رجال ضحية التعرض للتحرش الجنسي الوظيفي ( الجزء الثاني) ليست جميع النساء ضحايا ولا كل الرجال جناة, بل هناك رجال ضحايا للتحرش الجنسي من قبل نساء يطمحن في عمل أو مزايا وظيفية أو المساعدة للوصول لمناصب أعلي، تحرش عن طريق تقديم تنازلات بصورة مباشرة أو المساومة على أنوثتها تماما كالمساومة الجنسية من قبل الرجل بنوعية ( الجزء الأول)، ومنهن من تحاول إغراؤه والتحرش به لإثارته حتى لو لم يحاول هو الحصول منها على أي تنازلات جنسية. وبالفعل أصبح معتادا وجود كثيرات يشغلن وظائف ومناصب أعلي من قدراتهن والفضل لما يملكن من قدرات أخرى.! رغم وجود أخريات أحق بتلك الوظائف، الأثر المباشر لذلك السلوك من بعض النساء يعود بصورة مضادة على الأخريات اللاتي يتعرضن للتحرش الوظيفي من قبل رجال تكونت لديهم قناعة أن ذلك أصبح أسلوب التعامل الطبيعي ما بين صاحب المنصب والموظفة ولو بصورة ضمنية وعامل آخر نفسي نتيجة ما صادف من إغراءات جنسية فأصبح يرى جميع النساء سواء.. بمعني يتمنعن وهن الراغبات.! الصمت ورد الفعل السلبي من قبل المرأة أجده من أهم اسباب أنتشار ظاهرة التحرش الجنسي الوظيفي، فكثيرات ممن مررن بتلك التجربة لا يتحدثن عنها نتيجة أسباب عدة منها الخوف, الخوف من مجتمع إعتاد إلقاء اللوم على المرأة خاصة فيما يخص المشكلات الجنسية فتكون هي المتهمة بإشاعة الفتنة نتيجة ملبس أو حديث أو قيامها بإغراء الرجل وبالتالي هو معذور، فتصبح منبوذة من زملاء العمل, مضطهدة، قد تعاقب بالفصل التعسفي أو النقل لدرجة وظيفية أقل فيكون الحل أمامها إما التخلي عن العمل مهما كانت بحاجة اليه أو الرضوخ بصمت وبكلتا الحالتين لا تتخذ أي رد فعل ايجابي. الخوف من الفضيحة خشية وصول الأمر للزوج فتجد منه رد فعل يزيد من قهرها، وخوف الفتاة من فضيحة تلازمها مما يؤثر على فرص زواجها، وخشية مجتمع سيطالبها بإثبات صدق روايتها وعلى الجانب الآخر تجد كثيرات يشهدن بصف المسؤول ذو المنصب وتصبح الضحية كاذبة أو متهمة هي بالتحرش ومحاولة إغراء رب عملها، وعلى الجانب الآخر وسائل الإعلام تستغل الأمر لزيادة الإنتشار بنشر جميع المعلومات عن صاحبة البلاغ وتختلف الآراء والمداخلات حول موقفها وجميعها أمور تؤدي الي فضيحة بمجتمعها فتفضل السكوت والتخلي عن عملها وأحلامها لمن هن أقل منها أو القبول المصحوب بالصمت نتيجة الظروف و إحتياجها للدخل المادي. بكلتا الحالتين تظهر الآثار النفسية على المرأة المتحرش بها بصورة اليأس والإحباط، القلق والتوتر, فقدان الثقة بالجميع خصوصا الرجال، الشعور بالعصبية ونفاذ الصبر بمنزلها، رفضها للعلاقة الجنسية مع الزوج والشعور بتنأيب الضمير والذنب وتزداد الأثار النفسية حتى تصل لمرحلة اللا مبالاة.! لا تنحصر أثار التحرش الجنسي الوظيفي على المرأة فقط بل وعلى مؤسسات وأوساط عمل بأكملها مما يخلق من بيئة عمل غير صحية تؤثر على معنويات العاملات بجانب إنخفاض كفاءة ونجاح المؤسسة حيث توزيع الوظائف لا يقوم على أساس الكفاءات ولكن بقدر ما تقدمه المرأة من تنازلات وإغراءات.. ويمتد الأثر ليشمل المجتمع ذاته حيث مكاتب العمل تحولت لمعارض مزايدات على المبادئ والقيم والتمسك بالمعاير الدينية والاخلاقية، ولكن تظل أخطر تلك الأثار ما يمس أوساط مسؤولة عن البنية الثقافية والفكرية للمجتمع مهمتها النهوض بالمجتمع علميا وفكريا سواء ثقافيا أو أدبيا أو إعلاميا، التحرش بجميع