وزير الشؤون النيابية: الهدف من تعديل قانون الكهرباء التصالح وليس تغليظ العقوبة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يلتقي ممثلي "الأمم المتحدة" لدعم وتمكين المرأة ذات الإعاقة    أبرزها زيادة النقد الأجنبي.. تكليفات رئاسة جديدة للحكومة اليوم الأحد    22 مليار جنيه قيمة السرقات، نائب وزير الكهرباء تكشف حجم الفاقد من التيار    «التخطيط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية – الأرمينية المشتركة للتعاون الاقتصادي    تفاصيل لقاء السيسي ورئيس حكومة كردستان – العراق (صور)    جهاز منتخب مصر يتفقد ملعب مباراة زيمبابوي بكأس الأمم الأفريقية (صور)    وصول سارة خليفة والمتهمين في قضية المخدرات الكبرى إلى جنايات القاهرة    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لوضع خطة عاجلة لتطويره    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    تاريخ من الذهب.. كاف يستعرض إنجازات منتخب مصر فى أمم أفريقيا    وزير خارجية زيمبابوى: مصر وروسيا من أبرز الداعمين لمبدأ الوحدة الأفريقية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    الجيزة: لا نزع ملكية أو إزالات بطريق الإخلاص.. ونناشد المواطنين عدم الانسياق وراء الشائعات    حيماد عبدلي: منتخب الجزائر يسعى للذهاب بعيدًا ببطولة أمم أفريقيا    سلامة الغذاء: تصدير 192 ألف طن مواد غذائية.. والسعودية واليمن وإسبانيا وروسيا أبرز المستوردين    محافظة أسوان تعلن إصدار تصاريح الحفر لتوصيل الغاز الطبيعى بقرى حياة كريمة    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب5 محافظات لمخالفتها شروط الترخيص    مسرح "ليالى الفن" يستعد لإحياء احتفالات أسوان برأس السنة    أبرز المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026.. غادة عبد الرازق ونور النبوي في الصدارة    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    حملة تموينية مكبرة بالقاهرة تضبط مخالفات في تعبئة السكر وتجميع دقيق مدعم    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية العالمية للعامين 2025 و2026    «الرعاية الصحية» تطلق حملة للمتابعة المنزلية مجانا لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن    رئيس جامعة الازهر يوضح بلاغة التعريف والتنكير في الدعاء القرآني والنبوي    من مصر منارةً للقرآن إلى العالم... «دولة التلاوة» مشروع وعي يحيي الهوية ويواجه التطرف    د.حماد عبدالله يكتب: "اَلَسَلاَم عَلَي سَيِدِ اَلَخْلقُ "!!    تكريم لمسيرة نضالية ملهمة.. دورة عربية لتأهيل الشباب في حقوق الإنسان تحمل اسم محمد فايق    "إلقاء فئران محنطة على جارسيا".. تقرير: حالة تأهب أمنية قبل دربي كتالونيا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    السيسي: مصر لم تهدد إثيوبيا في أي وقت ومطلبنا عدم المساس بحقوقنا في نهر النيل    انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون الكهرباء    مصر تتقدم 47 مركزا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية للبنك الدولى    على أنغام الربابة والمزمار… نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك والإعلان عن بدء فصل الشتاء    فريدة سيف النصر تنعي سمية الألفي بكلمات مؤثرة وتسرد ذكرياتهما معاً    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    المقاولون العرب يعلن تعيين علي خليل مستشارًا فنيًا لقطاع الناشئين    الري تتابع إيراد النيل.. تشغيل السد العالي وإدارة مرنة للمياه استعدادًا للسيول    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    إصابة 14 عاملا فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    استئناف إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من معبر رفح البري لتسليمها إلى الجهات الفلسطينية    نقابة صيادلة القاهرة تكشف حقيقة عدم توافر أدوية البرد والأمراض المزمنة    النادى الذى فقد نجمه!!    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مصرع شاب وإصابة آخر صدمتهما سيارة فى كرداسة    توجيهات من التعليم للمديريات بسبب قلة عدد المسجلين للعمل كرؤساء لجان ومراقبين أوائل بامتحانات الثانوية العامة    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    ندوة بمعرض جدة للكتاب تكشف «أسرار السرد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود صلاح يكتب: مأساة امرأة كانت ملكة (3-12)
نشر في البوابة يوم 18 - 07 - 2018


ملكة.. تحت التمرين!
