يقول البابا شنودة الثالث، فى كتابه «روحانية الصوم»، إن الصوم هو أقدم وصية عرفتها البشرية، فقد كانت الوصية التى أعطاها الله لأبينا آدم، هى أن يمتنع عن الأكل من صنف معين، من شجرة معينة، بينما يمكن أن يأكل من باقى الأصناف، وبهذا وضع الله حدودًا للجسد لا يتعداها، فهو ليس مطلق الحرية، يأخذ من كل ما يراه، ومن كل ما يهواه.. بل هناك ما يجب أن يمتنع عنه، أى أن يضبط إرادته من جهته، وهكذا كان على الإنسان منذ البدء أن يضبط جسده، فقد تكون الشجرة «جيدة للكل، وبهجة للعيون، وشهية للنظر» (تك 3: 60)، ومع ذلك يجب الامتناع عنها، وبالامتناع عن الأكل، يرتفع الإنسان فوق مستوى والجسد، ويرتفع أيضًا فوق مستوى المادة، وهذه هى حكمة الصوم. الصوم الجماعى يقول البابا الراحل فى كتابه: إن أبرز مثال على الصوم الجماعى، ذلك الذى صامه كل الشعب لما وقع فى ضيقة أيام الملكة أستير، حتى يصنع الرب رحمة (إس 4: 3، 16)، وصام الجميع بالمسوح والرماد والبكاء، وسمع الرب لهم وأنقذهم، وكما صام الشعب كله بنداء عزرا الكاهن على نهر أهوا متذللين أمام الرب (عز 8: 21، 23)، كذلك اجتمعوا كلهم بالصوم مع نحميا وعليهم مسوح وتراب (نج 9: 1). كذلك صام الشعب أيام يهو شافاط (2 أى 20: 3)، ويحدثنا سفر أرمياء النبى عن صوم الشعب فى أيام يهو ياقيم بن يوشيا (أر 36: 9)، وصوم آخر جماعى فى أيام يوئيل النبى (يوئيل 3: 5)، ومن الأصوام الجماعية أيضًا: «صوم الشهر الرابع، وصوم الخامس، وصوم الخامس، وصوم السابع، وصوم العاشر» (زك 8: 19).