المجالات مرفوض ويعد إنتهاك صريح على حقوق المرأة بداية من العاملات بالمنازل والمصانع وصولا لأعلي المناصب بأكبر المؤسسات، ولكن وجود فساد في بيئة المفترض أنها تؤثر مباشرة في عقل وثقافة ورؤية مجتمع بأكمله فذلك لا يعد إنتهاك لأنوثة إمرأة ولكنه ايضا إنتهاك لحقوق انسان يقدم له أقل مما يستحق ثقافيا أو اعلاميا. التحرش بأماكن العمل ظاهرة منتشرة بالعالم أجميع ليس بوطننا العربي فقط أو مصر فقط، دراسة ميدانية حديثة أجرتها شركة أبحاث عالمية لصالح وكالة الأنباء العالمية "رويترز" كانت السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل المختلطة، وأوضحت الدراسة التي أجريت على 12 ألف موظفة من دول المسح أن 16% من النساء العاملات في السعودية تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل المسؤولين في العمل. فيما جاءت الهند بالمركز الأول بنسبة تصل إلى 26%، أما الصين فقد جاءت في المركز الثاني بنسبة تصل إلى 18%. أما بالنسبة لجمهورية مصر العربية ،أظهر استطلاع أجرته مؤسسة تومسون رويترز في 22 دولة عربية، أن مصر تحتل المرتبة الأخيرة في العالم العربي ك أسوأ مكان يمكن أن تعيش فيه المرأة نتيجة عوامل عديدة أهمها التحرش بالاماكن العامة أو أماكن العمل زقضايا أخرى متعددة..! منع التحرش في أماكن العمل متفق عليه دوليا أنه يعد شكل من اشكال التمييز بين الجنسين وسجل باعتباره انتهاكا لحقوق الانسان سواء كان في مؤسسة كبيرة أو مزرعة بقرية, الكثير من الدول اتخذت إجراءات عملية للحد من تلك الظاهرة حيث تعد أخطر من التحرش المعلن لما ذكرت سابقا من أسباب، ومن ضمن الإجراءات ما يخص توعية المرأة بحقوقها الإجتماعية والعملية والقانونية، وحقها في عدم الرضوخ أو السكوت وإلا تكون تساعد في تفاقم الظاهرة، وعلى الجانب الآخر توعية الأهل والمجتمع المحيط بحق المرأة في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتحرش سواء تحرش عام أو بمكان العمل و السكوت يعد إنتهاك لإنسانيتها بإعتبارها تحمل عار عليها التكتم عليه. من ضمن الإجراءات التي اقترحها للحد من ظاهرة التحرش الوظيفي 1- وجود نقابات او جمعيات خاصة بالعاملات بالمصانع أو المزارع والعاملات بالمنازل تقدم من خلالها شكاوى التحرش. 2- وجود جهات متخصصة لمراقبة بيئة العمل بالمؤسسات للتأكد من كفاءة كل موظف يحصل على علاوة أو ترقية أو فرصة عمل متميزة وكذلك التأكد من نزاهة أي قرارات سلبية تجاه الموظفة و ليست قرارات تعسفية كوسيلة ابتزاز جنسي. على أن تكون تلك جهات خاصة لا تتبع التسلسل الوظيفي أو كدر المؤسسة وإلا انتقلت سلطة الإستغلال الجنسي من صاحب المنصب لمن هو أعلي منه سلطة فتتفاقم المشكلة بدلاً من حلها. 3- كذلك وجود جهات خاصة بإستقبال شكوى من تعرضت للرفض بعد مقابلة عمل رغم مؤهلاتها وخبراتها وتفوقها وقبول من هن أقل منها كفاءة وخبرة فيكون لها حق التظلم. 4- وعلى الجانب الآخر تشريع قوانين جذرية خاصة بحالات التحرش العام، وبالعمل خصوصا لأنه مرتبط بمصدر رزق الكثير من العائلات، تشريعات تقوم على أساس سرية التحقيقات وليس التشهير الاعلامي بالضحية حفاظا على خصوصية الفتاة وعدم تأثر مستقبلها العملي والإجتماعي فيما بعد. 5- عمل دراسات إجتماعية ونفسية وإحصائيات للكشف عن حجم الظاهرة والأسباب والأثار وأماكن تفشي التحرش الجنسي الوظيفي واستطلاعات رأي للحلول. [email protected]