رسائل فاروق الغرامية تربك عائلة ناريمان
الأسرة تستعين ب«الجواهرجى» للرد على الخطابات
الملك يرسم «سهام كيوبيد» تخترق قلبًا ينزف دمًا
الملك يطالب العروس بمغادرة مصر والسفر عدة شهور قبل إعلان الخطبة
مصورو الصحف يتسلقون كنيسة مواجهة للفندق لالتقاط صورة لناريمان
من البداية كان الملك فاروق مرهفًا فى التعبير عن مشاعره وإعجابه بناريمان! وهو إن كان قد أسرع للذهاب لتقديم واجب العزاء فور سماعه خبر وفاة والدها حسين صادق، إلا أنه لم ينتظر كثيرًا خلال فترة حدادها على والدها الراحل، ليبدأ فى إرسال الخطابات الغرامية لها! وكان فاروق يكتب رسائله الغرامية أيضًا على طريقة المراهقين! وكان يرسم فى خطاباته إلى ناريمان سهام كيوبيد، وهى تخترق قلبًا ينزف دمًا! واحتارت ناريمان -وأهلها- كيف ترد على رسائل الملك الغرامية.. وماذا تكتب له فيها؟! لكن عمها مصطفى صادق حل المشكلة بأن ذهب إلى الجواهرجى أحمد نجيب الذى بدأت قصة غرام فاروق بناريمان فى محله بشارع قصر النيل، والذى كان أيضًا الواسطة الملكية بين الملك وأهل ناريمان من البداية.
وروى مصطفى صادق لأحمد نجيب حكاية رسالة الغرام التى أرسلها فاروق لناريمان.
ثم سأله: إيه رأيك.. نرد عليه إزاى؟
■ قال له الجواهرجى أحمد نجيب: يا أخويا.. الملك بيفرح بالحاجات بتاعة شغل زمان!
- سأله مصطفى صادق: حاجات إيه؟!
■ قال الجواهرجى: خلى ناريمان تطبع له على جواباتها قبلات روج وأحمر شفايف.. خليها ترسم له قلوبًا وأسهمًا ملتهبة زى اللى بيرسمها الملك لها.
- قال له مصطفى صادق: إزاى تعمل كده للملك.. أنا خايف يزعل!
■ قال له نجيب: أنا عارف فاروق.. وعارف اللى يعجبه!
لكن مصطفى صادق لم يكن سهلًا، وبسرعة أخذ يفكر فى وسيلة ترد بها ناريمان على رسائل فاروق، بلا خطأ يجعل فاروق يعيد مراجعة حساباته بالنسبة لها، ويعدل عن فكرة الزواج بها!
■ فقال للجواهرجى: إيه رأيك.. إنت عارف إن ناريمان ضعيفة فى الفرنساوى.. صحيح هى تعلمت فى مدارس فرنسية، لكن أسلوبها لا يصل لأن تكتب رسالة إلى الملك.. ما تكتب إنت الأول الجوابات دى. وبعدين ناريمان تبيضها بخط يدها وترسلها للملك؟
ووافق الجواهرجى أحمد نجيب على أن يكون هو كاتب رسائل ناريمان.. إلى الملك فاروق.
لكن.. كانت هناك مشكلة!
إن الرجل ضعيف فى اللغة الفرنسية!
كان يتكلمها بطلاقة.. أما الكتابة فلم يكن يتقنها.
لكنه اشترى كتابًا فرنسيًا يتضمن مجموعة من رسائل الغرام التى يتبادلها العشاق. واشترى مجموعة قواميس فرنسية. وبدأ يكتب «بالنيابة عن ناريمان» رسالة غرام إلى الملك فاروق!
ولم تكن تلك مسألة سهلة على الجواهرجى!
فقد كان عليه أن يكون ذكيًا ودبلوماسيًا فى نفس الوقت، ليختار فى النهاية الكلمات والعبارات التى تجمع بين الحب والاحترام فى نفس الوقت!
وانتهى الجواهرجى أحمد نجيب من كتابة أول رسالة غرام للملك فاروق.. بزعم أن ناريمان هى التى كتبتها!
واتصل بعم ناريمان مصطفى صادق وطلب منه الحضور إليه.
وعندما حضر قرأ عليه رسالة الغرام.
ثم قال لمصطفى صادق: ده جواب مظبوط تمام.. خلى ناريمان تكتبه بخط إيدهها، وتحط عليه بالروج كام بوسه قبل ما تبعته للملك!
■ قال له عم ناريمان: بس أنا شايف فى الجواب كلمة أو كلمتين مش تمام؟
رد عليه الجواهرجى: ولا يهمك.. ده الكلام اللى يعجب فاروق!
