قبل عام 1848، ميلاديًا كانت القاهرة لا تعرف عن منطقة العباسية سوى أنها صحراء تسمى «الريدانية»، تسكنها الكلاب الضالة، والزواحف المفترسة، حتى قدم الخديو عباس حلمي الأول باشا والي مصر، الذى فكر في بناء ثكنات عسكرية ومبانٍ للجيش المصري بعيدًا عن عيون العامة؛ فاختار صحراء الريدانية، وعمل على تعميرها، وسرعان ما وضع حجر الأساس للمدينة الجديدة، وأنشأ مستشفى ومدرسة وقصرا. وكان «عباس» يميل إلى العزلة في حياته فبنى أحد القصور له، ورحل «عباس»، وأكمل مسيرته سعيد باشا الذى كان يشبه «عباس» في الابتعاد عن الأماكن المزدحمة وقتها، وأكمل تشييد المدينة، حتى جاء عقد نهضة «إسماعيل» واهتمامه بأن تكون مصر جزءًا من أوروبا؛ فأنشأ عدة مدارس عسكرية فيها، ونقل إليها مدرسة الضباط المدرسة الحربية، لكي يسهل على التلاميذ القيام بالتمرينات الحربية وضرب النار في الخلاء. وأقبل على العباسية البشوات وأصحاب النفوذ للعيش في المدينة الجديدة، حيث كان يتميز هواؤها بالنقاء، الأمر الذي جعل الخديو إسماعيل يقتطع جزءًا من أحد المباني الملكية في العباسية والتي أطلق عليها السرايا الصفراء للونها، وخصص الجزء للمرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية، فهم معزولون عن الضوضاء وما يرهق أعصابهم، فسماها الناس بعد ذلك بمدينة المجاذيب لضمها مستشفى الأمراض العقلية. وبعد ثورة يوليو فضل الكثير من ضباط الجيش الإقامة بها، وخصص جمال عبدالناصر أحد المباني للعيش فيه، واختار مبنى للجيش الإنجليزي ليكون وزارة الدفاع، لتتحول العباسية من قطعة صحراء إلى مدينة جديدة.