في مجموعتها القصصية الأولى “,”دوار البر“,” الصادرة عن دار إيزيس للنشر، اعتمدت الكاتبة الصحفية الشابة رانيا هلال على اللقطات المصورة وقصة الومضة، بتكثيفها الواضح ورؤيتها الثاقبة من خلال موقف واحد وربما لحظة واحدة قد تمر بنا دون أن نتوقف عندها، لكن عيون الناقد والمصور هي فقط القادرة على التقاط اللحظة، ورانيا في مجموعتها القصصية الأولى تمكنت من تصوير هذه اللقطات بنجاح وسرعة بديهة ساعدها عليها عملها الصحفي الذي يحتاج لهذه الرؤية. جاء إهداء رانيا مثل حكاياتها، مكثفًا وجامعًا لما تريد أن تقول: إلى ستو.. ملكة الحكايات الأولى، إلى أمي أحيتني بالأمل وسط المحن، إلى مصطفى رزق ستظل رزقي المصطفى، دمت إيمانًا طفوليًّا وشعاع نور أبديًّا. ثم كانت كلمة الشاعر العربي الكبير جبران خليل جبران: “,”لو أنك فتحت عينيك وأمعنت النظر.. لرأيت صورتك ماثلة في كل صورة.. ولو أرهفت أذنيك وأصغيت.. لسمعت صوتك في كل الأصوات“,”. جمعت رانيا في مجموعتها الأولى “,”دوار البر“,” 15 قصة تنوعت بين القصيرة والقصيرة جدًّا وحملت عناوين “,”شاي بالنعناع الأخضر، صندوق يعتلي الهامات الضاحكة، أغنية ورقصة، دمم ثقيل، ثنائية، جلسة عائلية ودودة، نداءات خضراء تتهاوى ببطء، انسحاب اختياري أخير، في انتظار الأسود، حلم أخير لليلة أخيرة، دوار البر، رفقة النبلاء، مشوار، ومضات الجهة المقابلة، مناديل الورد“,”. عن المجموعة يقول الدكتور سيد البحراوي في كلمته على الغلاف الخلفي: في مجموعة القصص الأولى “,”دوار البر“,” تفاجئنا الكاتبة الشابة رانيا هلال بقدرة فذة على الوعي بفارق ضئيل لا يستطيع الكثيرون التقاطه، بين رؤية رومانسية تسعى لأنسنة الأشياء ورؤية أخرى قد تكون واقعية أو حتى أعمق من الواقعية. تجسد القيمة الاستعمالية لتلك الأشياء وتنجح بمهارة شديدة في الإفلات من فخ أنسنة الأشياء، إلى تجسيد قدرة الملكات الإنسانية (الشعورية والعقلية) على التعامل مع الأشياء على نحو موضوعى “,”لكل شجرة رائحتها الخاصة. لكل شجرة ذاكرتها الخاصة“,”. كما هو حال الإنسان المصري والثورة المصرية الآن. هي طريق الانتقال من حالة ثورية إلى وعي ثوري. وهو نفسه حال رانيا. تقودها كتابتها إلى هذا الوعي العميق بجذور الثورة في التكوين المصري الخاص. لا عبر خطابة أو شعارات أو عظات. وإنما عبر كتابة فنية راقية وجميلة، لا تنفصل بأي حال عن هذا الوعي، فرغم الحرص على بساطة اللغة والحكي تقودنا بنية النصوص القصيرة نسبيًّا والمحكمة الى نهاية فذة في كل نص، تغلقه مكتملًا، كي ينفتح لذي القراءة على مجمل الدلالات المكثفة والعميقة، تلك التي لم نكن نملك الابتعاد عنها في هذه الفقرات القصيرة. هل نحن هنا إزاء ثورة أدبية وليس فقط سياسية تقودها الأجيال الجديدة؟