أصبحت تركيا الآن مصدر قلق للشرق الأوسط، بعد أن أظهرت نواياها التوسعية فى المنطقة خلال الفترة الماضية. وفى حين أن طموحات إيران من أجل الهيمنة أيضًا كانت واضحة للجميع، ولكن أصبحت تركيا أيضًا تريد أن تسير على تلك السياسة لتحقيق ما يحلم به الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وهو حلم عودة الدولة العثمانية. وفى هذا، أبرز «مركز القدس للشئون العامة» للأبحاث، السياسات التركية للتوسع فى الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية. تركية مقلقة وقال المركز البحثي: إن سياسة تركيا فى الفترة الأخيرة أصبحت مقلقة لعدد من الدول فى المنطقة، وعلى رأسها مصر والسعودية. والواقع أن تركيا، منذ اجتياحها قبرص الشمالية فى عام 1974، قللت من حجم جيشها فى الشرق الأوسط، ولكن تركيا اتجهت الآن للشرق الأوسط وتحديدًا لسوريا، على خلفية الحرب الأهلية السورية، وظهور تنظيم داعش، وانتشار الإسلام الراديكالي. بدأت تركيا تتورط فى سوريا مع توغلها العسكري الأول على بعد 35 كيلومترًا إلى الأراضي السورية فى فبراير 2015 لحماية مقبرة سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، الذي توفى فى 1236. وزعمت تركيا أن القبر كان معرضًا للخطر من قبل تنظيم داعش، وعلى ما يبدو، احتفظت تركيا بجنود عسكريين قوامها 40 جنديًا لحماية المقبرة، وفقا لمعاهدة لوزان لعام 1923 مع سوريا، ولكنها فى نهاية الأمر شاركت فى الحرب السورية. خلال سنوات الحرب الأهلية السورية، ساعدت تركيا وعززت «فصائلها المتمردة» التي تقاتل نظام الأسد من خلال تزويدها بالأسلحة والتدريب والملاذ الآمن والمرور عبر أراضيها. وفى الوقت نفسه، وجدت تركيا الطريق للتعاون مع روسياوإيران، حماة نظام بشار الأسد، حيث نجحت تركيا فى الحصول على موافقتهما على توغلها العسكري فى المنطقة الكردية (منطقة إدلب) المتاخمة للحدود الجنوبيةالغربية مع سوريا، تحت ذريعة مكافحة داعش. وبدأت القوات التركية فى أغسطس 2016 ما أطلق عليه اسم «عملية درع الفرات» التي جلبت القوات التركية إلى عمق أراضي السيادة السورية، غرب نهر الفرات. وواصلت تركيا ضغوطها، وفى يناير 2018، أمرت قواتها بمهاجمة مدينة عفرين الكردية، مستشهدة بضرورة محاربة حزب الشعب الكردستاني الذي تعتبره تركيا تجسيدًا آخر لحزب العمال الكردستاني الكردي المتشدد. الأكراد وداعش هدد الرئيس التركي أردوغان ووزراؤه بالاستمرار شرقا للقضاء على المناطق الكردية المستقلة ذاتيًا التي تمتد من كوباني حتى شرق الرقة. وفى حين أن تركيا أثارت شبح «داعش» وحزب العمال الكردستاني الكردي، استخدمت تركيا نفس الحجج لتوسيع وجودها العسكري فى عمق الأراضي العراقية. فى العام التالي لحرب داعش وسقوط الموصل، نقلت تركيا كتيبة دبابات شرق الموصل إلى بلدة آشورية صغيرة باسم بعشيقة. وقدم الأتراك هذه الخطوة كإشارة تهدف إلى تدريب مجندى البشمركة الأكراد على كفاحهم ضد داعش. فى غضون عام 2017، فى الأيام الأخيرة من وجود داعش فى الموصل، طلب العراق من تركيا سحب قواتها من الأراضي العراقية، وأجابت تركيا بقولها إنها ستتراجع عندما يتم القضاء على داعش. مع سقوط الموصل وهزيمة داعش، لم يعيد العراق القضية مرة أخرى التي وجدت فجأة مساعدة اليد التركية فى عزل الجيب الكردي كعقاب «تجرؤ على إجراء استفتاء على الاستقلال». وقد خدم الجيش التركي أيضًا طموحاته السياسية وأهدافه. وفى حين ذكرت مصادر لبنانية أيضًا أنشطة عملاء تركيا فى إزالة الاستقرار فى لبنان، وهذا يوضح مدى التدخل التركي فى الشرق الأوسط. تركيا فى قطر وعلى عكس التدخل التركي فى سورياوالعراقولبنان، فإن الوجود العسكري التركي فى قطر له بعد آخر. وبموجب اتفاق دفاع وقع بين البلدين فى عام 2014، نشرت تركيا وحدة عسكرية قوامها 4000 جندي فى قطر، والتي هي فى الواقع تأمين المملكة الأخرى ضد السعودية تدخلا فى سياستها وبالتأكيد رادعا معقولا ضد النوايا التخريبية الإيرانية. وتمشيا مع سياسة توسيع قوتها ونفوذها العسكري، استكملت تركيا فى عام 2018 بناء قاعدة تدريبية بقيمة 50 مليون دولار فى العاصمة الصومالية مقديشيو يديرها الأتراك. وأخيرًا، وبعد زيارة الرئيس أردوغان للسودان فى أواخر ديسمبر 2017، وافقت الحكومة السودانية على استئجار ميناء سواكين، على طول ساحل البحر الأحمر على بعد حوالي 60 كيلومترا جنوببورتسودان. والتزمت تركيا بإعادة بناء سواكين واستعادة أيامها الذهبية كميناء عسكري رئيسي وميناء مدني فى البحر الأحمر. كانت سواكين، التي يحميها خليج طبيعي، مرة واحدة المقر البحري للأسطول العثماني فى البحر الأحمر.