كتب: هاني دانيال أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريرًا بشأن تهريب الأموال المصرية، واحتمالات استعادتها، وتأثير أحكام البراءة وصفقات التصالح المعلنة وغير المعلنة، على استرداد الأموال المنهوبة فضلًا عن خطورة إسناد تبعية هذا الملف إلى الجهاز التنفيذي ممثلًا في وزارة العدل، لما يواجهه من تقلبات سياسية، وتأثير شبكات مصالح النظام السابق على الجهاز البيروقراطي في مصر، مما يعيق إمكانية إحراز تقدم في هذا الملف. قال أسامة دياب، الباحث بوحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة: تجميد الأموال مُلزِم بقرار من الاتحاد الأوروبي، بتجميد أموال 19 شخصية منتمية إلى نظام “,”مبارك“,”، ويهدف التجميد إلى عدم نقل الأموال وتهريبها إلى حين إجراء التحقيقات، ولا يعني بالضرورة ردها، وهو ما يطرح تساؤلات عن عدم قيام الحكومة البريطانية بتجميد بعض أصول نظام مبارك، التي كشف عنها تحقيق استقصائي، قام به تليفزيون ال “,”بي بي سي“,” في سبتمبر الماضي بعنوان: “,”مليارات مصر المنهوبة“,”. أما عن وسيلة استرداد ال 700 مليون دولار المجمدة في سويسرا، فأوضح “,”أسامة دياب“,” أنه توجد ثلاثة مسارات قانونية لرد الأموال، وهي: ربط الأموال بالجريمة، وهو من أصعب الطرق القانونية، لصعوبة إحداث هذا الربط، لتغير شكل ومكان الأصول باستمرار، وصعوبة ربطها اليوم بجريمة قد تكون حدثت قبل سنوات عديدة، فضلًا عن إضفاء غطاء تشريعي على ممارسات نظام مبارك الفاسدة بقوانين فاسدة صادرة عن مجلس تشريعي غير منتخب، أما الخيار الثاني وهو الذي يسمح بتجميد ورد قدر أكبر من الأموال، فهو تشريع سويسري يسمح بإعطاء النظام الديكتاتوري توصيف الجريمة المنظمة، وهو ما حدث مع نظام “,”ساني أباتشا“,” النيجيري عام 2004، ويسمح هذا التشريع بنقل عبء الإثبات إلى المتهم، وعلى المتهم إثبات أن الأموال مصدرها شرعي، وتُرد فورًا إلى البلدِ مصدرِ الأموال إن فشل في ذلك، عكس القاعدة المستقرة وهي أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، أما المسلك الثالث الذي يسمح به قانون سويسري صدر في فبراير 2011، فهو أنه في حالة فشل مؤسسات الدولة وعدم كفاءتها، فمن الممكن أن ترد أموال الأنظمة الديكتاتورية بدون حكم قضائي من البلد مصدر الأموال. ومن الجدير بالذكر، أن المحكمة الفيدرالية السويسرية كانت قد قضت بعدم جواز إطلاع الجانب المصري على ملفات القضايا الجنائية، لعدم استقرار الوضع المؤسسي بها، على حد تعبير المحكمة . وأشار أحمد حسام، المحامي بالمبادرة المصرية، إلى عدم جواز التصالح مع رجال نظام مبارك، لأن تعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر عن المجلس العسكري، يسمح فقط بالتصالح مع المستثمرين وليس الموظفين العموميين، فضلًا عن تأثير عمليات التصالح مع الموظفين العموميين السابقين على إمكانية رد الأموال الموجودة بالخارج، فالتصالح وأحكام البراءة تنعكس سلبًا على سعي مصر إلى استرداد أموالها في ضوء ربط رد هذه الأموال بإثبات عدم شرعية مصدرها، وهو شرط لا يتحقق إذا لم تتم إدانة المتهم في بلده الأصلي .