وسط أجواء من الحذر والترقب خوفًا من الإخفاق والفشل بدأت اليوم بمدينة بالى الأندونيسية فعاليات المؤتمر الوزاري التاسع لمنظمة التجارة العالمية والذى يعقد خلال الفترة من 3- 6 ديسمبر الجاري، حيث قام الدكتور سوسيلو يودويونو، رئيس جمهورية إندونيسيا، بافتتاح المؤتمر وسط مشاركة وزراء تجارة 159 دولة عضو بالمنظمة إلى جانب اليمن والتي سيتم اعتماد انضمامها خلال فعاليات المؤتمر ليصبح إجمالي الدول الأعضاء 160 دولة، إلى جانب وزراء الدول الحاصلة على صفة مراقب وممثلي العديد من الهيئات والمنظمات الدولية. وقال السيد منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة، ورئيس الوفد المصري المشارك في المؤتمر، إن هذا المؤتمر يعقد في ظروف بالغة التعقيد حيث شهدت مفاوضات منظمة التجارة العالمية متغيرات كثيرة وسريعة على مدى الأسابيع القليلة الماضية تكاد تعصف بالمجهودات التى تم بذلها على مدى الإثنى عشر عامًا الماضية، لافتًا إلى أنه يأمل في أن يتم التوصل خلال الاجتماعات إلى صيغ توافقية تراعى مصالح كافة الدول أعضاء المنظمة. وعلى هامش فعاليات المؤتمر ترأس الوزير اجتماع وزراء التجارة العرب أعضاء المنظمة حيث تتولى مصر حاليا رئاسة المجموعة العربية ، وقد ألقى كلمة اكد خلالها على ضرورة التنسيق الكامل بين المجموعات المختلفة للدول النامية والأقل نموًا خاصة المجموعة العربية لبلورة موقف تفاوضي موحد سعيًا نحو الوصول إلى اتفاقات متوازنة تلبي احتياجات واهتمامات جميع الدول الأعضاء لا سيما الدول النامية والأقل نموًا. وأضاف عبدالنور، رئيس المجموعة العربية بالمؤتمر أن عقد المؤتمر الوزاري التاسع لمنظمة التجارة العالمية هذا العام يأتى فى ظل تحديات وصعوبات جسام تمثلت بصفة رئيسية فى بعض المواقف التفاوضية المتشددة لعدد من الدول فضلا ً عن التعارض الكبير والتضارب فى الرؤى والمصالح بين الدول المتقدمة من جانب والدول النامية والأقل نموًا من جانب آخر، الأمر الذى تسبب فى تصلب المفاوضات التى تجرى فى إطار المنظمة لنحو12 عامًا عقب جولة الدوحة 2001. وأشار إلى أن الموقف الحالى للتفاوض يتطلب تنسيق مواقف كل من المجموعة العربية والمجموعة الإفريقية للتأثير مستقبلا فى مسار المفاوضات متعددة الأطراف بما يخدم مصالح بلادهم، مشيدًا بالتعاون المثمر والبناء والتواصل المستمر بين المندوبين الدائمين وممثلي البعثات العربية فى جنيف من أجل دعم أواصر العمل العربى المشترك فى منظمة التجارة العالمية، داعيًا إلى ضرورة تكثيف التعاون والاستعداد الجيد لمفاوضات ما بعد بالى لاستغلالها فى طرح الموضوعات ذات الأولوية للدول العربية. كما أكد الوزير على ضرورة تركيز إستراتيجية المجموعة العربية بمنظمة التجارة العالمية خلال المرحلة المقبلة على العمل على إستكمال المفاوضات فيما يتعلق بالأجندة التنموية التى تم إقرارها فى جولة الدوحة 2001، ووضع آلية لتنفيذها وفقا للإطروحات التى تقدمت بها الدول النامية آنذاك مع إعطاء الاولوية للمعاملة الخاصة والتفضيلية للدول النامية والأقل تقدما وذلك قبل النظر فى إضافة أية قضايا جديدة على أجندة المفاوضات . وأضاف أن الاستراتيجية لابد أن تشتمل أيضا على استكمال المطالبة بالسماح لكافة المنظمات الحكومية الدولية بالمشاركة على قدم المساواة ودون استثناء كمراقب فى منظمة التجارة العالمية بما يفسح المجال أمام الجامعة العربية للإنضمام