■ عاد مصطفى صادق ليقول له بانزعاج: إزاى تكتب له ناريمان فى أول رسالة له. وتقوله: «يا مولاى.. أنا مشتاقة لكى أقبلك فى عينيك مليون قبلة؟!».
انفجر الجواهرجى أحمد نجيب فى الضحك..
وقال له: بكره تعرف.. إن الكلام ده هو اللى بيعجب فاروق!
***
وأخذ مصطفى صادق مسودة رسالة الغرام الملكية وذهب بها مباشرة إلى بيت ناريمان، وكانت تنتظر عودة عمها، لكن كانت معها آنسة فرنسية كانت تعطيها دروسًا خصوصية فى اللغة الفرنسية.
وعندما قرأت ناريمان الرسالة وجدت فيها العديد من الأخطاء النحوية!
فطلبت من مدرسة اللغة الفرنسية تصحيحها وأن تعيد كتابتها مرة أخرى بلغة سليمة!
وبعد ذلك كتبت ناريمان الرسالة بخط يدها.
وأسرع العم مصطفى صادق حاملًا الرسالة بخط ناريمان إلى الجواهرجى أحمد نجيب الذى تحول إلى «ساعى بريد الغرام» بين الملك فاروق وناريمان منذ ذلك الوقت. وكان فاروق قد أحب حكاية رسائل الغرام. فأرسل إلى ناريمان حوالى 20 رسالة ملتهبة!
وكانت ناريمان ترد بنفس طريقة أول رسالة. وتطبع على رسائلها قبلات بأحمر الشفاه حسب توجيهات الجواهرجى أحمد نجيب!
وفجأة تطورت الأمور بسرعة..
ذات ليلة دق جرس التليفون فى بيت ناريمان.
■ وسمعت ناريمان على الناحية الأخرى صوتًا ليقول لها: هالو شيرى..
سألته: مين بيتكلم.. مين حضرتك؟
■ قال لها: إنت مش عارفانى؟
وهددت ناريمان بأن تغلق السماعة فى وجه هذا المقتحم المجهول.
■ فأسرع يقول لها: أنا.. فاروق!
لاذت ناريمان بالصمت من المفاجأة..
■ فجأة سمعت ناريمان فاروق يقول لها: إيه رأيك تسيبى مصر.. وتسافرى؟!
***
لم تفهم ناريمان ماذا يعنى الملك بقوله هذا؟!
■ لكنه عاد ليقول لها ضاحكًا: إيه رأيك.. لازم تسافرى إلى أوروبا فى رحلة كام شهر. قبل ما نعلن الخطوبة رسميًا!
وفوجئت ناريمان..
ولم تعرف ماذا تقول أو بماذا ترد.. فبدأت تبكى على التليفون.. والملك يضحك!
وأخيرًا استجمعت قواها.
وقالت له: حا أسافر لوحدى.. ماما مش حاتيجى معايا؟
■ قال لها الملك: لأ.. عمك هو اللى حايسافر معاك.. أنا عملت ترتيبات كل حاجة!
وفى مذكرات العم مصطفى صادق التى سجلها الكاتب الصحفى جميل عارف يقول إنه ذهب إلى كريم ثابت، المستشار الصحفى للملك فاروق، فى مكتبه بقصر عابدين، ليتفق معه على برنامج الرحلة، فوجده جالسًا مع بعض الصحفيين يحكى لهم عن فضيحة زواج الأميرة فتحية صغرى شقيقات فاروق برياض غالى، وكان يقوم بتحريض الصحفيين على التشنيع بالملكة نازلى.
وبعد انصراف الصحفيين نظر كريم ثابت إلى مصطفى صادق عم ناريمان، وكان قد دخل أحد أركان المكتب وجلس صامتًا.
■ وقال له وهو يضحك: إنت قاعد معانا من ربع ساعة. ولا واحد واخد باله. إنت مين وجاى ليه؟! شوف يا سيدى.. الملك قرر أن تسافر ناريمان هانم إلى أوروبا فى رحلة ثقافية. وفى إيطاليا سيتم تدريبها على أن تصبح ملكة، إنت عارف إنها فتاة عادية خالص. ومحتاجة لتدريب طويل حتى يمكنها أن تحتل المركز الذى يريد الملك رفعها إليه.. مركز الملكة!
وأبلغه كريم ثابت أن ناريمان سوف تسافر إلى إيطاليا تحت اسم مستعار هو سعاد صادق!
