قالت النيابة الإدارية، إن ممارسة دورها في مكافحة الفساد لا تقتصر على مباشرة التحقيق في المخالفات فقط، بل تمتد رسالتها لتحديد أوجه القصور والخلل الذي أدى إلى حدوث هذه المخالفات، وتقديم الحلول القانونية والعملية الكفيلة بعلاج هذا الخلل والقصور، وبذلك تكتمل منظومة الرسالة التي أوكلها لها قانون إنشائها باختصاصها بضبط آداة الحكم تحقيقا للصالح العام وضمانا لحسن سير أداء المرافق العامة للدولة. وأوضحت، في بيان، اليوم الأربعاء، أنها حققت في القضية رقم 112 لسنة 2018، بشأن خروج القطار رقم 986 يوم 13/7/2018 عن القضبان وسقوط الجرار وعدد من عرباته، نتيجة عطل في التحويلة الخاصة بمحطة المرازيق، الأمر الذي أدى إلى إصابة 63 راكبًا وتعريض حياة المواطنين للخطر. وأمرت المستشارة أماني الرافعي، رئيس هيئة النيابة الإدارية، بمساءلة 10 من المسئولين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، تأديبيًا، وهم: مدير عام الصيانة بمنطقة القاهرة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، ومدير إدارة صيانة الإشارات بمنطقة القاهرة بالهيئة، ومهندس الإشارات بمنطقة القاهرة بالهيئة، ورئيس قسم الكهرباء بمحطة المزاريق بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، ومدير عام التشغيل بمنطقة القاهرة بالهيئة، ومدير إدارة التشغيل بمنطقة القاهرة بالهيئة، ورئيس قسم البلوكات بقسم الجيزة منطقة القاهرة، ورئيس قسم المحطات بمنطقة القاهرة بالهيئة، ومراقب حركة بالمراقبة المركزية بالهيئة، وذلك لما نسب للمتهمين من الإهمال في أداء واجباتهم الوظيفية وانعدام الرقابة، ما ترتب عليه خروج القطار عن القضبان. وباشر المكتب الفني لرئيس الهيئة، التحقيقات في القضية أمام المستشار سعد خليل، عضو المكتب الفني لرئيس الهيئة للفحوص والتحقيقات، بإشراف المستشار عصام المنشاوي، مدير المكتب الفني لرئيس الهيئة، وأعدا تقريرًا عن أوجه القصور والخلل في منظومة الإشارات بالسكك الحديد ككل وكيفية علاجها، وتحرص النيابة الإدارية على مواجهة تركة الفساد الإداري ووضع حلول جذرية لها في جميع المجالات. وتبين للنيابة الإدارية أثناء التحقيقات، أن هناك خللا في منظومة العمل بالسكة الحديد، يتمثل في الآتي: أولًا: قصور وخلل بالمنظومة الفنية للإشارات للسكة الحديد ثانيًا: قصور وخلل بمنظومة العمل (العنصر البشري) بالسكة الحديد أ* منظومة الإشارات بالسكة الحديد تعتمد منظومة الإشارات بالسكة الحديد على نظام الربط الكهربائي أو الدوائر الكهربائية، وذلك وفقًا للنظام المستحدث عام 1992 ببعض الخطوط وأن الخطوط الأخرى ما زالت تعمل بنظام الربط الميكانيكي القديم. *عيوب هذا النظام 1. هذه الأنظمة قديمة جدًا ولا تواكب الأنظمة الحديثة والمتطورة بأنظمة السكك الحديدية. 2. لا توجد قطع غيار لهذه الأنظمة، لأن الشركات المنتجة لا تتوقف عن إنتاجها أو العمل بها منذ فترة طويلة، ولذلك يتم الاعتماد على قطع غيار بديلة قد تؤثر في كفاءة المنظومة. 3. نظام الربط الكهربائي أو الميكانيكي لا يعتمد على نظام التحكيم المركزي لسير القطارات 4. هذه الأنظمة لا يوجد بها نظام تسجيل للأحداث الخاصة بسير القطارات سوء بالإدارة المركزية أو لوحة التشغيل. 5. وجود خلل في أجهزة (A.T.C) وترتب عليه سرقة جهاز (A.T.C) المعروف ب"الصندوق الأسود" من داخل القطار بعد حادث قطار المرازيق مباشرة، وسرقة بعض أجهزة (A.T.C) الموضوعة على السكة الحديد. 6. هذه الأنظمة تعتمد على العنصر البشري اعتمادا أساسيًا في تشغيل وتسير القطارات ولكل محطة أو برج أو تحويلة أو مزلقان على وحدة لعدم وجود نظام للتحكم المركزي لسير القطارات بتلك الأنظمة، ودائمًا ما يحدث إهمال أو تقاعس من العنصر البشري يؤدي إلى حدوث كوارث. ويتعين لعلاج أوجه الخلل والقصور بمنظومة الإشارات بالسكة الحديد، الاعتماد على نظام الربط الإلكتروني بمنظومة الإشارات ومسير القطارات، (أسوة بما هو متبع بالخط الثاني والثالث لمترو الأنفاق)، حيث إن هذا النظام يعتمد على نظام التحكم المركزي لسير القطارات بما يضمن سلامة التشغيل. كما أن هذا النظام يوجد به نظام تسجيل بأحداث