السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    تعرف على أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    بإجمالي 134 مليون جنيه، رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات مدينة ناصر وجهينة    القاهرة الإخبارية: تقدم ملحوظ في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    "3 تغييرات".. التشكيل المتوقع للأهلي ضد الجونة في الدوري المصري    إصابة 8 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز بسوهاج    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    «البدوي»: الدولة تتبنى خطة طموحة للصناعة وتطوير قدرات العمال    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    روسيا تسقط 4 صواريخ أتاكمز أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم.    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    جيش الاحتلال يقصف أطراف بلدة الناقورة بالقذائف المدفعية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    وزير المالية: الاقتصاد بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    أمر اداري لمحافظ الأقصر برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن والمديريات فترة الاعياد    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    سفاح فى بيتنا.. مفاجآت فى قضية قاتل زوجته وابنه    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    أسعار البيض اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ.. وسياسى.. ومثقف
نشر في البوابة يوم 19 - 01 - 2017

فى كتابه الصادر مؤخرًا بالفرنسية بعنوان «الفلسفة والتاريخ»، يستعيد المفكر المغربى «عبدالله العروي» تصنيفه الشهير لوجوه الأيديولوجيا العربية من منظور تقويمى راهن. الوجوه المذكورة هى «الشيخ» و«السياسي» و«داعية التقنية»، أولها هو الشخصية الأيديولوجية المحورية فى مرحلة الاستعمار، وثانيها هو الشخصية الأيديولوجية فى مرحلة الاستقلال، وثالثها هو الشخصية الأيديولوجية للدولة الوطنية.
الشيخ هو الفقيه الذى تلقى تكوينًا دينيًا كلاسيكيًا واطَّلع على بعض الأدبيات الحداثية العامة والبسيطة، إشكاله الأساسى هو كيف يمكن الخروج من مرحلة الانحطاط، بما يجعله فى موقف رد الفعل الدائم إزاء تفوق الغرب المهيمن بالاستجابة لمختلف مقتضيات الإصلاح فى شتى جوانبه الدينية والسياسية والتقنية، بيد أن مرجعيته العميقة تظل التصورات الطبيعية والمجتمعية ما قبل حديثة خارج الأفق الليبرالى الذى لا يدرك رهاناته الجوهرية.
أما السياسى فهو فى الغالب رجل القانون (المحامي) الذى مارس العمل النضالى ضمن صفوف الحركة الوطنية، ينطلق من نفس السؤال (الخروج من الانحطاط)، لكنه يرى أن المخرج هو إصلاح النظام السياسى من منطلق أفكار الحرية ودولة القانون ومنظور التعاقد الاجتماعى، لكنه ينتزع هذه المثل والمفاهيم من سياقها النظرى ويستخدمها بطريقة نفعية ذرائعية مباشرة.
داعية التقنية هو المثقف الذى تلقى تكوينًا حديثًا فى المدارس والجامعات التى أنشأها الأوروبيون فى حواضر المشرق العربى (فى الأوساط المسيحية)، وليس هو العالم التقنى، بل هو فى الغالب صحفى له بعض الاطلاع على النظريات العلمية والاكتشافات التقنية الجديدة، يرى أن مدخل الإصلاح والنهوض هو استيراد التقنيات العصرية وتدريس ونشر العلوم التجريبية التى تمكّن المجتمع من عناصر القوة المادية كشرط للنهوض السياسى والاجتماعى.
ما يخلص إليه العروى فى تقويمه النقدى لمسار الأيديولوجيا العربية المعاصرة، هو أن الشيخ لم ينجح فى مشروعه للإصلاح الدينى الذى لم يفْضِ إلى بناء لاهوت جديد أو ممارسة تأويلية جديدة للإسلام، كما أن السياسى فشل فى مشروع الإصلاح السياسى والمؤسسى، بينما أخفق داعية التقنية فى مشروعه التحديثى.
وعندما بلور العروى هذا التصنيف أول مرة فى كتابه «الأيديولوجيا العربية المعاصرة» فى نهاية الستينيات، كان يتحدث عن وجوه لا تزال فاعلة فى الحقل السياسى العربى، رغم المنعرج العسكرى الذى دخل فيه العديد من الدول العربية المحورية. أما الآن فقد تغيرت جذريًا هذه الخارطة على عكس ما يعتقد العروى الذى يرى استمرارية هذه التركيبة ولو فى صياغات متجددة.
الفقيه الإصلاحى لم يعد مؤثرًا فى الحقل الأيديولوجى الذى اختطفته تنظيمات الإسلام السياسى الراديكالية الرافضة لمطلب الإصلاح الدينى الذى هو محور مشروع الفقيه النهضوى. ومن هنا ندرك عزوف هذه التيارات عن المنظور الكلامى (اللاهوتي) الذى هيمن على الإصلاحيين الذين سعوا إلى بناء «علم كلام جديد» يعيد بناء المضامين العقدية فى الإسلام، كما أن الحركات الاحتجاجية الإسلامية ترفض من المنظور ذاته هدف تجديد المنظومة التأويلية الشرعية فى جوانبها الأصولية والفقهية. نموذج الفقيه نفسه انحسر فى هذه الخارطة الجديدة، فلا يمكن أن يتماهى مع «الخبير الديني» النشط فى دوائر الفتوى والاستشارة القانونية والمالية ولا «الموظف الدينى العمومي» الذى هو أحد أفراد البيروقراطية الإدارية للدولة، كما أنه لا يتماهى مع «الناشط السياسي» فى تنظيمات الإسلام السياسى الذى هو فى غالب الأحيان محدود الثقافة الدينية.
السياسى بمفهومه التقليدى تراجع تأثيره، فلم يعد الزعيم الحزبى التقليدى المتشبع بالمُثل الليبرالية هو الوجه البارز فى الحقل السياسى، رغم مكاسب الانفتاح والتعددية التى حققتها «الديمقراطيات العربية» الوليدة، فمن الجلى أن الأحزاب الوطنية العريقة التى ارتبطت بحركات التحرر مثل «الوفد» المصرى و«الاستقلال» المغربى و«الدستوري» التونسى، فقدت الجانب الأوفر من زخمها وحضورها الانتخابى. الوجوه السياسية الجديدة تتنازعها نماذج رجل الأعمال النشط فى المجال العمومى والضابط السابق المدعوم من المؤسسة العسكرية، والاحتجاجى الحركى المنحدر من تنظيمات الإسلام السياسى الراديكالية.
نفس الحكم ينطبق على المثقف الوضعى داعية التقنية، الذى لم يعد مؤثرًا فى الحقل السياسى، ولا فى دوائره الفكرية والثقافية، فى مرحلة تغيرت فيها الوسائط الثقافية نفسها من سلطة الكتاب والصحيفة إلى سلطة الشاشة الفضائية والشبكات التواصلية الإلكترونية. المثقف الجديد هو «المدون» الذى هو فى الغالب محدود الثقافة، ضيق الفكر، يستهلك «الوجبات الثقافية السريعة»، حسب اصطلاح عالم الاجتماع «بيار بورديو»، هدفه الإثارة لا الإقناع، تقاسم الانفعالات لا تقاسم الأفكار.
نقلاً عن «الاتحاد الاماراتية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.