تشارك مصر في فاعليات "الأسبوع العالمي للمياه 2018"، الذي يستضيفه معهد استوكهولم الدولي للمياه في السويد، خلال الفترة من 26 إلى 31 أغسطس الجاري، والذي يقام تحت عنوان (المياه والنظم الإيكولوجية والتنمية البشرية)، بمشاركة 3300 شخص من 135 دولة و380 منظمة دولية، إلى جانب لفيف من رؤساء وقادة عدد من دول العالم. وستركز الفاعليات على التأكيد بأن المياه هي أساس وجود الحياة، حيث إن النظم البيئية التي تعتمد عليها جميع أشكال الحياة، والدور الحيوي للمياه في وظائفها تعتمد على النظم البيئية الصحية كموائل للحياة النباتية والحيوانية، ولخدمات التنمية البشرية والرفاهية. في جهودنا التنموية نؤثر بشكل دائم على بيئتنا ونغيرها، ولكننا نحتاج إلى القيام بذلك دون المساس باستدامة النظم الإيكولوجية الحيوية، وتمثل المياه عنصرًا أساسيًا من عناصر ضمان الأمن الغذائي والمحافظة على الصحة وتلبية احتياجات السكان من الطاقة، ويعد النقص في إمدادات ماء الشرب وخدمات الصرف الصحي المسبب الأول للوفيات في العالم، إذ تطال ندرة المياه في يومنا هذا قرابة 40% من سكان العالم، في حين نتخلص من أكثر من 80% من مياه الصرف الصحي في الطبيعة دون معالجتها. وفي ظل تأثير تغير المناخ وتضاعف الكوارث الطبيعية والنمو السكاني، يزيد الطلب على الموارد المائية، مما يؤدي إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية السائدة بالفعل. وتشهد سوق المياه العالمية التي تشمل إمدادات المياه واستخدامها ومعالجتها والتي تقدر بقيمة 380 مليار يورو زيادة سنوية بمعدل 10%. وعلى هامش أسبوع المياه العالمي في استوكهولم، ستقدم ولية عهد السويد الأميرة فيكتوريا، الجائزة للعالمين بروس ريتمان ومارك فان لوسدريشت بالنيابة عن الملك "كارل السادس عشر غوستاف"، راعي جائزة ستوكهولم للمياه 2018، خلال حفل ملكي في 29 أغسطس الجاري. وفاز العالمان ريتمان وفان لوسدريشت، بجائزة ستوكهولم للمياه لعام 2018 لإحداثهما ثورة في معالجة المياه ومياه الصرف الصحي التي تعتمد على التقنية الحيوية البيئية، وقادت أبحاثهم الرائدة وابتكاراتهم إلى جيل جديد من عمليات معالجة المياه الموفرة للطاقة التي تستطيع على نحو فعال استخلاص المواد المغذية والعناصر الكيميائية الأخرى سواء ذات القيمة والضارة من مياه الصرف الصحي. ويعقد معهد ستوكهولم الدولي للمياه هذا الأسبوع سنويًا منذ عام 1991، حيث يشكل محفلًا عالميًا لاستعراض التقدم المحرز وبناء القدرات وتعزيز الشراكات على مستوى العمليات الدولية المتصلة بالمياه والتنمية، ومن ثم سعي جميع الجهات المعنية بموارد المياه في العالم إلى التنافس لتكون ضمن فعاليات هذا المنتدى. ويعتمد البشر على النظم الإيكولوجية السليمة والمنتجة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ولكن لا يتم تلبية احتياجات كثير من الناس على نحو مستدام أو تلبيتها على الإطلاق. ويعاني 795 مليون شخص من الجوع ويعيش 1.2 مليار شخص في المناطق التي تعاني من شح المياه. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يستمر فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظام الإيكولوجي أو حتى تسارعه. وبحلول عام 2030، سيتطلب العالم زيادة بنحو 40% من المياه، و50% من الأغذية، و40% من الطاقة، و40% من الأخشاب والألياف. والطريقة الوحيدة التي يمكننا بها تلبية هذه المطالب هي إدارة نظمنا الإيكولوجية بذكاء ومستدامة. وعلى مدى السنوات ال 40 الماضية، انخفضت أعداد أنواع المياه العذبة بنسبة 81%، أي أكثر من ضعف المعدلات المسجلة في الأنواع سواء على اليابسة أو في المحيطات. وفي الوقت نفسه، تشير التقديرات إلى أنه منذ عام 1900، اختفى حوالي 70% من المسطحات المائية الداخلية، مع وجود أعداد أكبر في بعض المناطق، مثل آسيا. وألقى التقرير الصادر عن معهد المياه والبيئة والصحة التابع لجامعة الأممالمتحدة لعام 2017، ومقره كندا، الضوء على قضايا المياه التي تلوح في الأفق من ستة سياقات متداخلة: ندرة المياه وانعدام الأمن المائي والكوارث المتعلقة بالماء وأزمة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وتداعي البنية التحتية للمياه ودمارها، والتنمية غير المستدامة وتدهور النظم الإيكولوجية. وقد