وكان فاروق قد استدعى عبدالعزيز بدر، سفير مصر فى روما، وزوجته، وكلفهما بأن يشرفا على برنامج تدريب ناريمان. والذى حدده بنفسه!
وبدأت ناريمان وعمها يستعدان للسفر.
لكن قبل موعد السفر بيومين اثنين فقط.. حدثت مشكلة لم يكن أحد يتوقعها!
***
كان العم مصطفى صادق فى بيت ناريمان فى المساء، عندما فوجئ الجميع بدخول الملك فاروق ومعه «بوللى» أقرب أفراد الحاشية إليه!
وتوجس العم خيفة من وجود بوللى!
فقد حذره منه الجواهرجى أحمد نجيب ذات يوم.
وقال له: أنا خايف على الجوازة دى من بوللى.. خايف يخلى الملك يغير رأيه!
وكان الملك فاروق قد جلس ليشرب الشاى مع ناريمان، وفجأة وبدون مقدمات أثار بوللى قصة رجل اسمه أحمد الشربينى. أرسل شكوى إلى الديوان الملكى يقول فيها إن المرحوم حسين صادق والد ناريمان، كان قد اقترض منه مبلغ 3 آلاف جنيه. ثم مات قبل أن يردها!
وحاول «بوللى» فى حديثه إقناع الملك بأن المدعو أحمد الشربينى على حق.
■ تساءل فاروق: إيه حكاية الرجل ده؟
- انبرى مصطفى صادق عم ناريمان ليقول مدافعًا: والله يا مولانا.. نحن بحثنا فى كل أوراق المرحوم، ولم نجد فيها دليلًا واحدًا يثبت ادعاء هذا الرجل!
ومرة أخرى تدخل «بوللى» بطريقة استفزازية.
والحقيقة أن «بوللى» من البداية كان ضد زواج الملك من ناريمان. ولم يكن وحده هو الذى اتخذ هذا الموقف. بل معظم حاشية الفساد التى كانت تحيط بفاروق!
ولم يكن عم ناريمان وحده الذى شعر بالخوف من هذه الأزمة المفاجئة التى افتعلها «بوللى». والتى كانت من الممكن فعلًا أن تهدم كل شىء!
بل إن «أصيلة هانم» أم ناريمان كانت قد أدركت بسرعة خطورة الموقف. وبدا وجهها شاحبًا. وأخذت تفرك يديها فى عصبية.
■ لكن فاروق قال فجأة: لو كان فيه ديون.. أنا أدفعها من جيبى!
رد عليه عم ناريمان: المسألة يا مولانا مش مسألة فلوس بقدر ما هى مسألة مبدأ. إزاى ندفع مليمًا لواحد زى ده. ليس لديه ما يثبت أن المرحوم أخى استدان منه. وإذا فرضنا إننا دفعنا له. يعنى لو جه بعده عشرين آخرون بنفس الادعاء وبدون أدلة أو مستندات يجب أن ندفعها لهم أيضًا؟
اقتنع الملك بوجهة النظر هذه..
■ وحسم الموقف قائلًا: مظبوط.. ده كلام فارغ.. إنتم لازم تسافروا بعد بكره!
تم إعداد جوازى سفر دبلوماسيين. الأول باسم مصطفى صادق عم ناريمان. أما جواز سفر ناريمان فقد كان يحمل اسم سعاد صادق ابنة عم سفير مصر فى روما. حيث تقرر أن تقيم ناريمان فى دار السفارة المصرية تحت هذا الاسم. أما عمها فقد تم حجز غرفة باسمه فى أحد أكبر فنادق روما!
وفوجئت ناريمان وعمها يوم السفر بأن كريم ثابت قد استأجر بناء على أمر من فاروق. طائرة خاصة لم يركبها سوى ناريمان وعمها. وطاقم الطائرة.
وفى روما بدأت رحلة ناريمان لإعدادها كملكة قادمة لمصر..
وكان فى استقبال ناريمان وعمها فى مطار روما السفير المصرى عبدالعزيز بدر وزوجته. وأمين فهيم الذى عمل بعد ذلك سكرتيرًا لفاروق بعد تنازله عن العرش.
وقام أمين فهيم بتوصيل مصطفى صادق إلى فندق «إكسلسيور»، حيث تقرر أن يقيم. وكانت أول مرة يلتقى فيها عم ناريمان بأمين فهيم. وبسرعة توجس منه. بعد أن عرف أنه صديق لبوللى. ما جعله الرجل الأول فى السفارة المصرية فى روما رغم وجود السفير!
