"محمد فؤاد".. يحمل هذا الاسم أكثر من دلالة وذكرى لأكثر من جيل خاصة أطفال التسعينات الذين يحملون لفؤاد ذكريات خاصة بعد أن كان صوته رمزا للبراءة في الحب لمراهقي نفس الفترة أيضا، ومثل صوته وفنه لعدد من الموسيقيين مشروعا غنائيا جيدا لم يكتمل للأسف أو بمعنى أدق فهو أقل أبناء جيله حظا. ينظر البعض إلى فؤاد وأبناء جيله بشيء من الحسرة خاصة من كانوا أطفالا ومراهقين أثناء بدء تشكل ملامح طريق كل زملاء فؤاد الفني مثل إيهاب توفيق وعمرو دياب ومحمد منير رغم اختلاف كل منهم عن الآخر إلا أن فؤاد أقلهم حظا في الوجود والاستمرار بنفس قوة الانطلاق والدفع التي بدأ بها مشواره الفني حتى في "الكيف" شهدت إنتاجاته الفنية الأخيرة تراجعا في إمكانياته الصوتية والموسيقية والتسويقية أيضا. ماذا حدث لمحمد فؤاد؟ السؤال الذي نطرحه على "فؤش" بمناسبة احتفاله بذكرى ميلاده اليوم.. أين ذهبت براءة صوته وكلمات أغانيه التي شكلت وعي جيل كامل من الحب "العفيف" ولعل أشهرها "الحب الحقيقي" الأغنية التي حملت شقين غريبين أحبها الأطفال واستلهم منها اليافعون شروط "الحب الحقيقي" في مدرسة محمد فؤاد. ورغم طريقة التصوير التي اتبعها فؤاد في معظم كليباته باعتماده على الأطفال والطابع الدرامي الطفولي إلا أنها كانت تصل بنفس القوة إلى قلوب وذاكرة الأطفال لما تحملها من معانٍ بريئة وبسيطة وجديدة استمر في تقديمها في "آه لو" و"كلمة وطن" التي وحدها لا تكفي هذه السطور في وصف روعتها وتستمر إبداعاته في كليباته "البريئة " والبسيطة إلى بداية الألفية ليبدأ فؤاد في سلك طريقه من الأول ولكن بشكل مختلف باعتقاد منه أنه يفاجئ جمهوره أو أنه يرتدي ثوبا جديدا ولكن جمهوره فوجئ فقط "بالدوجلاس" الذي ظهر به في "حبيبي يا" الذي عاد به فؤاد إلى جمهوره بشكل جديد بعد انخفاض وزنه وتغيير مظهره الخارجي واقتحامه مجال التأليف وغياب صوته الدافئ وظهور "بحة" غريبة لم تخفها "الديجيتال ساوند والريمكسات" التي بدأ فؤاد استخدامها مؤخرا. ومن المفارقات الغريبة في مشوار فؤاد الفني هو مقارنته الدائمة بعمرو دياب على الرغم من سير الأخير على نمط وحيد منذ ظهوره إلى الآن لم ينحرف عنه إلى الآن بعكس "فؤش" الذي بدأ مشواره الموسيقي بشكل مختلف ومميز بعد أن قدم أشكالا موسيقية جديدة كاد أن يحصر نفسه مع زميله "محمد منير" في تلك المنطقة بعد اتجاهه إلى خلط الموروث الشعبي بكلماته وألحانه بالموسيقى الحديثة وتقديمه نموذجا جديدا في الأغاني "الحزينة" والفكاهية في نفس الوقت لم يقدمهما معا مطرب واحد في البوم واحد بنفس الشكل الذي تقبله عليه فؤاد الجمهور من قبل. ففي ألبومه الأول "في السكة" مع شركة "صوت الحب" في عام 1982 حمل ألوانا غنائية متنوعة له مثل أغنية الألبوم الرئيسية "في السكة" التي غناها على الطريقة النوبية في الموسيقى واللحن وكذلك قدم كالعادة أغاني حزينة استعرض فيها فؤاد قدراته الصوتية وإحساسه العالي بتطويعها على شكل مواويل طربية حزينة في خلفية موسيقية ضئيلة كما في أغنية "بعت الصبح مرسال"و "صابر" لينتقل بعدها انتقالا غريبا إلى الفكاهة في نفس الألبوم بأغنية "عاش الطب" و"ياصغير" ثم ينتقل إلى الأغاني الراقصة والفرحة في "يلا بينا يلا" والتي كانت السبب الأكبر في شهرته في ذلك الوقت. وبالتفتيش في دفاتر فؤاد القديمة ستجد أنه صاحب فضل في تطور شكل ونوع الموسيقى المنتشرة في ذلك الوقت سواء في طريقة تسويقها بالاعتماد على أفكار درامية مختلفة في تصوير الكليبات أو في شكل الموسيقى خاصة الجانب الشعبي والفكاهي فيه مثل أغنية "كامننا" و"أمريكا شيكا بيكا" وأغنية "الفلكلور الشعبي" التي حملت بداخلها أكثر من شكل وتنويع موسيقي شعبي وسوداني أيضا. وبالمثل تكرر ذلك المزج الموسيقي الناجح لفؤاد في البوماته المتتالية "خفة دمه" و"شيكا بيكا" و"اسألي " و"مشينا" و"حيران" والتي حمل جميعها طابعا جنونيا في المزج بين كل هذه "الأمزجة" متنقلا بين حالات الحب والفرح والفكاهة والحزن.. حتى استطاع أن يثبت أقدامه في الوسط الغنائي وسوق الكاسيت بقوة ويصنع اسما لامعا وبقوة في الأغنية الشبابية في ذلك الوقت إلى أن اتجه إلى السينما والتي قد تكون من أهم أسباب اختفائه الغنائي والتغيير الجذري والسلبي في مسيرته الفنية خاصة بعد فيلم "غاوي حب" الذي أظهر انعدام موهبة فؤاد في التمثيل خاصة أنه كان بمفرده بعد عدة تجارب أقل سوءا في وجود محمد هنيدي وأحمد حلمي بفيلمي "إسماعيلية رايح جاي" و"رحلة حب . وفي النهاية تاريخ وذكريات وتجارب فؤاد الناجحة تشفع له غيابه المتكرر وطلاته الضعيفة في الفترة الأخيرة خاصة إنتاجاته الوطنية التي "علقت" في أذهان وقلوب المصريين من "يعني إيه كلمة وطن" إلى "بشبه عليك" و"أنا ابن بلد" و"ساعات بشتاق".. وبالمناسبة اقترب موعد طرح ألبوم فؤاد الجديد بعد تحرره من احتكار شركة روتانا " فآآه لو" يعود فؤاد إلى جمهوره "الحقيقي".