الخاصة بسير القطارات، فضلًا عن أن هذا النظام يعتمد في المقام الأول على التشغيل الإلكتروني، الأمر الذي تقل معه الأخطاء البشرية في هذه المنظومة. ويضاف إلى ما سبق توافر قطاع غير المنظومة الإلكترونية، بالإشارة إلى أن التطوير الشامل يتطلب مبالغ طائلة قد تعوق التطوير، إلا أن النيابة الإدارية ترى أن أولوية التطوير تبدأ بتطوير منظومة الإشارات وهى المتعلقة بأنظمة (A.T.C) السيمافورات/ التحويلات/ المزلقانات، باعتبارها الأهم في التطوير وأن منحة صندوق النقد الدولي تغطى تطوير هذه المنظومة. وأوضحت الهيئة، أنه لحين العمل بمنظومة الربط الإلكتروني يمكن اتخاذ بعض التدابير الآتية: وضع كاميرات مراقبة على غرف الريليهات وأبراج المحطة وكذلك على لوحة التشغيل وذلك لتحقيق قدر كبير كم الرقابة المركزية على المحطات والأبراج وما يدور بها. وضع جهاز (A.T.C) في مكان بالجرار لا يمكن للسائق أو غيره ممن له ثمة مصلحة في الوصول له حتى لا يتمكن من تعطيله وحتى لا يمكن سرقته وذلك بعد وقوع حوادث. ب: أوجه الخلل في منظومة صيانة الإشارات وكيفية علاجها تلاحظ للنيابة الإدارية، أن معظم أنظمة وقطاعات السكة الحديد، مغطاة بعقود للصيانة مع شركات أخرى، وذلك كصيانة الجرارات والعربات وغيرها، إلا أن صيانة الإشارات تتولاه الهيئة القومية لسكك حديد مصر بنفسها، وقد يرجع ذلك لإحجام الشركات عنها لضعف المقابل المالي ولخطورة المنظومة، وقد تلاحظ الآتي: 1.صورية أعمال الصيانة للإشارات 2. عدم تضمن كراسات الصيانة لبنود متعلقة بالأعطال السابقة للإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على الحالة العامة لها طوال فترة الصيانة. 3. أعمال الصيانة تتم في غير حضور كبار المختصين بالصيانة بالمنطقة، وإنما يتم اعتمادها منهم فقط. 4. لا يوجد سجل بالمحطة ليوقع فيه المختصون بالصيانة منه أثناء مرورهم الشهري أو الأسبوعي– حسب الاختصاص– لمتابعة عمل وصيانة الإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المرور الفعلي. ويتعين لعلاج أوجه الخلل والقصور في منظومة صيانة الإشارات، تصوير التجارب وأعمال الصيانة أثناء القيام بها، وفقًا لخطة الصيانة (داخلي/خارجي) على أن ترفق أعمال الصيانة بأسطوانة مدمجة، وذلك للتأكد من القيام بالصيانة الفعلية. كما يتعين إثبات الأعطال الخاصة بالإشارات بكراسة الصيانة للمحطة خلال فترة الصيانة– حتى ولو تم إصلاحها- لإمكانية الوقوف على الحالة العامة للأجهزة بالمحطة ولإمكانية تحليل هذه الأعطال، ويلزم إنشاء سجل بالمحطات لتوقيع المختصين بالصيانة أثناء مرورهم بالمحطة أو البرج أو تمكينهم من التوقيع بسجل الزيارات 350 الموجود بالمحطة، وذلك للتأكد من المرور الفعلي. ثانيًا: أوجه القصور والخلل بمنظومة العمل (العنصر البشري) بالسكة الحديد وكيفية علاجها رغم أن المنظومة المطبقة حاليًا بالسكة الحديد سواء الربط الكهربائي أو الميكانيكي تعتمد على العنصر البشري اعتمادًا كليًا لتطبيق المنظومة فإنه وفقًا للبيان الرسمي المقدم من المختصين فإن وظائف التشغيل الأساسية والتي يعتمد عليها مسير القطارات عددها 5333 وأن العجز في هذه الوظائف يبلغ 7786 وهو ما يترتب عليه تشغيل هذه العمالة 12 ساعة وراحة 12 ساعة وراحة 24 ساعة وفي حالات الضرورة يتم تشغيلها 12 ساعة وراحة 12 ساعة، ومن المفارقات العجيبة أن عدد العاملين بهيئة السكك الحديدية يتجاوز 52 ألف عامل في حين من يتولى التشغيل لا يتجاوز عددهم 6 آلاف عامل وهو ما يؤكد الفساد الذي كانت تحيا فيه السكة الحديد في العقود الثلاثة الأخيرة. أوجه العلاج: 1. إنشاء معهد يتبع السكة الحديد أو إعادة تشغيل معهد وردان بالسكة الحديد؛ وذلك لتدريب وتعيين كوادر تشغيل جديدة لسد العجز في وظائف التشغيل. 2. محاولة توطين أو تقريب أماكن العمل لوظائف التشغيل من محال إقامتهم لإمكانية تقليل ساعات العمل والاستفادة من ساعات الراحة، وذلك حتى يظل العامل بكامل قوته وتركيزه. 3. يتعين منح مميزات خاصة لوظائف التشغيل القائمة بالعمل الفعلي كمح حافز خاص بهم لأداء العمل فعليًا. 4. يتعين تدريب وظائف التشغيل على سلامة التشغيل ومواجهة الأزمات.