ما زالت التعديات على نهر النيل مستمرة، فقد أغلق البحر الفرعوني بالمنوفية تحول فرع رشيد من مجري مائي يحمل معه كل مقومات الحياة إلى مجري للصرف الصحي، تُلقى فيه مخلفات محافظة الجيزة وقصر العيني وجامعة القاهرة ومبنى وزارة الري في فتحة الرهاوي؛ ليصب في فرع رشيد يوميا 4000 متر مكعب صرف صحي من المنوفية، و6000 متر مكعب من الجيزة؛ مما هدد سكان الأقاليم بكارثة بيئية واقتصادية وصحية قادمة لا محالة . أ كثر من عشرة آلاف صياد بمحافظة المنوفية وبالتحديد من قرى فيشا الكبرى وفيشا الصغرى يعيشون حالة من القلق والتشرد بعد قرار اللواء حسن حميدة محافظ المنوفية الأسبق بغلق البحر الفرعوني، ورفض المحافظ الحالي مطالب الصيادين، على الرغم من حصولهم على تصاريح الصيد منذ أكثر من خمسين عامًا، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة التلوث بالبحر الفرعوني طوال مدة غلقه، وكانت النتيجة إصابة السكان المقيمين بجوار البحر بعدد من الأمراض المتوطنة بسبب ركود المياه التي أدت إلى انتشار البعوض والحشرات الضارة، وانبعاث الروائح الكريهة، حتى صرخ الأهالي بقولهم “,”إن محافظ الإخوان بيعلمنا الأدب؛ بسبب عدم اختيارنا لمرسي رئيسًا“,” . ومن جانبه طالب عبد العاطي البحار، شيخ الصيادين بالمنطقة، المستشار أشرف هلال محافظ المنوفية السابق بفتح عين واحدة من العيون الأربعة للبحر الفرعوني ولو بالمجهود الذاتي؛ لأن مهنة الصيد تعتبر مصدر الرزق الرئيسي لمعظم الصيادين في المنطقة، والذين لا يجدون عملًا آخر، كما يمتلك الصيادون أكثر من 3 آلاف رخصة صيد، تخدم أكثر من 10 آلاف أسرة. وتساءل شيخ المنطقة عن مغزى القرار السابق بغلق البحر طول هذه المدة، وقطع أرزاق الناس، مع العلم بأن فتح البحر سيؤدي إلى انخفاض أسعار السمك، وسيؤدي إلى دخول أسماك جديدة إلى المنطقة البحرية والرياح المنوفى وفرع رشيد بصفة عامة. ويلتقط خيط الحديث عبد الفتاح نصر، صياد من قرية أم خنان، ويقول: طالبنا أعضاء مجلسي الشعب والشورى السابقين في العهد البائد بضرورة فتح البحر أمام الصيادين، ولكن لم يعرنا أحد اهتمامه، وعندما عرضنا المشكلة على المهندس محمد سيف الدين، مدير الثروة السمكية بالمنوفية؛ أكد أن المشكلة بالبحر الفرعوني ليست مشكلة فرع صغير من أفرع رشيد المتعددة والمتشعبة، ولكن المشكلة تكمن في نطاق فرع رشيد وروافده المتعددة، وتعرضها خلال الفترة من شهر سبتمبر 2000 إلى أبريل 2005 إلى أكثر من خمس موجات متتالية ومتتابعة من التلوث؛ نتيجة انخفاض منسوب المياه بالفرع؛ مما يؤدي إلى ظهور الآثار الضارة للمياه شديدة التلوث، والتي تصب بالفرع يوميًّا، مشيرًا إلى أن هذه المياه عادة ما تكون ملوثة بمخلفات الصرف الصحي والصرف الصناعي وفي بعض الأحيان تحمل هذه المياه صرفًا صحيًّا غير معالج وفي هذه الحالة لا نستطيع فتح البحر الفرعوني وإلا حدثت كارثة. وأضاف سيف الدين أن المستشار أشرف هلال محافظ المنوفية، يقوم حاليًّا بمخاطبة المسئولين بهدف وضع حلول جذرية لهذه المشكلة من خلال إزالة آثار التلوث في البحر الفرعوني. ومن جانبه، قال الدكتور إبراهيم