كانت موهبة، وشخصية متفردة وسلطة عاطفية، إلا أنه كان هناك اختلاف بين حياتها العملية على خشبة المسرح وبين حياتها الخاصة سواء كان فى منزلها أو علاقتها بأصدقائها المقربين، هذا ما يرصده ويُقدمه ويُفسره كتاب «أم كلثوم التى لم يعرفها أحد»، للكاتب الكبير محمود عوض، الذى كان صديقًا شخصيًا لأم كلثوم رغم الفارق العمرى الكبير بينهما، يرصد عوض بين طيات كتابه الإنسانيات التى لا نعرفها فى حياة أم كلثوم فيقول: «من الأمور المُتكررة كل يوم جمعة أن تخرج أم كلثوم فى جولة مع زوجها سيرًا على الأقدام فى شارع النيل، إن أم كلثوم تحب المشى، إنها تسير يوميا لمدة ساعة تقريبا على النيل، ما عدا أيام الصيف، لأن الجو بيبقى حر، وهى تصلى، ومن أحسن أوقاتها تلك التى تجلس فيها ممدودة القامة حافية القدمين، مرددة آيات القرآن الكريم، إن القرآن، والمشى جزأن من التقاليد الثابتة فى حياة أم كلثوم، مواعيد النوم والاستيقاظ أيضا ثابتة غالبا، فى اليوم العادى لا تتأخر فى النوم، بالكثير الساعة الحادية عشرة مساء، ثم تستيقظ فى الثامنة صباحا، لا إفطار، مجرد فنجال شاى، الغداء أيضا حسب الظروف، أما الوجبة الرئيسية فهى العشاء، ولكن، عندما تكون لديها بروفات، أو حفل عام يتغير الجدول، الغداء يصبح هو الوجبة الرئيسية، لحوم طيور وخضراوات، «الشعرية» من أحب الأطعمة عند أم كلثوم، بعد الغداء تشرب دائما عصير فواكه طبيعيًا، وفى ليلة الغناء لا تتناول أى أطعمة فى المساء، لا عشاء، ولكنها قبل الغناء لا بد أن تشرب فنجان قهوة باردا عادة». وأشار محمود عوض فى كتابه إلى أن أم كلثوم رأت القاهرة بعيون مختلفة، فهى الفتاة الريفية صغيرة السن غير المدركة لواقع القاهرة المختلف عن بلدتها، حيث تقول: «القاهرة كانت كالمريخ فى كل شيء، البيوت مختلفة والشوارع والجمهور مختلف»، . كما يرصد الكاتب الصفعة التى تعرضت لها أم كلثوم فى إحدى حفلاتها وهى صغيرة وذلك عام 1926 حينما كانت تغنى فى كازينو البوسفور، حيث تقول أم كلثوم: «فى تلك الليلة بدأت أغنى كالعادة فى العاشرة مساءً، ولم تكن هناك آلات تصاحبنى فى الغناء كان أفراد التخت 4 منهم أبى وأخى خالد، وكنت أغنى المدائح النبوية والقصائد، إلا أن أفراد الجمهور بدأوا يطلبون الأغانى السائدة حينها، فرفضت الغناء فهم أحدهم بإغلاق الستارة وحدثت مشادة فيما بيننا وأنا طفلة مما دفعنى لإهانة أحدهم، وعلى الفور صفعنى والدى على وجهي، لم أفهم المغزى من صفعته فى البداية إلا أنى أدركت فيما بعد أن هذه الصفعة كانت لحمايتى أن يقوم أحدهم بالتعدى عليّ بالضرب، كما أنها كانت درسًا لى بألا أعتدى بالسباب على أى من الجمهور مهما كان تصرفه معي».