، فرفض الدكتور سليم حسن هذا الطلب وازدادت المؤامرات والتحديات ضد وجوده فى المناصب الرسمية المتعلقة بالآثار إلى أن صدر قرار بإحالته على المعاش عام 1939م وكان عمره فى هذا الوقت 46 عامًا تفرغ للبحث العلمى والتاريخى فنشر العديد من المؤلفات أشهرها مؤلفه عن تاريخ مصر القديمة فى 18 جزءًا.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.