ويقول مصطفى صادق فى مذكراته، إن استقبال السفير عبدالعزيز بدر لناريمان كان حماسيًا. وعلى العكس من ذلك كان موقف زوجته الفاتر البارد. حتى بدا أنها كمن اضطرت للحضور مع زوجها إلى المطار. لمجرد تأدية الواجب!
أما السفير نفسه فقد كان سعيدًا بأن الملك كلفه بمهمة إعداد ناريمان لكى تصبح ملكة. فى الوقت الذى كانت فيه زوجته لا تصدق أن الملك فاروق اختار فتاة مثل ناريمان لكى يتزوجها وتكون ملكة مصر!
وكان السفير قد تعاقد مع سيدة إنجليزية تدعى «مسز براون» لتدريس اللغة الإنجليزية لناريمان. وتعاقد مع الكونتيس «مارتيلين» التى كانت كبيرة وصيفات القصر الملكى الإيطالى. لتقوم بتدريس البروتوكول لناريمان، بالإضافة إلى دروس البروتوكول لناريمان. بالإضافة إلى دروس البروتوكول التى كان يعطيها لها بنفسه.
وحول السفير جناحًا كاملًا من قصر سافوى الذى تشغله دار السفارة ليكون مدرسة رقص لناريمان!
وكان أساتذة الرقص الإيطاليون يعلمون ناريمان فيه رقصات الباليه والرقص الكلاسيك!
وكان هناك اثنان يراقبان ناريمان طوال فترة وجودها فى روما!
الأول كان السفير المصرى نفسه. الذى أعطاه الملك فاروق تعليمات مشددة بألا تغيب ناريمان عن أنظاره أبدًا!
والثانى كريم فهيم.. الذى كان ينقل أخبارها إلى بوللى!
وتغيرت طبيعة عمل السفير المصرى..
ولم يعد لديه من عمل سوى مرافقة ناريمان كلما ذهبت أو جاءت. وحضور الدروس التى كانت تدرسها.
وذات يوم اعتذر السفير المصرى عن موعد كان محددًا مع وزير خارجية إيطاليا. لأنه كان مشغولًا مع ناريمان فى درس الرقص!
وكان فاروق قد أعد برنامج رحلة ناريمان بنفسه. لأنه كان يرى أن ناريمان لا يمكن أن تكون ملكة. إلا بعد أن تقوم برحلة ثقافية إلى أنحاء أوروبا. وتطوف بمتاحفها وأهم آثارها.
ولذلك اشترى السفير المصرى فى روما سيارة صغيرة. لكى تستقلها ناريمان فى هذه الرحلة. وتم الاتفاق على أن يتولى عم ناريمان قيادة السيارة حتى لا يلفتوا الأنظار.
ورغم كل هذا الحرص فإن قصة ناريمان كانت قد تسربت للصحافة، ونشرت إحدى وكالات الأنباء كيف أنها كانت مخطوبة للدكتور زكى هاشم، ثم خطفها منه الملك فاروق!
وبدأت الصحافة العالمية تلهث فى محاولة للبحث عن صورة ناريمان الحسناء التى تعلق بها قلب ملك مصر.
وعرضت إحدى وكالات الأنباء مبلغ 5 آلاف دولار للمصور الذى يستطيع التقاط صورة لناريمان!
وفى خلال رحلتها الثقافية فى أوروبا..
فوجئت ناريمان وعمها بالصحفيين يحاصرون «فندق دومينو» الذى نزلا فيه لدى وصولهما إلى ميلانو.
وظلت ناريمان حبيسة الفندق لا تغادره خوفًا من الصحفيين والكاميرات.. لأن تعليمات فاروق كانت أن تبتعد عن الأضواء والصحافة نهائيًا!
لكن مصورى الصحف تسلقوا كنيسة مواجهة للفندق، وحاولوا التقاط صورة لناريمان. فأسرع عمها بإغلاق النوافذ!
وعندما هبط المساء..
نزل عم ناريمان مع زوجة السفير المصرى لشراء بنزين للسيارة، بعد أن قررا أن يغادرا الفندق تحت جنح الظلام. دون أن يلاحظهما أو يتابعهما مصورو الصحف والمجلات.
وبينما كان مصطفى صادق يستعد لمغادرة محطة البنزين. فوجئ بسيارة تسد عليه الطريق، وسيارة أخرى كانت تسير من ورائها، وبداخلها مصور أخذ يلتقط عدة صور لزوجة السفير المصرى التى كانت تجلس إلى جواره.
وهكذا صورت الصحافة الإيطالية زوجة السفير المصرى.. على أنها ناريمان.. ملكة مصر القادمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.