«ارحل كى نكرمك».. مقولة شهيرة فى الوسط الثقافى، تعبر عن غفلة المسئولين المعتادة عن إنزال المثقفين منازلهم فى أثناء حياتهم، بينما لا يحظون بالتكريم إلا بعد موتهم، وفى هيئة حفلات تأبين، غير أن هذه المقولة مرشحة للاختفاء، بعدما قررت أمانة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، برئاسة الدكتور حاتم ربيع إطلاق برنامج «مصر تكرم رموزها». البرنامج عبارة عن احتفالية شهرية تقام فى إحدى قاعات المجلس بدار الأوبرا، على شرف أحد رموز الثقافة والأدب المصريين، لاستعراض أعماله ومنجزاته الثقافية، مع استضافة محبى وأصدقاء وتلاميذ نجم الاحتفالية، الذين يسجلون مقاطع صوتية بها شهادات وأحاديث عن هذا الرمز وإسهاماته فى حياتهم العلمية والعملية. البرنامج بدأ بفعالية عن الكاتب والمفكر الدكتور حلمى شعراوى، رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية، كأحد الرموز المصرية التى ساهمت فى توطيد العلاقات الثقافية بين مصر وبلدان أفريقيا. وفى شهره الثانى، احتفى البرنامج بالدكتور إبراهيم فتحى، الذى يعد واحدًا من أعلام النقد فى الستينيات، إذ تناول بقلمه أعمال وكتابات الروائيين والقصاصين من جيله، بدءا من بيرم التونسى ونجيب محفوظ، كما قام أيضًا بترجمة عدد كبير من الأعمال الغربية المهمة، على رأسها كتاب «نظرية الوجود عند هيجل»، كما ترجم أيضًا رواية «الهزيمة» للكاتب إسكندر فادييف، والأنطولوجيا السياسية عن مارتن هيدجر، وكتاب «الأيديولوجية» لديفيد هوكس، وكتاب «أزمة المعرفة التاريخية». «فتحى» أشرف أيضًا على عدد من الترجمات الهامة، ومنها كتاب «اليسار الفرويدى»، و«الحب فى فكر سورن كيركجور»، و«ما بعد المركزية الأوروبية». ويحتفى البرنامج خلال شهر مارس 2018 بالناقد القدير الدكتور صلاح فضل، بالتزامن مع ذكرى ميلاده ال80. «فضل» أثرى المكتبة العربية بمؤلفات عديدة فى الأدب والنقد الأدبى والأدب المقارن، زودت الباحثين برؤى جديدة فى مجالات الأدب المختلفة، وعلى رأسها الشعر، فقد وضع ما يقرب من 30 كاتبا كان للشعر نصيب الأسد فيها، ومن أبرز كتبه «نبرات الخطاب الشعرى» و«شعرية السرد» و«محمود درويش- حالة شعرية» و«جماليات الحرية فى الشعر» و«تحولات الشعرية العربية» و«أساليب الشعرية المعاصرة». من جانبه، قال وائل حسين، مسئول أمانة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، إن هذه الأمسية تعقد فى الأسبوع الثالث من كل شهر لتكريم رمز من رموز الثقافة المصرية، الذين ساهموا فى ترسيخ الثقافة فى الساحة المحلية وتصديرها إلى العالم العربى. وتابع «حسين» ل«البوابة» أن الفكرة جاءت ردًا على اللوم الموجه إلى المؤسسات الثقافية الرسمية بعدم تكريم الرموز إلا بعد وفاتهم، وهو لوم فى محله حسب قوله. وأشار «حسين» إلى أن المجلس يحرص أيضًا على إقامة حفلات التأبين وإحياء الذكرى للمبدعين الراحلين، سواء من المصريين أو العرب، كنوع من رد الجميل، مشيرًا إلى أن هناك احتفالية فى نهاية العام الجارى بعنوان «10 سنوات على رحيل شاعر الأرض.. محمود درويش». وأضاف مسئول أمانة المؤتمرات أن أبرز الأسماء التى سوف يتم الاحتفاء بها ضمن القائمة، اليسارى عبدالغفار شكر، والمخرج الكبير داود عبدالسيد، والكاتب وعضو مجلس النواب يوسف القعيد، والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، وأيضا الحقوقى الدكتور محمد فايق.