«الشايب» ينحر.. و«الشاب» يسلخ.. و«البرقي» المفضل للقبائل «الكبد والرئتان» للإفطار يتمسك أهالي محافظة مطروح من أبناء القبائل البدوية قاطني صحراء مصر الغربية، بالعادات والتقاليد المتوارثة من الأجداد، حيث يطلقون على عيد الأضحى «عيد اللحم»، ويحرصون على النحر، فلا تجد بيتًا يخلو من الأضحية في العيد، ويفضلون نحر الأغنام من فصيلة «البرقي» التي تعد أفضل السلالات في العالم، وتتميز بلحومها الطيبة. يهتم البدو بالأضحية ويجهزونها قبل العيد بمدة طويلة تصل لأربعة أشهر، ويطلق على هذا التجهيز مصطلح «يشمّلوها» أي يحضروها ويسمنوها للعيد، بربطها طوال هذه المدة والاهتمام بعلفها من نواة التمر المدقوق والشعير والقمح، وفي صباح يوم العيد يذهب الرجال لصلاة العيد بينما تجر «الأم» الأضحية وتربطها في مقدمة المنزل، اعتقادا بأن الأضحية تسبح في هذا اليوم، ثم يقوم أكبر الرجال «الشايب» في النجع بعملية ذبح كل الأضاحي، ويتولى الشباب مهمة سلخها وتقطيعها. ويلتزم البدوي بانتقاء الأضحية وذبحها في أيام التشريق وفي ضوء الشروط التي حددها الفقهاء، سواء كانت من الأغنام أو الإبل أو البقر أو الماعز، ولكن الغالبية العظمى من أهل البادية يفضلون الأغنام من سلالة البرقي الشهيرة التي تربى وترعى بالصحراء الغربية، والبعض من أهالى المحافظة خاصة الذين يعود أصولهم إلى وادى النيل يفضلون نحر الأبقار، حيث يشترك البعض من الأقارب أو الأصحاب والجيران في بقرة واحدة. ويتم إشعال النار بجوار كل بيت، وما أن تنتزع الكبد والرئتان والقلب و«الفشة» حتى تلقى في النار المباشرة كما هي، ثم ترفع عن النار وتقطع قطع صغيرة قبل أن توضع على الجمر «الفحم أو الحطب» مرة أخرى للشواء، وهي وجبة الإفطار في ذلك اليوم، أما وجبة الغداء فتكون من الربعين الأيمنين للأضحية مع الطبيخ والمرق «الشربة»، وذلك في بيت كبير النجع، حيث يأتي كل بيت بقصعة ويتغدى الرجال جميعهم معا في بيت والنساء والأطفال جميعهم أيضًا في بيت آخر، أو يبقى الجميع في بيت واحد مع وضع «حجبه» من الصوف تقسم البيت لجزءين. وتختلف البيوت في نوعية الطهي أول يوم للعيد، فمنهم من كانت «سنته» أو عادته التي لا يغيرها طبخ الفاصوليا البيضاء، ومنهم من يطبخ الملوخية أو البطاطس، ونادرا ما يطبخ الأرز في أول أيام العيد، وفي اليوم الثاني للعيد يتم تقديد ثلث لحم الأضحية، لأن باقي الأضحية يقدم كهدايا للزاور. ومن طقوس عيد الأضحى قديما «القديد»، وهو لحم مملح ومجفف يحفظ لأوقات طويلة وتستخدمه النساء في الطهي بعد ذبح الشاة وتقطيعها لقطع كبيرة، ويتم تعليقها ليوم كامل في مكان جيد التهوية بعيدًا عن ضوء الشمس المباشر، وفي اليوم التالي تقطع الأسرة اللحم إلى قطع صغيرة، ويتم استبعاد القطع التي تحتوى على الدهن والشحم من عملية القديد، ويقطع فقط اللحم الأحمر لمكعبات صغيرة. ثم تفرش «الرقعة»، وهي عبارة عن جلد ماعز مجفف ومدبوغ ويوضع عليه مكعبات اللحم مع الملح، وتترك منشورة بعيدًا عن الشمس هكذا لمدة تتراوح من عشرة إلى 15 يومًا إذا كان اللحم كثير استعدادا لمرحلة «الدق»، أما إذا كان اللحم محدودًا، ومن المتوقع استخدامه خلال فترة قصيرة يترك منشورًا على الرقعة بحد أقصى 25 يومًا دون أن يفسد، وبعد عشرة أيام أو أكثر قليلا يتم وضع جزء من القديد داخل الصوفة مع الملح والفلفل الأصفر، ويدق عليه من خارج الصوفة حتى يفرم، ثم يضاف إليه جزء آخر وتكرر نفس العملية حتى يتم جمع القديد بأكمله داخل الصوفة، ويؤخذ منه في كل مرة للطهي حتى ينفد.