المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»

«الكل مُلحد حتى تسقط الطائرة.. والكل مُتديِّن حتى تأتي العاهِرة.. والكل شيوعي حتى يأتي المال، والكل ثوري حتى تأتي الهجرة». مقولة شهيرة تحتاج لإضافة عبارة «والكل صحفي حتى يكتب بنفسه».
أعتقد أن الاستهلال السابق مناسب لحالة الجدل والتنظير العقيم الذي يدور بين الفَيْنة والأخرى كلما فُتِح باب النقاش حول قياس الأداء الإعلامي خصوصًا المتعلق بالمواقع الإخبارية.
الاتهامات دائمًا جاهزة تخرج من الأدراج صوب الصحافة الإلكترونية فتارة «ترويج شائعات»، وأخرى «ركاكة اللغة وضعف الاتساق»، وبينهما مئات الاتهامات حول البناء التحريري للمحتوى، وأغلبها حق يراد به باطل.
فعملية تقييم جودة المواقع الإخبارية لا تتم وفقًا لإطار منهجي يعتمد على معايير واضحة تُحدِّد مدى توافق المنتج الصحفي مع حاجة الجمهور الجديد الذي طرأت عليه الكثير من التغييرات بفعل هَوَس استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فلم يَعُد المستخدم مجرد متلقٍّ للمعلومات بل مشارك فيها، والأدهى أن هذا الشريك يتمتع بصفات عدائية وشراسة لا نهائية في رد الفعل، فضلا عن الذاتية المُبالَغ فيها.
مما سبق سيكون الطريق الأسهل لصناع المواقع الإخبارية هو الإشراف على عملية اندماج وتوحُّد كاملة بين اللغة الصحفية ومصطلحات مواقع التواصل الاجتماعي، خشية الاصطدام بأنياب الجمهور الجديد.
بالطبع هذا الواقع أثَّر كثيرا في معايير الجودة، وإذا أضفنا لذلك واقعًا مريرًا متعلقًا بضعف مستوى التدريب جعل المواقع الإخبارية تبدو كمصانع «الصابون» ما أن تأتي المعلومة حتى تدحرج على أرضية لزجة لتظهر مُشوَّهة فتقع فريسة لجمهور يفتقد للرحمة، وهو ما حدث عندما نشر أحد المواقع الكبرى عنوانا عن هاشتاج دشنه بعض النشطاء على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» تأييدًا لانسحاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء كلمة أمير قطر في القمة العربية المنصرمة.
وكما يقول العالم الراحل مصطفى محمود: «لن تكون متدينًا إلا بالعلم، فالله لا يُعبَد بالجهل»، كذلك «المواقع الإخبارية صناعة لا تنجح إلا بالعلم»؛ ولذلك سنرصد 6 معايير متعلقة بجودة المواقع الإلكترونية بشكل عام وضعها الدكتور فراس محمد العزة، مدير مركز الجودة والتدريب في كلية تكنولوجيا المعلومات بجامعة الزيتونة مع إضافة 4 معايير أخرى متعلقة بماهية العمل الصحفي، وهي كالتالي:
المسئولية الفكرية
تتعلق بالسياسة التحريرية ومدى خدمة المعلومات المنشورة للمجتمع وتحقيقها للهدف الرئيس للموقع، وقد يتسع هذا المعيار ليشمل القيمة الاستعمالية للمواد المنشورة وطريقة التعاطي مع الموضوعات الأكثر بحثًا.
التكاليف
وهي المتعلقة بالتكلفة الحقيقية للموقع، فالنجاح بتكلفة قليلة غير النجاح بتكلفة باهظة، وليس كل من يملك إمكانيات باهظة يجب أن يتصدَّر.
التغطية الكميَّة
كمّ الأخبار التي تُضَخُّ على مدار 24 ساعة، فلا يمكن المساواة بين موقع يضخ 500 خبر وآخر ينشر أكثر من 2000 خبر.
التغطية الزمنية
سرعة نشر الأخبار العاجلة والتغطية المتميزة في أحداث الحوادث والانفجارات والقرارات المهمة، والانتخابات ونتائجها .... إلخ، فحداثة الأخبار ودقتها ومصداقيتها معيار مهم في تقييم أي موقع إخباري.
التغطية المكانيَّة
مدى قُدرة الموقع على التغطية الجغرافية للجمهور المستهدف، والأماكن المستهدفة من المادة الصحفية، وسُبُل الحصول على المعلومات محور اهتمام تلك المنطقة.
التغطية اللغويَّة
الجودة في صياغة الأخبار، وقلة الأخطاء اللغوية، فالهدف الدائم للصحافة هو الارتقاء بثقافة الجمهور، وسهولة المعالجة وبساطة الأسلوب.
التغطيَّة الموضوعية
طريقة معالجة الموقع للأخبار، وطريقة التناول والتحلِّي قدر المُستطاع بالحيادية والموضوعية ومراعاة التكامل والشمول، فمهما كان توجُّه الموقع يجب أن يتناول جميع الأخبار المتعلقة بالتوجهات الأخرى، حتى لا ينفر جزء كبير من القراء من الموقع ويصبح مجرد سجن يجتمع فيه أبناء التوجُّه الواحد.
التغطية الشكلية
وهو معيار متعلق بجودة تصميم الموقع وقدرته على تحقيق الأهداف التفاعلية والجمالية التي صُمِّم من أجلها، وطريقة تعاطيه مع ردود أفعال الجمهور في التعليقات والبريد الإلكتروني.
إمكانية الوصول للموقع
معيار متعلق بطريقة ظهور أخبار الموقع على محركات البحث خصوصًا "جوجل" وشكلها بعد مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
حجم الزوَّار
هو معيار لحجم الزيارات، وتُقاس عبر خدمة جوجل أناليتكس «Google Analytics»، والتي تمكنك من معرفة عدد القراء داخل الموقع لحظة بلحظة، وتفاصيل مهمة عنهم، والأخبار محل اهتمام المستخدمين، وتمنح إدارة الموقع تقارير دقيقة عن الفئات العمرية للزوَّار، وأوقات تصفحهم.
ختامًا: هناك الكثير من الأساليب التي يمكن عن طريقها تقييم جودة المواقع الإخبارية سنستعرضها في حلقات مقبلة تتعلق بالجوانب الرئيسة للصناعة «الإدارة، والتحرير، والتصميم، والتسويق».