«مياه الجيزة» تعلن إصلاح كسر خط قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    بينهم 140 طفلا، عودة أكثر من 500 مواطن فنزويلي جوا إلى بلادهم من أمريكا والمكسيك    استشهاد 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة    «ما تسيبوش حقه».. نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقى العزاء (فيديو وصور)    ممثل وزير الشباب يشارك في وداع السباح يوسف محمد إلى مثواه الأخير.. فيديو وصور    قناة دي فيلت: إذا لم تجد أوكرانيا المال لتغطية عجز الميزانية فستواجه الانهيار الحقيقي    اليوم، آخر فرصة لسداد رسوم برامج حج الجمعيات الأهلية 2025 بعد مدها أسبوعا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    وزير الخارجية الفنزويلي: استقبلنا رحلات جوية حملت مواطنين مرحلين من الولايات المتحدة والمكسيك    د. خالد سعيد يكتب: إسرائيل بين العقيدة العسكرية الدموية وتوصيات الجنرال «الباكي»    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    موعد مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    في جولة محطة العبادلة بالقليوبية.. فودة يشدد على التشغيل القياسي وتعزيز خطط الصيانة    الصحة: لا تراخيص لمصانع المياه إلا بعد فحوصات دقيقة وضوابط رقابية مشددة    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    دراما بوكس| بوسترات «سنجل ماذر فاذر».. وتغيير اسم مسلسل نيللي كريم الجديد    أحمد مراد: رؤية فيلم "الست" تناسب جيل "زد" الذي لم يعش زمن أم كلثوم    منى زكي: فيلم "الست" أصعب أدواري على الإطلاق وتجسيد الشخصية أكبر من أي ممثلة    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    بالمستند.. أكاديمية المعلم تقرر مد موعد المتقدمين لإعادة التعيين كمعلم ل31 ديسمبر    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    نجاح جراحة دقيقة لمريض يعاني أعراضًا تشبه الجلطة في الجانب الأيسر    لا خوف من الفيروسات.. الصحة توضح سبب شدة الأعراض في هذا الموسم    أستاذة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية تكشف أفضل أساليب الطهي للحفاظ على جودة اللحوم    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    أكسيوس: إسرائيل تحذر من استئناف الحرب في حال استمرار تسلح حزب الله    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    ماكرون يستعد لإعلان تعديلات جديدة على العقيدة النووية الفرنسية    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    حريق بجوار شريط السكة الحديد بالغربية.. والحماية المدنية تُسيطر على ألسنة اللهب    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخ جمال شقرة: حلم أردوغان بسلطنة عثمانية جديدة "مستحيل".. المسلسلات سلاح يستخدمه الأتراك لتزييف التاريخ.. الباب العالي اعتبر مصر "بقرة حلوب".. وتسمية شارع باسم "سليم الأول" أثار استياء المؤرخين

على مصر أن تطالب بالأموال التى نهبها الأتراك.. «طومان باى» خير دليل على عدم استسلام مصر للغزو العثمانى.. تسمية شارع باسم «سليم الأول» أثار استياء المؤرخين.. الدولة العثمانية نظرت إلى مصر على أنها «بقرة حلوب».. وترحيل جميع الصناع المهرة إلى إسطنبول أولى جرائمها.. مذابح الأرمن كتبت شهادة وفاة للحكم العثمانى.. أندريه ريمون قال إن تخلّف العالم العربى نتيجة حكم العثمانيين.
ظلت الدولة العثمانية تحكم الشعوب العربية ومصر ما يقرب من 500 عام تقريبا إلا أن وجود العثمانيين فى العالم العربى لم يكن مرغوبا فيه بسبب ما تسببوا فيه من تدهور اجتماعى وحضارى واقتصادى وانتشار الجهل فى عهدهم كما أنهم أرادوا تتريك العالم العربى والبعد عن اللغة العربية وبعدهم عن الإسلام الصحيح ومنحهم امتيازات للأجانب بلا أى مبررات حتى جاء مصطفى كمال أتاتورك ليسقط آخر سلاطين العثمانيين عبدالحميد التانى والتى أدت إلى نهاية الدولة العثمانية بلا عودة.
فى هذه الأيام التى تتزامن مع وقت سقوط الدولة العثمانية ووسط أحلام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بعودة الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه وأساليبه التى يستخدمها فى ترغيب العالم العربى بالجولة العثمانية لعودتها من جديد نرصد مع الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، ما هى الدولة العثمانية وما خلفته من تدهور فى العالم العربى وأزمتها مع الأرمن وكيف قاومهم خاصة مصر والدور الذى يجب أن تقوم به وزارة الثقافة فى تنوير العقول وإبراز الحقائق عن هذه الدولة العثمانية؟ وما الحركات التى ناهضت الحكم العثمانى وقاومته.
■ فى البداية ما أصول العثمانيين؟
العثمانيون هم مجموعة من القبائل التى خرجت من وسط آسيا واتجهت إلى الغرب حتى وصلت إلى أسوار فيينا، مؤكدًا أن هذه القبائل لم تكن تمتلك مقومات حضارية وإن كانت تعلمت على حساب الدول العريقة التى ضمتها فى الشرق والغرب، إلا أنها بقيت دولة غازية تحددت أهدافها بالنسبة للولايات العربية التى احتلتها فى هدفين الأول جمع أكبر قدر ممكن من الأموال وهى الجزية والثانى الحفاظ على هذه الولايات كى لا تنفصل عنها أو تقع فى الاستعمار.
من هنا نظرت الدولة العثمانية إلى مصر على أنها «بقرة حلوب» وارتكبت أولى جرائمها فى مصر بترحيل الصناع المصريين المهرة فى جميع الحرف إلى إسطنبول الأمر الذى أدى إلى انهيار وتدمير الصناعات المصرية التقليدية وتراجعها وتراجع إبداعات الطوائف الحرفية المختلفة، وفرضت عزلة قاتلة أخرت كثيرًا الشعوب العربية التى لم تكن تعلم الذى يدور خلف البحر الأحمر فى القارة الأوروبية من تطور وتقدم وازدهار ونهضة فى جميع المجالات، حيث تسبب هذه العزلة فى تخلف مصر والدولة العربية 4 قرون، فحينما كانت الدولة الأوروبية تنهض بشكل سريع كنا نحن العرب منغلقين على أنفسنا، لذلك كانت العزلة أكبر جريمة للدول العثمانية فى حق العرب ومن حق مصر الآن أن تطالب باسترداد الأموال التى سرقتها تركيا والتى تقدر بمئات الآلاف.
■ كيف قاوم المصريون الغزو العثمانى؟
لا بد أن نقول إن بعض البلدان استسلمت للغزو العثمانى إلا مصر لم تستسلم نهائيا لهذا الغزو العثمانى وقاومه بشتى الطرق فنجد طومان باى الذى يعد آخر سلاطين المماليك الشركسة فى مصر حارب السلطان سليم الأول على الرغم من أنه لم يكن مصريا ولكن حبه لمصر ورفضه لأن تكون مصر دولة مستعمرة فحارب العثمانيين حتى انتهى به إلى شنقه وقتله ولم ينس المصريون صمود طومان باى وبسالته فى الوقوف ضد الدولة العثمانية وأطلقوا اسمه على أحد شوارع القاهرة ومن المصادفة أن يكون شارع طومان باى موازيا لشارع سليم الأول الذى أثار استياء كثير من المؤرخين حتى تم تغييره فكيف يجتمع اسم القاتل والمقتول بهذه الصورة والشانق والمشنوق بالجوار.
■ كيف ترى توسعات الدولة العثمانية إجمالا وهل تعد هده التوسعات فتوحات أم غزوا؟
نظر الأوروبيون إلى الدولةِ العثمانية على أنها ممثلة الإسلام وحاملة رايتِه، ومن ثَمَّ تكتَّلتْ جهودُهم لوقفِ مدِّها، ثم إضعافِها والإجهاز عليها، كما جنَّدوا أقلامَ مفكريهم ومؤرِّخيهم لتشويهِ تاريخِها وكيل الاتهامات لها.