مع التأكيد على أهمية وضع قواعد إرشادية تعلى مبادئ الشفافية فى هذا الشأن وفقا للمقترحات التى قدمتها المجموعة العربية فى هذا الخصوص عام 2011، بالإضافة إلى العمل من أجل إعتماد اللغة العربية كلغة عمل رسمية بمنظمة التجارة العالمية والذى يعد أمرا ضروريا من أجل تسهيل مشاركة حكومات الدول العربية بفاعلية فى عمل المنظمة. ودعا المجموعة العربية بمنظمة التجارة العالمية إلى ضرورة السعى نحو إنهاء الإجراءات الخاصة بالموافقة على إنضمام فلسطين كمراقب دائم بالمنظمة، مع التشديد على الرفض التام لجميع محاولات تسييس قضية إنضمامها والتى تؤثر سلبا على مصداقية المنظمة بإعتبارها تعنى فقط بالأمور التجارية، إلى جانب الإستمرار فى المطالبة بمنح جميع الدول العربية دون إستثناء حق الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية فى ظروف تسمح لها بتحقيق أهدافها التنموية وتعزيز قدراتها الإقتصادية والتجارية. وفى هذا الصدد قدم عبد النور التهنئة لدولة اليمن لإنضمامها لمنظمة التجارة العالمية والتى بموجبها تصبح هى الدولة العربية الثالث عشر التى تنال عضوية المنظمة، مشيرا إلى أن ذلك سينعكس بشكل إيجابى على تعزيز الجهود التى تبذلها المجموعة العربية للدفاع عن مصالحها فيما يتعلق بكافة الملفات والقضايا المثارة فى إطار المنظمة . كما أوضح الوزير أن الملفات التى لم يتم التوصل لإتفاق نهائى بشأنها تضم إتفاق تسهيل التجارة الذى لم يتم التوصل لإتفاق تام على صياغته بالرغم من أنه يعتبر متوازنا إلى حد كبير و صياغته لا تنطوى على أية إلتزامات مجحفة بالدول النامية والأقل نموا، مضيفا أن مشروع الإتفاق قد نص على أحقية هذه الدول فى تصنيف إلتزاماتها والحصول على فترات إنتقالية لتنفيذ بعضها وفقا لدرجة حساسيتها بالنسبة لها، على أن تقوم بتحديد الفترات التى تحتاجها بإرادتها المنفردة ودون أدنى تدخل من الدول المتقدمة، كما تم تخصيص القسم الثانى من مشروع الإتفاق لربط تنفيذ الدول النامية والدول الأقل نموا لإلتزامها بالمساعدات المالية والفنية والتى ستقدمها لها الدول المتقدمة والجهات المانحة مع حقها فى التحلل من تنفيذ هذه الإلتزامات حال عدم تلقيها المساعدات الكافية فى هذا الخصوص. وأشار أنه بالنسبة لملف الزراعة فقد تم التأكيد على أهمية الأمن الزراعى للدول النامية والأقل نموا، وتم مساندة مقترح مجموعة ال 33 الخاص بتخزين السلع الزراعية لأغراض الأمن الغذائى بإعتباره أحد الوسائل التى من الممكن أن تساهم فى توفير مساحة للدول العربية النامية والأقل نموا لمواجهة تحديات الأمن الغذائى لديها. أما فيما يتعلق بملف التنمية فقال الوزير أنه تم التأكيد على أهمية تنفيذ الفقرة 44 من الإعلان الوزارى الصادر عن مؤتمر الدوحة 2001 والذى أكد على أهمية تعزيز المواد المتعلقة بالمعاملة الخاصة والتفضيلية للدول الأقل نموا الأعضاء بالمنظمة وجعلها أكثر " دقة وفاعلية وقدرة على الإعمال" والذى أسفر عن الموافقة على إعداد مشروع قرار بتجديد الإستثناء الممنوح للدول الأقل نموا فيما يتعلق بملف الخدمات وهو الإستثناء الذى تم إقراره لأول مرة عام 2011، لافتا إلى أنه قد تم لأول مرة أيضا إعداد مشروع قرار يمنح معاملة تفضيلية للدول الأقل نموا فيما يتعلق بالأحكام المنظمة لقواعد المنشأ. وأكد أنه على الرغم من ذلك فإنه يجب على الدول العربية الإستفادة من مؤتمر هذا العام وبذل