الأعصر، نائب مدير مستشفى أشمون العام: بأن هذه المشكلة تعد أكبر المصانع التي تصدِّر لنا مريض الفشل الكلوي، والتليف الكبدي، وأصحاب الأمراض المتوطنة، وارتفاع نسبة الوفيات. وأضاف أن هذه المشكلة أكدتها أبحاث الدكتورة نهى دنيا، رئيس قسم البيئة بجامعة عين شمس، خلال تقريرها ودراستها عن ضرورة وضع خطة لحماية فرع رشيد من التلوث، وتم أخذ عينات من المياه بشكل عشوائي من مناطق متفرقة ومتوسعة على طول فرع رشيد ومناطق سحب المياه بمحطات مياه شرب؛ حيث أثبتت المعاملات القياسية أنها تلوثت بمياه الصرف الزراعي من عدة مصارف، وهي مصرف الرهاوي وبوشبل والتحرير ومصرف زاوية البحر؛ حيث تستقبل هذه المصارف آلاف الأمتار من الصرف يوميًّا، بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي من 55 مدينة وقرية موزعة على طول المناطق الفرعية لكي يجمح مصرف الرهاوي أيضًا الصرف الأرضي غير المعالج. ومن جانبها، أكدت الدكتورة منى عبد المقصود شنب، الأستاذ بجامعة المنوفية، أن فرع رشيد يحتضر، ووصل إلى مثواه الأخير، فقد تأثر بمياه الصرف الصحي من الشركات الصناعية في مدينة كفر الزيات التي سجلت أكبر قيمة من التلوث، وكذلك درجة عالية من الأكسجين الذي يستهلك بواسطة الكائنات الحية؛ نتيجة تحلل المواد العضوية، ومن نسب الفوسفات وكذلك المواد الصلبة الزائدة علاوة على نتائج التحاليل التي بلغت أكثر من 200 عينة أثبتت أن مصرف الرهاوي هو أكثر المصارف تأثيرًا على مياه فرع رشيد؛ حيث بلغ التلوث أكثر من 30%، وذلك مما يرجع أثره السلبي على الفلاحين وممتلكاتهم من حيوانات ومستهلكي زراعاتهم من الخضار السام الذي يزرع على ضفاف فرع رشيد، وأضافت الدكتورة منى أن التحاليل المبدئية التي أخذت عن طريق الإدارة العامة للبحوث أثبتت أن الأجهزة القياسية المستخدمة على شدة التلوث الذي يسود ملايين الأمتار المكعبة يوميًّا وكأنه شلال متدفق على فرع رشيد، والذي يعد من ثروات الأمن القومي في مصر كما قال المؤرخون. وأشارت أن قطاع البيئة بالمنوفية قام على إيجاد منظومة كاملة للتخلص الآمن من المخلفات الصلبة بإنشاء مصانع تدوير القمامة ومدفن صحي بالسادات، فكيف نحمي أطفالنا من الفشل الكلوي الذي يلاحقهم كل صباح طالما رئيس الحكومة لا يقوم بحل هذه المشكلة. وقال اللواء ياسين طاهر، سكرتير عام محافظة المنوفية، إن المحافظة قامت بإعداد دراسات وافية لحل هذه المشكلة، والتي بدأت من قديم الأزل، علاوة على أن المحافظة تعمل على تنكيل أسباب الحدث برصد مبلغ نصف مليار جنيه لتطهير هذا المصرف، وإقامة مدفن صحي بمدينة السادات على مساحة 47 فدانًا ومصانع تدوير قمامة بحوالي 70 مليون جنيه لحين إيجاد حل نهائي يقضي على هذه المشكلة نهائيًّا مثل عمل مجرى بطول أرض الدلتا، وذلك لاستيعاب مخلفات الصرف الصحي والصناعي فقط بطول غرب الدلتا كله، وإقامة محطات معالجة ثلاثية، وإعادة استخدامها مرة أخرى، والعمل على تفعيل دور القانون الخاص بعقوبات تصل إلى حد السجن لمن يتعدى على المجاري المائية من ترع ومصارف وأفرع نهر النيل. أهالى المنوفية/ محافظ الإخوان / تطهير الرهاوي/ قطاع البيئة