وفى نفس الوقت الذى غزا فيه العثمانيون شرقى أوروبا، كانت جيوشهم قد استولتْ على الجيوبِ الباقية والإمارات الصغيرةِ التى قامتْ فى الأناضول واستكملت هذه المرحلة، وقد أدَّى انشغالُ الدولة العثمانية فى حروبِها إلى تجرؤ القوى الأوروبية عليها، بمباركة الكنيسةُ لمناهضة العثمانيين، واسترداد كثير من المدن التى فتحوها فى أوروبا، وفى نفس الوقتِ كانت الدولةُ العثمانية تستعد لمواجهة أى خطر جديد قادم من المشرق وقبل دخول العثمانيين إلى مصر دخولهم إلى الشام وكانت مصر قد بدت تستعيد عافيتها بعدما استقرت الفتن والأوضاع السياسية التى أتت مع نهاية العصر المملوكى وبدأت الحركة التعليمية تنهض إلى أن جاء العثمانيون وبدأت الأمور فى التدهور والانحدار فمنحوا كل الامتيازات للأجانب وبدأوا بجمع الضرائب الباهظة من الفلاحين حتى تدهورت أوضاعهم وشجعت على ضرب الإنتاج المحلى حتى عجزت كل المنتجات المحلية عن المنتجات الأوروبية ولذلك نؤكد أن الدولة العثمانية كانت غازية لمصر كما عملت على شل النمو الفكرى وانتشار الجهل فى مصر والمنطقة العربية.
ومن الغريب أن نرى آخرين يظنون دخول تركيا للبلاد العربية فتوحات وهى لم تكن كذلك بل كانت غزوا واضحا وصريحا لأن أى دولة تخرج عن حدودها لتستولى على مقدرات شعوب وبلاد أخرى هذا يعد غزوا واحتلالا.
■ هل تأثرت مصر بالثقافة التركية فى العهد العثماني؟
ارتكبت الدولة العثمانية جريمة كبرى فى حق الشعوب العربية كما قلنا بأنها عزلتهم عما يحدث من تطورات فى عصر النهضة فى أوروبا وفى نفس الوقت رحلت خمسة آلاف تقريبا من العمال المهرة الحرفيين إلى إسطنبول وهذه الأعداد الغفيرة من الحرفيين المصريين هم الذين قاموا ببناء وتزيين القصور العثمانية وجرفت مصر من الخبرات الحرفية العظيمة فى هذا الوقت.
من الممكن أن نقول إن الميزة الوحيدة التى نجدها للدولة العثمانية إنها كانت تدير البلاد إدارة غير مركزية ولم تتدخل فى شئون مصر المباشرة فهى فقط عينت واليا وعينت شيخ البلد أى محافظ وبعض الروان العصبية والمحلية كما كان النظام الإدارى للدولة العثمانية يحقق الأهداف التى وضعتها فقط ولم يكن نظاما معقدا ولذلك عندما كانت تسأل الدولة العثمانية ماذا نفعل فى التعليم؟ فكان جوابهم أن التعليم يسير فى مصر كما مجىء الدولة العثمانية وعن تطوير الزراعة كان قولهم إن الزراعة تظل كما قبل مجىء الدولة العثمانية وكذلك التجارة وغيرها وبالتالى بسرعة كبيرة بدأت تشهد الولايات حالة من الجمود، لكن كون أنها لم تتدخل فى المرحلة الأولى وتطمس الشخصية المصرية فهذه ميزة وإن كنا يجب أن نبادر ونقول إن ذلك يؤثر على دول أخرى لكن مصر لا يؤثر عليها ذلك فمصر عبر الاستعمار وكل الدول التى استعمرتها لكنها لم تتمكن من أن تطمس الشخصية المصرية والدليل على ذلك أننا لم نتكلم أو نتحدث اللغة التركية وأن بعض المصطلحات التركية موجودة عند الطبقة الأرستقراطية التى تتشدق بأن جدودهم كانوا أتراك ومصطلح «المطبخ ضلمة» و«كشك» ولكن لم يتم تتريكنا على الرغم من استمرار العثمانيين فى الحكم ما يقرب من 500 عام.
مصر تمتلك معدة حضارية هاضمة بل بالعكس مصر تمتلك أن تصدر لهم لأنك تمتلك ثقافة واسعة وإن كانت المشكلة الحقيقية هى سياسية فأنت وقتها أصبحت يوجد تدهور كبير فى الجانب الاقتصادى والسياسى فانفتح الباب على مصرعيه أمام العثمانيين.