أوضحت هيئات الأممالمتحدة والحكومات والمجتمعات المدنية أن الحاجة تقتضي مناهج جديدة ثورية لقلب مسار تلك الاتجاهات الواقعية نحو المياه. فبمواجهة هذه الأزمات وحسب بطريقة ذكية، ستستمر المياه في دعم الحياة والتنمية والتنوع البيولوجي لأطفالنا ومستقبلنا. وذكر التقرير أنه من الممكن أن يفاقم الجفاف من انعدام الأمن المائي، فهناك أعداد أكبر من البشر تأثروا بالجفاف أكثر من أي كارثة أخرى غيره. ففي عام 2016، تأثر 411 مليون شخص إجمالًا بالكوارث، وبلغ إجمالي المنكوبين منهم بالجفاف 94%. وموجات الجفاف هي أيضًا الكوارث الأكثر تكلفة، إذ تكون آثارها جسيمة على الزراعة تحديدًا، وتفضي إلى خسائر زراعية تتراوح ما بين 6 و8 مليارات دولار في المتوسط في الولاياتالمتحدة سنويًا. وأشار التقرير إلى أنه في الدول النامية، يهدر نحو 45 مليون متر مكعب من المياه يوميًا بسبب تسريب البنية التحتية للمياه، وهي الكمية الكافية لخدمة 200 مليون نسمة. وستزداد المشكلة سوءًا إذا لم تصن البنية التحتية للمرافق المائية صيانة مناسبة، وستطول تلك المشكلة حتى الدول العالية الدخل. فعلى سبيل المثال، ستبلغ الاستثمارات الرأسمالية الضرورية لصيانة البنية التحتية لمرافق المياه في الولاياتالمتحدةالأمريكية 195 مليار دولار أمريكي تقريبًا عام 2040، لكن إذا استمرت توجهات التمويل الحالية، فستفتقر تلك الاحتياجات إلى تمويل مقداره 144 مليار دولار. وعن تدهور النظام الإيكولوجي، أشار التقرير إلى أن المياه العذبة كلها تعتمد في نهاية المطاف على العمل المستمر والصحي للنظم الإيكولوجية، والإلمام بدورة حياة الماء بوصفها رحلة فيزيائية حيوية ضروري لتحقيق الإدارة المستدامة للماء وتأمين خدمات النظام الإيكولوجي التي يعول عليها البشر. وتتضمن الخدمات المتعلقة بالمياه التي تقدمها الغابات الاستوائية تنظيم تدفقات المياه ومعالجة النفايات وتنقية المياه ومنع التآكل، وتضارع تلك الخدمات ما تقدر قيمته ب 7236 دولار أمريكي لكل هكتار سنويًا، أي ما يزيد على 44% من القيمة الإجمالية للغابات، وما يتجاوز قيم تخزين الكربون والأغذية والأخشاب وخدمات الاستجمام والسياحة قاطبة. إن الآثار الناجمة عن فقدان النظم الإيكولوجية للمياه العذبة ووظيفتها هي حقيقة تفهمها بلدان كثيرة بالفعل. واستجابة لطلبات مثل هذه البلدان النامية، اتخذ المندوبون الذين اجتمعوا في جمعية الأممالمتحدة للبيئة في ديسمبر 2017 خطوات تاريخية لحماية النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه واستعادتها. وقد اتخذت الدول الأعضاء في الأممالمتحدة في قرار أولي، تدابير لإعادة النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه وحمايتها، بما في ذلك من الأنشطة البشرية وتغير المناخ، حتى تتمكن من مواصلة تقديم الخدمات والسلع التي تحتاج البلدان إلى تطويرها بطرق مستدامة سواء كانت مستدامة اجتماعيا أو بيئيا. وأشار رئيس وحدة المياه العذبة في الأممالمتحدة للبيئة جواكيم هارلين، والذي قاد وضع الصيغة النهائية لإطار إدارة النظم الإيكولوجية للمياه العذبة، إلى أنه من الواضح أن المسطحات المائية تتعرض لتهديد مباشر من التنمية، وأن الوضع يزداد تفاقما بالأرض والتحويلات وتغير المناخ. وتكمن مشكلة المياه العذبة في المقام الأول داخل حدود البلدان، وبالتالي تدخل في نطاق ولايتها وقدرتها على القيام بشيء لحمايتها من أجل استخدامات مستدامة مثل الشرب أو الري أو السياحة أو مصائد الأسماك أو الاستحمام أو الصناعة. ويعمل الإطار بمثابة توجيه للبلدان لرصد وحماية واستعادة النظم الإيكولوجية الرئيسية المتصلة بالمياه. ويشير رئيس برنامج رصد نوعية المياه في النظام العالمي لرصد البيئة هارتويج كريمر، إلى الحاجة الملحة لرصد نوعية المياه لمعالجة تلوث المياه، مضيفا "نحن ببساطة لا نملك ما يكفي من البيانات لمعظم البلدان لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مدى وتأثير ومصادر تلوث المياه العذبة، وتشير تقديراتنا إلى أن ما يصل إلى ثلث الأنهار في البلدان النامية تعاني من تلوث شديد، وغالبا ما يرتبط ذلك بعدم توفر سبل الوصول إلى المرافق الصحية المأمونة ومعالجتها، وإلى انتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه".