تختلف عادات الاحتفال بقدوم شهر رمضان من بلد لآخر، ومن محافظة لأخرى، بل من مدينة لأخرى، وفى أسيوط لا تفرق موائد الرحمن بين المسلمين أو الأقباط، حيث يصطف الجميع معا، وتتعالى الضحكات ويفطر المسلم بجوار أخيه المسيحى فى أجواء من الحب والود، فى أكبر رد فعل على الجماعات الإرهابية، والدول المساندة لها، بأن مصر بلد الوحدة الوطنية الحقة. من أبرز مظاهر الاحتفالات اللمة على «موائد الإفطار» والعزومات التى يعقدها الأصدقاء بالمنازل والبيوت، مسلمين ومسيحيين، والإفطار بشوارع المدن، التى تصادف تواجدك بها عند تأخرك بالعمل ووجودك بالشارع. وتختلف الطقوس والعادات من مركز لمركز فى أسيوط، ففى مركزى صدفا وأبوتيج، ستجد الأهالى صغيرهم قبل كبيرهم يفترشون موائد الرحمن على امتداد الطريق الزراعى سوهاج – أسيوط، والأطفال ينتظرون الأذان للوقوف أمام سيارات الميكروباص والتاكسيات، من أجل الدخول للموائد الرمضانية، لمنحك كوبا من العصير أو بعض من البلح الجميل أو حتى شربة ماء، فالجميع يحرص على الثواب والأجر لدرجة أننى رأيت ذات مرة طفلا منقوش على يديه صليبا أى مسيحيا، يقوم بتوزيع البلح على المارة، وعندما سألته لماذا وأنت مسيحى؟ قال: أنا بعمل خير زى الأطفال.. مشيرا إلى أطفال مسلمين يقوم بنفس الفعل الذى يفعلونه!! كما أن كبار العائلات فى «صدفا»، تقوم بعمل إفطار لعائلاتهم مثل عائلات «المسايكة» و«العلماء» والكثير من عائلاتها التى تعمل إفطارا يوميا لجموع عائلاتها، والغرباء الطارقين أبواب قرية «دوير صدفا» التى يقطنون بها من الغرباء. وإذا تواجدت فى أبنوب، أو مدينة أسيوط، وديروط، ومنفلوط، والقوصية، والفتح، تظهر موائد الرحمن التى تنظمها مجالس المدن، والتى تأتى فى إطار مشاركة الحكومة للفقراء بهذه المناسبة. وكثير من الفقراء يستحون الذهاب لتلك الموائد، ويشعرون أنها إهانة لهم على غير الحقيقة، وهناك من يستغل شهر الخيرات من العمال وذوى الحاجة، بإحضار ذويهم وأطفالهم للاستفادة من هذه الموائد، ورمضان كريم فهو شهر الخيرات للجميع. هذا بخلاف قيام أغنياء تلك المراكز بتنظيم موائد الرحمن فى مناطق متفرقة لمدة يوم وأحيانا أكثر، كل طبقا لدرجة مقدرته واستطاعته فيقوم مثلا «مصطفى عبدالنبي» رجل الأعمال بعرب العوامر، و«طارق نصار» رجل أعمال بأبنوب، بتنظيم موائد للرحمن فخمة، وهو ما يدخل السعادة والبهجة للفقراء ولكثير من محتاجى المركز، وفى أجواء من الحب والمودة والروحانيات التى يغرسها هذا الشهر الكريم فى النفوس. ورغم أنه يوجد فى محافظة أسيوط أقباط تصل نسبتهم إلى 39٪ من سكانها، لكن لا نستطيع فى شهر رمضان التعرف على المسلم من المسيحى، فالجميع يحتفلون والجميع يشاركون بعضهم البعض فى الأفراح والأحزان وحتى فى مناسك العبادة. ويتجمع الأقباط والمسلمين على حد سواء بنواح متفرقة من أسيوط وبافتراش موائد الرحمن سويا للمفطرين الغرباء وللفقراء، بل ويمازح النصارى إخوتهم المسلمين بحبهم لصيام رمضان، ورغبتهم فى الصيام كالمسلمين فى روح مملوءة بالحب والإخوة، ولتثبت للعالم كله أنه لافرق فى مصر بين مسلم ومسيحى، وجميعهم على أرض مصر سواء، بل ولإثبات أن كليهما يشارك الآخر فرحه وحزنه، بل وفى مساعدته أداء مناسك عبادته التى تقربه «لله عز وجل».. ففى أسيوط «الدين لله والوطن للجميع».