■ هل المسلسلات والأفلام التركية التى تعرض حاليا تعبير حقيقى عن تاريخ تركيا أم أنه تزييف للتاريخ؟
الدراما التليفزيونية العثمانية يجب أن تفهم فى إطار مسألة الغزو الثقافى ويفهم فى إطار أنه الآن ترفع الدولة العثمانية والرئيس التركى بالتحديد شعار العثمانية الجديدة والعثمانية الجديدة معناها أنه يريد أمجاد السلاطين العظام وتتحول مصر إلى ولاية عثمانية ولا سيما بقية دول العالم العربى فأردوغان يحلم بهذا الأمر، ولكنه لا يتعدى كونه مجرد حلم وهو شعار الدولة العثمانية الجديدة وبالمناسبة وهذا خطير أيضا أن دولة الفرس إيران هى أيضا ترفع شعار اليونان الشيعى وتحركت ليكون لها أقدام فى لبنان وسوريا واليمن وجنوب العراق وهذا بالطبع نحن أمام خطر شيعى وامام خطر سنى أو تركى وهذا الخطر يدور فى إطار السيطرة على العالم العربي.
ومن وسائل السيطرة أيضا حروب الجيل الرابع وحروب الجيل الرابع تستخدم ما يطلقون عليه القوى الناعمة ولكنها ليست بناعمة أبدا بل هى قوى باطشة أن أردنا الدقة لأن تغير الخريطة الذهنية للشباب فتتخيل وأنت تشاهد المسلسلات التركية القصور العظيمة وتتمتع بهذه المشاهد البراقة والخلابة ويصوف لك تاريخا جميلا مملوء بالغناء والرفاهية فقد يؤثر هذا على عقلية البعض ويطالبون أو يحنون «نوستوليجيا» لهذا الماضى العثمانى والذين يتمتعون بثقافة ضحلة يتمنون عودة الدولة العثمانية من جديد وإن كان هذا مستحيل والأفلام والمسلسلات سلاح تستخدمه الدولة العثمانية لتزييف التاريخ وإن لم تقدم تاريخا حقيقيا أبدا إنما هو أخطاء كثيرة رصدناها فى كثير من المسلسلات التركية.
■ ما تأثير هذه المسلسلات على الثقافة المصرية؟
فى ظل ما نشهده من الحرب الثقافية والفراغ الثقافى الذى نشهده فى عقلية كثير من الشباب وهذا الفراغ جاء نتيجة لغيبة الوعى بالتاريخ وغيبة الوعى السياسى وهذه الفئة هى التى نخاف عليها من جماعات الإرهاب ومن العثمانيين وتستهدف من الشيعة وتستهدف من المخابرات الأمريكية وداعش وهذا الأمر يفرض على وزارة الثقافة أن تسعى وتجتهد لكى تقاوم أولا ما يصدره الأتراك لنا من تزييف للحقائق ثم تقوم بعملية تحديث وتنوير لعقول شبابنا.
حاولت الدولة العثمانية أن تقوم بعملية تتريك وخاصة فى بلاد الشام فظهرت فكرة القومية العربية مبكرا وقاوموا عملية التتريك ونحن ننكر ما يسمى الفتح العثمانى فلا يوجد فتح عثمانى ولكن نريد أن نقول إن ما فعله العثمانيون يسمى غزو ودولة خرجت من خارج حدودها فتعتبر دولة غازية تستهدف أو مدفوعة لأغراض سياسية واقتصادية ولم يقتنع الشعب المصرى بالقناع الذى كانوا يحملوه وهو أنهم يحملون الراية الإسلامية وهاجمهم على الفور ودعا عليهم وسلط عليهم المساجد والكنائس حتى إنه كان يوجد مصطلح مشهور وهو «يا رب يا متجلى اهلك العثمانلى» ثم إن الضربة التى تمت لعزل سكان مصر وتراجع عدد سكان مصر بعد المذابح التى قامت بها الدولة العثمانية تشير الى أنه كان يوجد دماء كثيرة سالت من المصريين وخاصة فى بداية الغزو العثماني.