كل الجهد للعمل على محاولة الوصول لإتفاق وذلك بالبناء على الموضوعات التى تم التوصل لإتفاق بشأنها فى إجتماع الخبراء وممثلى الدول العربية والذى عقد فى جنيف فى الفترة 3 -4 من أكتوبر الماضى تحت إشراف منظمة الإسكوا، إلى جانب مناقشة كافة السبل للتوصل لإتفاق على الموضوعات التى لم يمكن التوصل لإتفاق بشأنها بعد. هذا وقد تناول وزراء التجارة العرب خلال إجتماعهم عدد من الموضوعات ومنها مبادرة الدعم من أجل التجارة فى الدول العربية والتأكيد على تبنى المجموعة العربية لمنح صفة المراقب الدائم لجامعة الدول العربية وإدخال اللغة العربية كأحد اللغات الرسمية المستخدمة فى المنظمة فضلاً عن إنضمام الدول العربية إلى المنظمة ، حيث طالب وزيرا تجارة كل من الجزائر والسودان بضرورة تقديم الدول العربية أعضاء المنظمة المزيد من الدعم والمساندة للدول العربية الراغبة فى الإنضمام للمنظمة خاصة وأن مفاوضات الإلتحاق بالمنظمة تستغرق فترات طويلة تتراوح بين عشر إلى عشرون عاماً. وفى هذا الصدد أكدت السفيرة وفاء بسيم مندوب مصر الدائم فى جنيف أن البعثة المصرية فى جنيف تقدم العون والمساعدة لكل الدول العربية الراغبة فى الإنضمام للمنظمة وعلى إستعداد تام لتقديم الدعم الفنى اللازم لمساندة الدول العربية فى إنجاز الإجراءات الخاصة بالإنضمام إلى المنظمة . كما إستعرض الإجتماع الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المؤتمر الوزارى التاسع وكذا إعتماد مشروع البيان الوزارى الخاص بموقف الدول العربية تمهيداً لرفعه لسكرتارية المؤتمر الوزارى بالمنظمة ، وقد اشاد وزراء التجارة العرب بدور مصر فى قيادة المجموعة العربية خاصة جهود البعثة المصرية بجنيف بقيادة السفيرة وفاء بسيم فى إدارة المفاوضات داخل المنظمة والحفاظ على مصالح الدول العربية . كما القى وزير التجارة والصناعة كلمة فى إجتماع البنك الإسلامى للتنمية أشاد خلالها بمجهودات المجموعة العربية بمنظمة التجارة العالمية على ما تحقق من خلال تبني مبادرة المعونة من أجل التجارة للدول العربية. تلك المبادرة التي تهدف بصفة رئيسية إلى معاونة الدول العربية الأقل نمواً على محاربة الفقر وخلق مزيد من فرص العمل، بالإضافة إلى الدفع بالعمل المشترك من أجل تحسين قدرات التجارة للدول العربية وتعزيز قدرة الجامعة العربية على قيادة عملية التكامل الإقليمي. وقدم الوزير شكره إلى المملكة العربية السعودية والبنك الإسلامي للتنمية لإستضافتهما أول إجتماع لمجلس إدارة هذه المبادرة، والذي عُقد بجدة خلال يومي 6 و 7 نوفمبر 2013، والذى تم خلاله الإتفاق على بدء خطة المسار السريع للبدء في تنفيذ المبادرة في حدود التمويل المتوفر حالياً وقدره 2 مليون دولار والذي سيغطي نشاطات التنفيذ على مدار عام واحد فقط، وهو ما يتطلب تشجيع الممولين في الإسهام بهذه المبادرة من أجل تحقيق النتائج المرجوة منها. وقد ضم الوفد المصرى المشارك فى إجتماعات المؤتمر الوزارى التاسع لمنظمة التجارة العالمية كل من السفيرة وفاء بسيم مندوب مصر الدائم لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف والسيد هانى بسيونى رئيس المكتب التجارى بجنييف إلى جانب ممثليين لقطاع الإتفاقات التجارية ، هذا ومن المقرر أن يلقى السيد منير فخرى عبد النور غداً كلمة مصر أمام المؤتمر كما سيعقد لقاءات ثنائية مع عدد من وزراء تجارة الدول الأعضاء بالمنظمة