كشفت تداعيات عاصفة "أليكسا"، أوضاع اللاجئين السوريين الصعبة، بالرغم من ضخامة الأموال التي تعلن عنها المنظمات الدولية والإغاثية بالإضافة إلى الدول المانحة، والموجهة لإغاثتهم ومساعدتهم، حيث أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن وفاة 9 أطفال داخل سوريا بسبب البرد القارص، وعدم توفر إمكانات درء البرد عن الأطفال، كما لقي 13 شخصاً مصرعهم داخل السجون في مدينة حلب السورية. وذكرت الأممالمتحدة أن عدد اللاجئين الفارين من ويلات الصراع الدائر في سوريا منذ مارس 2011 إلى دول الجوار، يُقدّر بنحو مليونين و200 ألف شخص في: لبنان والأردن وتركيا، وهي الدول التي تطالب بضخ مزيد من الأموال لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين، وبينما قدمت وكالات الأممالمتحدة والدول المانحة، حوالي مليار دولار في عامٍ واحد، لا يزال يُقتل الأطفال اللاجئون بسبب نقص مواد التدفئة. وفي الوقت الذي تباينت فيه ردود الأفعال بين المنظمات الأممية ودول الإغاثة، قال وائل أبو فاعور، وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني: "لا يمكن تحميل الدولة كل شئ، فالدول المانحة لا تريد إيصال المساعدات عبر لبنان، حاولنا العمل على التنسيق بين الجمعيات وفشلت محاولاتنا بسبب أن معظم الجمعيات تعمل على الملف كأنه للتجارة؟". وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد قامت بتقديم المنحة الأكبر والتي قدرت ب 20 مليون دولار أمريكي، كمساعدات غذائية ل 150 ألف عائلة نازحة، وذابت هذ المساعدة كقطعة جليد، وهذه هي حال الكثير من دول اللجوء، وأوضح أنه لو كانت المنظمات الأممية تعاونت مع دول اللجوء على توفير مخيمات لجوء رسمية لحماية اللاجئين، كان من الممكن أن تمر العاصفة بلا كل هذه الخسائر البشرية، ولكن اللاجئين يعيشون في مخيمات عشوائية بمواصفات لا تليق بحياة البشر، مؤكدا أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق تلك المنظمات الأممية، وكشف أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين - كجهة مانحة لمنظمات أخرى - تعمل على تنفيذ برامجها، وما وصل إلى موازنتها منذ أول العام وحتى 13 من الشهر الجاري 842 مليوناً و185 ألفاً و588 دولاراً أمريكياً، من أصل مليار و700 مليون و189 ألفاً و393 دولاراً أميركياً أي ما نسبته 51% فقط. وبمقارنة عدد النازحين المسجلين لدى لمفوضية، والذين بلغت أعدادهم 842 ألفاً و482 نازحاً سورياً، يفترض أن يحصل كل مسجل - بالحسابات البديهية - على 999.6 دولاراً أمريكياً للشخص، أما إذا ما احتسبنا المبالغ بالمقارنة مع عدد الأسر النازحة، والمقدّر بنحو 179 ألفاً و612 عائلة مسجّلة لدى المفوضية، فكل عائلة منها يفترض أن تحصل على أربعة آلاف و688 دولاراً أمريكياً، أو ما يعادل 391 دولاراً للعائلة شهريا، وهذا إذا ما احتسبنا المسجلين فقط، أما لو احتسبنا على أساس أعداد النازحين ككل - وفق حسابات الدولة اللبنانية - والبالغة تقريباً مليوناً ونصف المليون نازح (أو 326 ألف أسرة)، والذين يفترض أن تشملهم المفوضية ببرامجها، فيمكن أن تحصل كل عائلة على 217 دولارا في الشهر. وعلى صعيد متصل، ترفض المفوضية هذا المنطق الحسابي، فالأموال التي تصل إلى حساباتها لا تصرف بهذه البساطة، كما أنها لا تأتي دفعة واحدة، حيث تقول المفوضية إن هذه الأموال "تخضع لشروط الدول المانحة ومشيئتها في الصرف، فضلا عن وجود معوقات لوجستية تستدعي الاستعانة بمؤسسات وجمعيات، منها من لا يمتلك الكادر البشري المؤهّل، إضافة إلى أنه قد تبدو المبالغ المقدمة كافية، ولكن المفوضية تعمل وفق سلم أولويات، وتعمل على استهداف الأضعف في أحد برامجها التي تقوم عليها، كما تقوم على تنفيذ برامج أخرى تستهدف الوصول للكل". وتعرّف المفوضية عن نفسها بأنها جهة مانحة، يسير العمل فيها وفق برامج تعمل على تنفيذها بالتنسيق مع جمعيات ومنظمات مدنية ودولية، يتم صرف أموال لها لقيامها على برامجنا التي ننفّذها للنازحين، هذا بالإضافة إلى البرامج الشهرية المخصصة، كبرامج: القسائم الغذائية وبونات المازوت للتدفئة، لمن يعيشون على ارتفاع يفوق 500 متر، إضافة إلى المساعدات الإغاثية الطارئة كالأغطية والثياب الشتوية وبرامج التطبيب، هذه عينة من البرامج التي تقوم بها المفوضية، إما مباشرة مع مجتمع النازحين أو عبر المنظمات والجمعيات غير الحكومية. وتكشف الشكاوى التي يتقدم بها اللاجئون عن فساد عناصر من العاملين على برامج المفوضية، حيث يتم التلاعب ببونات الغذاء والوجبات الغذائية التي يؤخذ تمويلها على أساس أن تصل إلى النازح وجبة بقيمة 12 دولاراً فتصل إليه بقيمة 4 دولارات مثلاً، أو أن يتم تمييز أحد العاملين بين اللاجئين وبعضهم، هذا بالإضافة إلى عمل العديد من الجمعيات مع المفوضية لإغاثة اللاجئين من باب التربّح والمتاجرة، وهناك الكثيرون من الذين يتحصّلون على الأموال ولا يمنحون اللاجئين إلا الفتات. يأتي ذلك متزامنا مع مناشدات الأممالمتحدة لدول العالم بالعمل على جمع 6.5 مليار دولار لضمان وصول المساعدات لملايين النازحين داخل سوريا وخارجها خلال العام المقبل، ما يمثّل نصف خطة التمويل الإجمالية البالغة 12.9 مليار دولار، لمساعدة 52 مليون شخص في 17 دولة حول العالم.