■ كيف كان استبدادهم لعلماء مثل عبدالرحمن الكواكبي؟
نستطيع أن نقول إن الدولة العثمانية لم يكن لها مصلحتها الشخصية فقط ولذلك لم تشجع العلم ولا العلماء وكان لدينا مشكلة فيما يتعلق بالعلوم التدريبية والعقلية والعلوم التى كانت موجودة فقط كانت موجودة بالقصور الذاتى فى الأزهر وهى العلوم النقلية فقط ولكن العلوم العقلية لم يكن لها أى نهضة تذكر على الإطلاق والدليل على ذلك أننا فى عهد العثمانيين ظللنا فى حالة من الجهل الشديد إلى أن جاء نابليون بونابرت فصدمنا وتصورنا أنه ساحر عظيم بالمجمع العلمى الذى بدأ يبنى فيه هذه التجارب.
■ ماذا عن أزمة العثمانيين مع الأرمن والمذابح التى قاموا بها ضدهم؟
هذه الأزمات جاءت فى مرحلة صحوة الموت للدولة العثمانية التى أوشكت أن تموت وقتها والدول الغربية بدأ يحضر ويجهز لها الكفن وجهز لها شهادة الوفاة فأقنعتها ألمانيا أن تبنى لها خط سكة حديد ببغداد حتى تقبض بيد من حديد على الولايات خاصة الولايات البعيدة لكن إنجلترا وفرنسا وقفتا لها بالمرصاد وأثناء فترة الاضطرابات وأثناء ما قبل وإبان وبعد الحرب العالمية الأولى قامت الدولة العثمانية بهذه المذابح الرهيبة وكأنها تستهدف إبادة أى عنصر غير تركى ومن المعروف أن الدول والمؤسسات والدول جميعها اعترفت بمذابح الترك للأرمن.
من المثير للسخرية أن أردوغان يدافع عن هذا الأمر قائلا: «أجدادهم من الأتراك تركوهم فى الصحراء فقط» فعندما تدفع بمليون شخص فى حركة عشوائية فى الصحراء فأنت من الطبيعى تقتله لأنه بلا ماء ولا طعام وترتكب جريمة إبادة وفى هذا الوقت لم يكن قد تم تطوير القانون الدولى وما يحكمك فى السياسة إلا القوة ولم يكن ينظر العثمانيون وقتها للمستقبل وفى نفس الوقت كانوا يرون أنهم كانوا الأقوى فى مواجهتهم للأرمن والعناصر المسيحية الأخرى فهو كان يرتكب هذه الجريمة وهو لا يتحول من المستقبل.
■ ما الخسارة الثقافية التى نتجت عن هذه المذابح ؟
من المؤكد أن الأرمن كان يوجد لديهم عناصر منتجة ومثقفة ومن المؤكد أن ضربهم والمذابح التى تعرضوا لها أثرت بشكل كبير على حركة الثقافة فى الدولة العثمانية ومن اللطيف أن الأرمن أول بلد يهاجروا إليها هى مصر وعاشوا فى مصر دون أى حساسية وذلك لأن مصر تفتح ذراعها ولم يكن يوجد أى مشكلة معهم إلا إذا تحول إلى مستعمر.
■ عندما فرضت السيطرة العثمانية على الشعوب العربية بدأت التيارات تنادى بالقومية العربية والإسلامية بعيدا عنهم فمن قاد هذه التيارات؟
بدأت تتحدث عن حركات الإصلاح فى العالم العربى ومنها الحركات السلفية كحركة الوهابية لمحمد بن عبدالوهاب ومنها حركات سياسية مثل حركة على بك الكبير ومحمد على باشا فى مصر مما يدل على أنه كان هناك رفض تام للدولة العثمانية.
وما نشهده الآن من تردى الأوضاع فى القرن العشرين والواحد والعشرين فى العالم العربى هو نتيجة لما خلفته الدولة العثمانية وكل هذه الحركات التى قامت ضد وجه الدولة العثمانية كان من أسبابها تدهور وضعهم الاقتصادى والسياسى فلقد كانت مصر بالنسبة للأتراك بقرة حلوب يستنزفون خياراتها والمؤرخ الفرنسى أندريه رمون الذى يؤكد فى كتاباته أن تخلف العالم العربى الآن يرجع سببه بصورة مباشرة لسيطرة العثمانيين على هذه الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.