عندما كان يحفر الضابط الفرنسي بيير فرانسوا بوشار القادم ضمن قوات الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، في 19 يوليو عام 1799 قلعة جوليان بمدينة رشيد لبناء خندق عثر على حجر ضخم أسود اللون مصنوع من مادة "الجرانيت" طوله متر واحد وسمكه 27 سنتيمترا وعرضه63 سنتيمترا. عرف الضابط بوشار على الفور أهمية الحجر فقام باستخراجه من الجدار وعزله على حدة، ثم أرسل إلى مهندس الجسور والطرقات ميشيل انج لا نجرى الذى كان مارًا بالصدفة في مدينة "رشيد" وطلب منه مساعدته لفهم مغزى هذا الحجر وأهميته، وفك رموز اللغة الهيروغليفية القديمة، ولكنهم لم يصلوا وقتها إلى حل رموزه. والحجر كان عبارة عن مرسوم قد أصدره الكهنة تخليدًا لذكرى بطليموس الخامس بسبب رفعه الرسوم عن المعابد في مدينة منف "ميت رهينة حاليًا" عام 196 ق.م، واحتوي الحجر على ثلاث لغات الهيروغليفية والتي كان يستخدمها الكهنة للكتابة علي المعبد وكانت تعتبر اللغة الدينية السائدة، والديموطيقية (القبطية) والتي كانت اللغة المصرية العامية وقتها حيث يستخدمها جميع الشعب، والإغريقية والتي كان تعبر عن حكام الإغريق. اعتبر وقتها اكتشافه لغز معقد، لأن اللغات الثلاثة كانت وقتها من اللغات الميتة، وقتها أمر قائد الحملة الفرنسية نابليون بونابرت بنقل الحجر إلى المجمع العلمي وظل الحجر هناك دون التوصل إلى فهم الكتابات المنقوشة عليه حتى رحيل الحملة الفرنسية عن مصر، بعدها جاء الاحتلال الإنجليزي إلى مصر وتم الاتفاق على تسليم الأثار وفقًا لمعاهدة العريش في24 يناير عام1800، ولكن بعد محاولات عديدة فشل العلماء الإنجليز في تفسير الكتابة المنقوشة على الحجر، ولذلك تم عمل نسخ مطابقة للنقوش الموجودة على الحجر، وإرسال تلك النسخ للعديد من المتاحف وعلماء الآثار في بلدان مختلفة، لعل أحدهم يستطيع التوصل لفك سر تلك الرموز، وقد تم إرسال نسخة من النقوش المكتوبة على الحجر إلى المتحف الفرنسي عام 1803. في العام 1822 تمكن عالم الآثار الفرنسي جاك فرانسوا شامبليون بتفسير هذه اللغات وساعده في ذلك العالم البريطاني توماس يانج باكتشافه أن اللغة المصرية القديمة تتكون من دلالات صوتية، وأنها ليست رموزا وتعبيرات تشكيلية، ولأن النص اليوناني عبارة عن 54 سطرًا وسهل القراءة مما جعله يميز أسماء الحكام البطالمة المكتوبة باللغة العامية المصرية، وبهذا الكشف فتح آفاق التعرف على حضارة قدماء المصريين وفك ألغازها، وأصبحت الهيروغليفية وأبجديتها تدرس لكل من يريد ومن هنا نشأ علم المصريات في عام 1822، وتم وضعه في متحف لندن تمجيدًا لفرعون مصر وإنجازاته الطيبة للكهنة وشعب مصر.