قد يستغنى المواطن عن بعض السلع فى ظل ارتفاع الأسعار، وارتفاع معدلات التضخم التى تجاوزت 30 بالمائة، لكن لا يستطيع المواطن الاستغناء عن الدواء، خاصة الأدوية الحيوية، والتى قد تؤدى إلى الوفاة حال عدم تناولها.. لكن وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، لم يعِ ذلك، ورضخ لمطالب شركات الأدوية التى هددت بوقف الإنتاج، فقام برفع الأسعار، مؤكدا انتهاء أزمة نقص الأدوية، وهو ما لم يحدث، فتقرير المركز المصرى للحق فى الدواء يشير إلى نقص 400 دواء فى السوق المصرية، منها أدوية حيوية. ففى ظل غياب منظومة مُتكاملة تعمل وفق سياسات محددة لصناعة الدواء، ما زالت الأزمات تلاحق تلك الصناعة، وتبقى أزمات نقص الدواء متكررة، ولن تجد وزارة الصحة سوى أسهل الحلول لمواجهة الأزمة، وهى رفع أسعار الدواء.. وفى ظل تكرار أزمات نقص الدواء يبقى السؤال: ماذا فعل وزير الصحة لمواجهة الأزمة؟! وهل توفير بدائل الأدوية كافٍ لمواجهة الأزمة التى باتت تهدد المرضى أصحاب الأمراض المزمنة؟! وماذا عن أدوية السرطان والمناعة والكبد وزراعة الأعضاء التى ليس لها مثيل فى الأسواق؟! قائمة ب400 نوع ناقص فى الأسواق «الأطباء» تقدم روشتة ل «الصحة» لتوفير الدواء دون زيادة سعره.. والوزير يتجاهلها رفض الوزير مقترحات نقابة الصيادلة والأطباء بضرورة مراجعة شاملة لسياسات التسعير، فى ظل التلاعب من غرفة صناعة الدواء بين الحين والآخر بحجة ارتفاع تكلفة الإنتاج. خضع وزير الصحة لمطالب أصحاب شركات الأدوية برفع الأسعار بعد تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضي، وتهديدهم بوقف الإنتاج تحت دعاوى تحقيق خسائر، فى الوقت الذى تحقق فيه شركات الأدوية أرباحًا طائلة، ورفض الوزير مقترحات نقابة الصيادلة والأطباء بضرورة مراجعة شاملة لسياسات التسعير، فى ظل التلاعب من غرفة صناعة الدواء بين الحين والآخر بحجة ارتفاع التكلفة الإنتاج. كان وزير الصحة قد برر قراره برفع الأسعار، بأن القرار سيعمل على توفير الأدوية الناقصة فى السوق، والتى امتنعت الشركات عن إنتاجها، لكن «البوابة» رصدت استمرار الأزمة، وترك المريض فريسة لمافيا الدواء. ونشر المركز المصرى للحق فى الدواء قائمة بالأدوية الناقصة، شملت القائمة نحو 400 دواء، فى مقدمتها أدوية العمليات الجراحية وأدوية القلب والكبد والأورام، فضلًا عن نقص حاد فى «يوناسين 375 حقن، ويوناسين 1500 حقن»، وأدوية الضغط ك«إيفورتيل نقط، وكوراسور نقط»، وأدوية السكر ك«ديافاج 500 أقراص، وسيدوفاج 1000 أقراص»، وأدوية علاج الجفاف للأطفال ك«ريهيدران أكياس، وريهيدروزينك أكياس»، وأدوية خاصة بعلاج المغص مثل بوسكوبان أقراص، و«بوسكوبان كومبوزيتم» أقراص، وأخرى تستخدم كعلاج للعقم عند الزوجين ك«وريمون حقن»، و«هيومان كوريونيك» و«جونادوتروفين حقن». فى محاولة لتخفيف حد رفع أسعار الأدوية على المواطنين وامتصاص الغضب الجماهيرى المتوقع، حاول الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، التظاهر فى بادئ الأزمة أن قرار رفع أسعار الدواء قرار استراتيجى ليس سهلًا، ولكنه مضطر إلى اتخاذ القرار، لكنه أكد أن رفع الأسعار لن يمس الأدوية التى تعالج الأمراض المزمنة، لنفاجأ بارتفاع أسعار أدوية السكر والضغط، ثم تظاهر وزير الصحة بدراسة مطالب الشركات والموافقة على رفع أسعار الأدوية غير المعالجة لأمراض مزمنة كالكبد والسكر والمضادات الحيوية بحجة الضغوط العنيفة من قبل غرفة صناعة الدواء لرفع الأسعار، بحجة خسارة الشركات والتهديدات بالتوقف عن الإنتاج، ليفاجئنا وزير الصحة برفع الأسعار تدريجيًا لتطال 80٪من الأدوية. وحاول وزير الصحة الدفاع عن قرار رفع الأسعار قائلا: «غرفة صناعة الدواء ضغطت علىّ كثيرا بعد انعكاس أزمة نقص الدولار على استيراد الخامات والمستلزمات الطبية الضرورية»، معترفا بأن الأزمة أدت إلى نقص أكثر من 600 صنف دوائى حيوى فى الأسواق. وفى الوقت الذى يصر فيه وزير الصحة على أنه لا بديل عن رفع أسعار الأدوية، قدمت نقابة الأطباء روشتة عاجلة، تؤكد فيها أنه يمكن توفير الدواء بعد تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى دون زيادة سعره، حيث كشفت أن كثيرا من الأدوية المستوردة مرتفعة الثمن لها بدائل محلية الصنع متفاوتة السعر بشكل كبير، وضربت مثلا بأحد الأدوية المستخدمة كمضاد للتجلط، فسعر الدواء المستورد 205 جنيهات، وسعر بعض البدائل المحلية يصل إلى 145 جنيها، فى حين سعر بدائل أخرى محلية أخرى تتراوح بين 10 جنيهات و12 جنيها، موضحة أن الحل باختصار هو تصحيح سياسات التسعير لرفع سعر المنتج المسعر بسعر شديد التدنى إلى 20 جنيها على أقصى تقدير، لتستطيع الشركة المنتجة التوسع فى إنتاجه.. وبهذه الطريقة نستطيع تغطية احتياجات المواطن بالبديل الأرخص سعرا، كما تستطيع الدولة تلبية احتياجات المستشفيات الحكومية والجامعية والتأمين الصحى بهذه البدائل الرخيصة السعر. كما تبين من الروشتة التى لم يهتم بها وزير الصحة أن الشركات تستطيع توفير الدواء بهذا السعر وتربح، من خلال دعم غير مباشر من الدولة مثل إعفاء مستلزمات الإنتاج من الجمارك. الدكتور هانى سامح، منسق تمرد الصيادلة، كشف أن هناك تفاوتًا رهيبًا فى تسعير نفس الدواء، وهو ما طالبت نقابة الصيادلة من وزارة الصحة بضرورة مراجعة شاملة لسياسات التسعير، مشيرا إلى أن تسعير الدواء بحاجة إلى إعادة النظر فى ظل التلاعب من غرفة صناعة الدواء بين الحين والآخر بحجة ارتفاع تكلفة الإنتاج.