حين سأل مذيع قناة "الجزيرة"، الشيخ أحمد كريمة، عن رأيه في دخول قوات الأمن إلى حرم جامعة الأزهر، كان يريد في الحقيقة إحراج الشيخ، حال موافقته أو معارضته لدخول هذه القوات، حيث ستعني موافقته، رفضه سلمية المظاهرات وتأكيده على نشر الفوضى، فيما ستكون معارضته أقرب إلى الترويج الإعلامي لجماعة الإخوان. حدث ذلك منذ أيام قليلة، شاهدنا فيها الشيخ الجليل يتصدّى للإجابة على سؤال المذيع من القاهرة، ولم يهرع كغيره إلى مقرّ القناة فى مدينة الدوحة - شأن بعض المثقفين - ومنهم صحفي يسارى كبير، ارتضى قبول دعوة القناة والذهاب إليها في مقرّها بالدوحة، بحجة الدخول إلى عرين "الأسد"، ومقارعته الحجة بالحجة والدليل بالبرهان، وكان يمكن لنا قبول هذا "الزعْم" - وإن حال دون تصديقه تسلّمه مكافأة قدرها ثلاثة آلاف دولار نهاية كل لقاء هناك - ناهينا عن آخرين تركوا مواقفهم وهرعوا إلى الدوحة، آخرهم الناقد المصري صبري حافظ، أستاذ الأدب العربي بإحدى الجامعات البريطانية، والذي تركها حديثا للعمل في جامعة الدوحة، مبرِّراً ذلك بأن مهمته علمية لا سياسية، وأن العلم لا وطن له. تلك تداعيات هلّت على الخاطر حين شاهدت الشيخ "أحمد كريمة" يتولى الرد على مذيع القناة، رداً لم يتوقعه هذا المذيع، مع تذكيره له بأن نظام قطر لا يحقّ له التدخل في شؤون غيره، وأن الأولى به تحرير هذا البلد من قاعدتي العديد والسيلية الأمريكيتين على أرضه، مع الإشارة إلى أن قاعدة العديد تعدّ قاعدة أمريكية مستقلة، لا تخضع - بحسب اتفاق الجانبين - للسيطرة أو السيادة القطرية عليها، بل وتمّ النص على مساهمة قطر في تطوير هاتين القاعدتين، حتى تكونا قادرتين على استضافة الطائرات الأمريكية والقاذفات الثقيلة، وكذلك المساهمة في تكاليف إقامة وإعاشة الجنود والقوات الأمريكية. ما لم يقله الشيخ لهذا المذيع، قيام النظام القطري - منذ سنوات - بإلغاء جنسية عشيرة "آل غفران" القطرية، أو الإشارة إلى احتجاز المعارض القطري عبد الرحمن بن عمير النعيمي من دون محاكمة، أو الحكم مؤخرا بالسجن على أحد الشعراء القطريين بتهمة العيب في الذات الأميرية، ولم يحدثّه كذلك عن محاولات النظام القطري للتدخل السافر في شؤون الدول العربية، بدءا من سوريا حتى تونس، والسعي إلى تصوير المشهد الراهن في مصر على أن ثمة حرباً أهلية تجري على أراضيها، كى يكون هناك مسوّغ لتدخل أجنبي. حاول المذيع أن يعود بالشيخ إلى استطلاع رأيه في دخول قوات الأمن إلى حرم جامعة الأزهر، حيث في رأيه لا صلة لدخول هذه القوات بقاعدتى العديد والسيلية في قطر، لكن منطق الشيخ في ردّه كان قاطعا، مما اضطرّ المذيع إلى إنهاء المكالمة. فتحية إلى الشيخ الأزهري الجليل، الدكتور أحمد كريمة.