تحت عنوان "نحو رؤية ثقافية للخروج من الأزمة الراهنة" أقيمت المائدة المستديرة الأولى وذلك ضمن فعاليات مؤتمر أدباء مصر فى دورته الثامنة والعشرين تحدث فيها الروائى سعيد الكفراوى، الدكتور الشاعر فارس خضر وأدارها د. زين عبد الهادى. فى البداية تحدث الشاعر محمد أبو المجد رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، مشيرًا إلى أن أمانة المؤتمر وضعت عنوان المؤتمر "الثقافة المصرية بين الوحدة والتنوع"، وبعد ذلك اقترح أحد أعضاء الأمانة الخروج عن التنظير الأكاديمى ومناقشة الأحداث الأنية التى تمر بها مصر، ورأت الأمانة أن تبقى على محور المؤتمر الرئيسى، إضافة لمناقشة ما يحدث حاليًا فى الواقع من خلال مائدة مستديرة بمشاركة كل أعضاء المؤتمر. وأكد د. زين عبد الهادى أن الثقافة جزء من الأزمة الراهنة التى تمر بها ثم طرح مجموعة من التساؤلات حول الأزمة الثقافية أولها حل الزائفة الثقافية للمصريين ثم العبث بها أم مازالت موجودة؟ .. وأين ذهبت هذه الثقافة المصرية التى كانت فى أزهى عصورها فى الستينيات؟ .. والآن ننظر للثقافة على أنها كتاب أو ديوان شعر يتم نشره، ولماذا دفعت الدولة المثقف أن يعانى دائمًا من أزمات حياتية مستمرة؟ ثم تحدث الشاعر د. فارس خضر خلال المائدة المستديرة الأولى وذلك ضمن فعاليات مؤتمر أدباء مصر فى دورته الثامنة والعشرين، طارحًا مجموعة من التساؤلات هى: إلى أى فكر سياسى تميل الجماعة الشعبية التى أعطت أصواتها للإخوان، وهى أيضًا التى نزلت يوم 30 يونيو لتسقطهم، وهل هذه الجماعة تملك قيم داعمة لكل القيم الإنسانية النبيلة؟ . ويضيف فارس، أن كل الدراسات الاجتماعية والشعبية تدعم ذلك، أما الجانب المظلم فى الموضوع وهو الجانب الأكثر دموية فى الشخصية المصرية، فبعد 30 يونيو نزلت تلك الجماعة الشعبية لحرق الكنائس فى عقلية هذه المجموعة الشعبية جانب تعصبى غير قابل للآخر يقف فى مواجهة أى فكرة سامية. وأشار إلى أن فى تراثنا الشعبى كثيرًا من القيم السلبية التى تقف ضد التحديث، فالسيرة الهلالية مثلا تبرر الغزو والقتل وتتلون فكرة الشرف فيها حسب الأحوال والمصالح، والخلاصة أن هناك جوانب فى العقلية الشعبية تدعم التسامح، ولكن هناك جوانب أخرى ترسخ العداوة والتناحر، وبعد ثورة 25 يناير حدث اختلال حاد فى منظومة القيم وحدثت حالة من الاستقطاب المجتمعى مزقت المجتمع المصرى، مؤكدًا أنه للخروج من الأزمة لابد من تحديث المجتمع المصرى. وأكد الروائى سعيد الكفراوى، أن الثقافة المصرية عبر الستين عامًا الماضية تعيش أزمة حقيقية، وأضاف أن الغلو فى الحديث عن ازدهار فترة الستينيات فى المسرح والرواية حديث يحتاج لمراجعة وتأمل، وأرجع الكفراوى ما حدث لازدهار الثقافة فى الستينيات للوعى الليبرالى لرواد هذه الثقافة مثل "لويس عوض، سلامة موسى"، لذا ظلت الفنون بكل أشكالها تستمر فعالياتها وتأثيرها من هؤلاء الرواد فى الحياة العامة والثقافية، وغياب هؤلاء عن الثقافة المصرية أضر كثيرًا بالثقافة المصرية. واختلف د. محمود قنديل مع الروائى سعيد الكفراوى الذى يرى أن جيل الستينيات نتائج للمرحلة الليبرالية السابقة عليه، ولكن قنديل يرى أن المؤثر فى جيل الستينيات هو المشروع القومى الذى أعطى استمرارية لهذا الجيل، ودلل على ذلك بأن المؤثر الحقيقى لإخفاق جيل السبعينيات هو انتفاء المشروع القومى، وأشار د. قنديل إلى أن ما ينقصنا رؤية مجتمعية موحدة للتغيير تخلق تطلعًا موحدًا. وحيا الشاعر فريد أبو سعدة جرأة الشاعر فارس خضر فى الاعتراف بالنقائض فى الشخصية المصرية، مبررًا ذلك أنها تكونت عبر حضارات مختلفة وقيمتها الأساسية هى التحايل على المعايش، كما اختلف مع سعيد الكفراوى فى أن جيل الستينيات الرواد كانوا من اليسار مثل يوسف إدريس ونعمان عاشور، وأكد قنديل أن الطليعة الثورية فى ثورة 25 يناير كانت من الطبقة البرجوازية من الطلبة من الطبقة المتوسطة ولم يشارك فيها العمال والفلاحون، مؤكدًا أن الحل من وجهة نظره إعادة تفعيل وزارة الثقافة بإعادة هيكلتها بحيث تقوم بدورها الثقافى باستقلالية بعيدًا عن السلطة السياسية. وهاجم الكاتب والصحفى الجميلى أحمد الأدباء خلال المائدة المستديرة الأولى وذلك ضمن فعاليات مؤتمر أدباء مصر فى دورته الثامنة والعشرين، مؤكداً أن عنوان المائدة المستديرة لم يقترب منه أحداً منهم كما هاجم جيل الستينات لأنه يرى أنه الجيل الأكثر فساداً فى الوسط الثقافى فهو لا يقدم إلا لذاته فقد، إحتل مناصب كثيرة فى وزاره الثقافة، ولم يحاول أحد منهم أن يقدم أديب شاب. كما هاجمت القاصة انتصار عبد المنعم، المثقفين الذين ساهموا فى الأزمة الراهنة مؤكدة أنهم ليس من حقهم انتقادها الآن، مشيرة إلى مسئولية التعليم فى تعميق التعصب الدينى، وتساءلت عن أى تنوع نتحدث ونحن لا نقبل كمثقفين اختلافنا فى الرأى. كما طالب الكاتب حمدى عبد الرازق بإعادة هيكلة وزارة التعليم سواء فى المناهج أو فى فلسفة التعليم، وأكد الشاذلى بشير أن المثقفين فى مصر هم سبب الأزمة التى تشير إليها، فهم لم يستطيعوا التأثير فى الشعب المصرى، وأشار الكاتب خالد الصاوى إلى الهجمة الشرسة المتفشية فى المجتمع المصرى بالنيل من كل الرموز، فليس هناك أمام الشاب المصرى اليوم رمز يحتذى به.